أسبوع واحد بات يفصل الحكومة الجديدة عن التقدم رسميا باستحقاق الثقة مجلس النواب، حيث تلتئم اول جلسات مجلس النواب في دورته الاستثنائية، بحسب الإرادة الملكية السامية بدعوة مجلس الامة للانعقاد، في التاسع من الشهر الحالي (الاحد المقبل)، وتضمن جدول اعمالها بندا واحدا فقط هو الثقة بالحكومة.
رئيس الوزراء د. عمر الرزاز استبق انطلاق الدورة الاستثنائية بفتح حوار مع النواب، حيث عقد اجتماعا مع كتل المجلس والمكتب التنفيذي بحضور رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة وأعضاء المكتب الدائم الاسبوع الماضي. الرزاز لم يكتف بذلك وإنما ذهب لانتهاج ما يمكن وصفه بـ"الدبلوماسية الناعمة" مع النواب، حيث فتح أبواب حوارات مع نواب بشكل فردي.
وعلم ان رئيس الوزراء التقى خلال الفترة الماضية عشرات النواب فرادى، وبحث معهم ملفات كثيرة، من ابرزها مشروع قانون ضريبة الدخل المسحوب حكوميا تحت ضغط شعبي، والذي وجد نقدا نيابيا ايضا.
الرئيس والفريق الوزاري يعرفون ان "معركة الثقة" لن تكون سهلة، سيما وأنهم تابعوا خلال الفترة الماضية تصريحات نيابية عالية السقف، تنتقد التشكيل الحكومي، ويعلن نواب في بعضها نيته حجب الثقة، بيد ان الفسحة الزمنية بين التشكيل وموعد الاستثنائية تركت مساحة للرئيس وفريقه للتحرك بين النواب، من كل الاطياف، بغية الوصول لنقاط ومساحات توافق والتقاء.
الواضح، وفق ما يتسرب من اللقاءات الفردية، التي يعقدها الرئيس مع النواب، ان الرجل يفكر في إنهاء موضوع الثقة، ولكنه في الوقت عينه لا يغض النظر عن مواضيع اخرى، وأبرزها مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل، اذ ان هذا الامر كان حاضرا في سواد اللقاءات التي عقدت، حتى ان الحكومة كانت تفكر في خيارين؛ أولهما فتح حوار مع لجنتي الاقتصاد والمالية النيابيتين بصورة موازية لمناقشات الثقة، للوصول لرؤية مشتركة حول مشروع الضريبة المقبل، ومن ثم ارسال المشروع فورا الى النواب.
فيما تلخص الخيار الثاني بفتح حوار قبل ذلك بين الحكومة وقطاعات المجتمع المختلفة (نقابات، احزاب، مجتمع مدني وغيرهم) حول قانون الضريبة قبل إرسال القانون لمجلس النواب، وتشير المؤشرات الواردة من "الدوار الرابع" الى ان الحكومة ستأخذ بالرؤية الثانية، التي أيدها نواب كثر، وقد يبدا الحوار الموسع مع مختلف الفعاليات بالتوازي مع مناقشات الثقة.
الحوارات الجماعية والفردية مع النواب أذابت جزءا من جليد العلاقة، الذي برز بعيد التشكيل الحكومي، واوجد خطوطا يمكن البناء عليها في الثقة، ما يمنح الحكومة دفعة معنوية للأمام، بحسب تقدير نواب.
التوقعات تشير الى ان الحكومة سترسل بعد انتهاء الحوار حول قانون الضريبة المشروع الى مجلس النواب، وان يكون هناك دورة استثنائية ثانية، ربما بعد عيد الأضحى المبارك، او قبله بأيام، يتضمن جدولها مشروع الضريبة وعددا محدودا من مشاريع القوانين الاخرى وأبرزها الجرائم الالكترونية.
في المقابل، فان اوساط النواب تتحدث عن التباسات واشكاليات يجد بعض النواب انفسهم فيها، خاصة ممن اعلنوا مسبقا عزمهم حجب الثقة عن الحكومة، ويقول نائب مخضرم ان "النائب الذي يفكر بحجب الثقة عن الحكومة سيفكر كثيرا فقد لا يرضي ذلك قواعده الشعبية هذه الأيام، خاصة وان النواب يعرفون ان شعبية الرئيس في الشارع ما زالت عالية" حسب تقدير هذا النائب.
ويقول نائب لا يريد التصريح باسمه بسبب عدم حسم موقفه من الحجب او المنح، انه اجرى استطلاعا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يستفتي مؤيديه فيه بمدى تاييدهم لحجب الثقة او منحها، وانه خرج بنتيجة مفادها ان "نسبة مرتفعة من متابعيه تريد منه منح الثقة"، ويعقب على ذلك بالقول ان "المشكلة تتوسع لدى النواب الذين سبق لهم منح الثقة لحكومة د. هاني الملقي السابقة، اذ ان حجبه الثقة عن الحكومة الحالية ومنحها السابقة ستجعله يبدو وكأنه يضع العصي في دواليب الاصلاح الذي تتحدث عنه الحكومة الحالية".
قد يكون من المبكر كثيرا معرفة عدد المانحين والحاجبين للثقة، ويمكن بناء الانطباعات الأولية بعد معاينة رد فعل النواب عند الاستماع للبيان الوزاري وبدء ماراثون المناقشات النيابية.
ومهما كانت الانطباعات فان الحكومة عليها معرفة ان الأمور في المناقشات لن تسير وفق تمنياتها، اذ ستتعرض الحكومة وتشكيلتها لنقد نيابي شديد، ومن غير المستبعد ان يتعرض وزراء فيها بالاسم لمواقف نيابية قاسية ونقد غير مسبوق.
طبعا؛ لا يمكن البناء على قصة سقف الخطابات النيابية بمناقشات الثقة، اذ انه نادرا ما تعكس الخطابات نفسها عند التصويت، ولذا فان الحكومة تعي ان عليها ان تتحمل نقدا غير مسبوق في سبيل الحصول على الثقة النيابية.