خبراء: تقديرات الحكومة المالية في خطاب الموازنة بعيدة عن الواقع
استهجن خبراء ماليون، الفجوة بين خطاب موازنة الحكومة للعام الحالي حول تخفيض العجز والمديونية وبين الأرقام والمعطيات على أرض الواقع.
وبين الخبراء، أن تقديرات الحكومة في الغالب غير صحيحة وفيها مبالغة في التقدير الإيجابي، ولذلك يشعر المراقبون بالصدمة نتيجة الفروقات بين التقديرات والواقع نتيجة للسياسات الخاطئة وغير المبنية على خطة تحفيز للطلب العام.
وارتفع عجز الموازنة بعد المنح في نهاية الربع الأول من العام الحالي الى 470.4 مليون دينار مقابل عجز مالي بلغ حوالي 191.8 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي؛ أي بنسبة ارتفاع 145 %، علما بأن فرضيات الموازنة بنيت على أساس أن العجز سيبلغ 537 مليون دينار في العام الحالي بأكمله.
وبلغ إجمالي الدين العام في نهاية شهر آذار (مارس) من العام الحالي نحو 27 مليار دينار أو ما نسبته 96.4 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لنهاية شهر آذار (مارس) من العام الحالي مقابل 27.2 مليار دينار أو ما نسبته 95.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي.
وتوقعت وزارة المالية، في نشرتها، أن يصل إجمالي الدين العام في نهاية العام الحالي إلى حوالي 28.4 مليار دينار، علماً بأن مديونية شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه تبلغ نحو 7.3 مليارات دينار.
وتتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 93.6 % في العام الحالي، ولينخفض إلى 90.3 % و86.2 % للعامين 2019 و2020 على التوالي.
خبير الاستثمار وإدارة المخاطر د.سامر الرجوب، قال "إن الحكومة عادة تبالغ في التقدير الإيجابي للأعوام المقبلة؛ إذ تبالغ في الإيرادات وتقلل من النفقات وترفع توقعاتها للنمو الاقتصادي".
وأضاف الرجوب "أن الحكومة تقوم بتجميل الموازنة؛ لذلك على أرض الواقع نشهد فجوة كبيرة بين خطابها وما نراه من أرقام".
وبين أن السياسات الحكومية هي سياسيات انكماشية خاطئة أثرت بشكل سلبي على الطلب العام، وبالتالي انخفاض الإيرادات، ما سيؤدي إلى زيادة العجز واضطرار الحكومة إلى الدين لتغطية نفقاتها الجارية.
وقال الرجوب "إن الحكومة أضعفت أهم قطاعين في الاقتصاد وهما الاستهلاك والاستثمار، اللذان يعدان من أهم محركات الطلب الكلي في المجتمع".
وبدوره، قال الخبير المالي زيان زوانة "إن الخلل الرئيسي وراء الفجوة بين أرقام خطاب الموازنة والأرقام على أرض الواقع هو السياسات الحكومية التي لا يوجد لها برنامج واضح وصحيح".
وأضاف زوانة "أن خطاب الموازنة غير صادق وغير مهني ومبني على أحلام وتطرحه الحكومة لإمضاء الوقت".
وأشار إلى أنه لا يوجد لدى الحكومة خطة واضحة لمواجهة الظروف الحالية، لافتا إلى أن الحكومات المتعاقبة هي حكومات تسيير أعمال.
وبين زوانة أن خطابات الحكومة الرسمية هي خطابات مكررة ولا تحترم عقول المواطنين.
ولفت إلى التوقيت الخاطئ للحكومات عندما تقرر فرض ضرائب ورسوم على قطاعات تعاني أصلا من ركود وتراجع في النمو.
وتطرق زوانة إلى حجة الحكومة في ملف المنح والمساعدات وربط الاعتماد عليها في تقليل عجز الموازنة، الأمر الذي اعتبره خطأ كبيرا.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد البشير "إن السياسات الحكومية التي تعتمد على فرض الضرائب وزيادة العبء على المواطن بالتأكيد لن تحقق العائد المرجو منها، وبالتالي فإن الإيرادات حتما ستكون أقل بكثير مما تتوقع الحكومة".
وبين البشير أن تلك السياسات أدت إلى توسيع الفجوة في الدخول بين المواطنين وإلى انحسار الطلب على السلع والخدمات انعكاسا لانخفاض القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين.
وأشار إلى أن تراجع الإيرادات عما تتوقعه الحكومة بالتأكيد سيجلعها تلجأ للدين حتى تغطي نفاقاتها الجارية من رواتب للموظفين.
وبلغ إجمالي الإنفاق خلال الربع الأول من العام الحالي حوالي 2079.7 مليون دينار مقابل 1754.6 مليون دينار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلاً بذلك ارتفاعا مقداره 325.1 مليون دينار أو ما نسبته 18.5 %، وقد جاء هذا الارتفاع في إجمالي الإنفاق نتيجة لارتفاع النفقات الجارية بمقدار 307.1 مليون دينار أو ما نسبته 18.7 % وارتفاع النفقات الرأسمالية بحوالي 18 مليون دينار أو ما نسبته 16.4 %.