هذه حكاية الطفلة "ايناس"

في عينيها ملامح الطفولة المسلوبة بفعل الفقر والهم ، طفلة في الصف الخامس ، حملت همّ أبيها الذي يعيش بكلية واحدة فقط ، وأقعده المرض عن العمل ، ولا أحد يعمل لديه سوى هذه الطفلة برفقة والدتها ، المفعمة بآهات الضنك ، ولكن عزة النفس تأبى عليهم إلا أن يقتاتوا ويعيلوا الأسرة من عرق جبينهم ، ولو بالفتات .
تلك حكاية الطفلة "ايناس " ووالدتها " أم أنس " ، الذين صادفناهم بشارع الجاردنز ، يبيعون بعض مستلزمات التنظيف ، علهم يطعمون أسرتهم لقمة خبز ، حلموا بها من سنين طوال .
" عمو خوذ مني حق الممسحة ، يا عمو ما برضى فلوس بدون ما تشتري " بهذا الإصرار ، واجهتنا الطفلة وأمها ، لكن اصرارنا والحاحانا عليهم كان أقوى ، فأخذت الطفلة المبلغ ، والدموع تملأ وجنتيها حرّى .
ولدى سؤالها عن أحوالها وأحوال أسرتها ، أجابت "ايناس" ، أن والدي مريض منذ الصغر ، حيث لا يعيش إلا بكلية واحدة ، بفعل حادث تعرض له ، وأنهم يقطنون في منزل متواضع ، يستر عنهم برد الليل وظلمته ، ولفحة الشمس وحرقتها ، ولا نتقاضى سوى راتب ضئيل جدا من التنمية الاجتماعية .
الطفلة متفوقة في دراستها ، وشقيقتها كذلك في الصف السابع ، ولديهم أخ شقيق يبلغ من العمر سنتان ونصف ، و لكنّ شظف العيش ، ولئامة اللئام دفعتهم لكسب القوت من عمل شاق ، لكنه الأشهى على النفس لأنه بالحلال ، لا بسرقة الثروات والعمل الحرام.