وكاله جراءة نيوز - عمان - اعتبر وزراء سابقون وخبراء أن تقسيم امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" على عامين دراسيين متتاليين لن يحل المشكلة، بل سيعقدها وسيزيد من حالة التوتر والقلق، مطالبين التفكير على نحو كلي لحل مشكلة "التوجيهي".
يأتي ذلك في وقت، قررت فيه وزارة التربية والتعليم عقد مؤتمر وطني في 28 ابريل (نيسان) الحالي، في محاولة للوصول إلى الصيغة التوافقية لتطوير امتحان "التوجيهي"، بحسب مدير إدارة الامتحانات فايز السعودي.
وأوضح السعودي الى "الغد" أن تقسيم امتحان "التوجيهي" على مدى عامين، سيقلل من عدد المواد الامتحانية من 16 مادة الى 11، بحيث يكون هناك 3 مواد مشتركة ومادة اختيارية في الصف الحادي عشر ومواد التخصص بجانب اللغتين العربية والإنجليزية في الثاني عشر، فضلا عن اختلاف المضمون بحيث سيركز الامتحان على الكفاية وليس على الحفظ والتذكر.
من جهته، بين وزير التربية والتعليم الأسبق وليد المعاني الى "الغد" أنه إن كان التصور لتطوير الامتحان بطرح المواد جميعها في كل فصل على مدى عامين، فلن تحل الأزمة، لأن مشروع التطوير يعتمد على الهدف من إجرائه وهو امتحان للقبول في الجامعة.
وأشار المعاني إلى ضرورة خفض عدد المواد التي يتقدم بها الطالب للامتحان الى حوالي النصف بحسب متطلبات التخصص الجامعي الذي يرغب الطالب في دخوله، فمثلا يجب أن تكون هناك مواد مشتركة للطلبة الذين يرغبون في دراسة الطب، كالأحياء والكيمياء والفيزياء ومبادئ أخلاقية.
وقال المعاني إن ربط مواد الامتحان نوعا وعددا بطبيعة التخصص الجامعي، كفيل بتحسين التعليم ورفع سويته وسوية الخريجين في الجامعة، بحيث لا يطلب من طالب متفوق في الرياضيات النجاح في الجغرافيا أو التاريخ لقبوله في تخصص الرياضيات، مشيرا إلى ضرورة تقليم المناهج المدرسية، وإزالة الحشو واللغو الزائد فيها والتركيز على المواضيع المهمة.
وبين المعاني، أن النظام المستخدم في البرنامج الأجنبي "IG" يسمح للطالب بتقسيم مواده على مدى عامين، بحيث يحدد المواد التي سيمتحن بها في الفصل الأول، وينتهي منها تماما، فهذا ما يجب تطبيقه في امتحان "التوجيهي".
ودعا المعاني إلى ضرورة أن يكون هناك موقع خاص للتصور المبدئي للامتحان، بهدف الحصول على التغذية الراجعة من قبل الطلبة وذويهم والمعلمين والتربويين وأخذه بالاعتبار، فالأهالي والطلبة سيرفضون فكرة تقسيم امتحان على 4 فصول، لأن ذلك سيجعلهم يعيشون الخوف والتوتر لعامين متتاليين.
وقال المعاني إن 10 مواد تقسم على عامين، بحيث يتقدم بها الطالب، لتكون منها 4 إجبارية على غرار: العربي، الإنجليزي، التربية والدين، ويكون هناك 6 ثانوية، كالأحياء، الفيزياء، الرياضيات، والكيمياء، يختار منها الطالب ما يتلاءم مع ما سيدرسه في الجامعة، فيقسم المواد على مدار 4 فصول، ويختار في كل فصل ما يريد دراسته، بشرط أن يتقدم في هذه المادة بامتحان، وينتهي منها وينتقل الى المواد المتبقية في الفصول الأخرى.
وأكد المعاني ضرورة عقد ورشات عمل للمعلمين، لتهيئهم للصيغة التطويرية للامتحان بهدف إيجاد معلمين محترفين.
بدوره، قال وزير التربية والتعليم الأسبق إبراهيم بدران إن "تقسيم امتحان التوجيهي على عامين دراسيين لن يحل المشكلة، بل سيعقدها وسيزيد من حالة التوتر والقلق على مدى عامين متتاليين، لذلك علينا أن نفكر على نحو كلي لحل مشكلة التوجيهي".
ودعا بدران إلى ضرورة إيجاد خطة مدتها 5 أو 6 أعوام، تعلنها الوزارة للجمهور والطلبة وذويهم والمدرسين.
وأضاف بدران الى "الغد" أن هناك 8 أسباب رئيسية لأزمة "التوجيهي" وما يرافقها من عبء مادي ونفسي واجتماعي واقتصادي، وحلها كفيل بالتخفيف من حدة ورهبة الامتحان الذي مضى عليه أكثر من 50 عاما، منها: ضعف التعليم في مراحله الأساسية، الترفيع التلقائي، طول مدة الامتحان إلى 22 يوما، والضغوط الإعلامية على "التوجيهي".
وأشار بدران الى أن "حل الأزمة، يكون عبر إلغاء الترفيع التلقائي للصفوف الأولى الذي يجعل الطلبة غير المتمكنين وغير المؤهلين، يرفعون ويصلون إلى مرحلة الثانوية، وهم غير جديرين بالوصول إليها، فضلا عن تغيير النظرة المجتمعية للتعليم المهني".
وأضاف "هنا يأتي دور وسائل الإعلام والوزارة في تغيير هذه الصورة النمطية السائدة عن المجتمع، بالرغم من محاسن هذه التخصصات، واستبدال اسمها باسم (التعليم التكنولوجي)، لرفع مستوى التعليم المهني التكنولوجي ليصبح متقدما حسب متطلبات السوق".
ولفت الى تخفيض مواد "التوجيهي" من 9 إلى 5 مواد، وكحد أقصى إلى 6 مواد، يكون منها 3 أساسية مثل: العربي، الإنجليزي، والدين، ومادتان متعلقتان بالتخصص الذي يرغب في دراسته بالجامعة كالرياضيات، الأحياء، الكيمياء، والجغرافيا.
ويختار الطالب ما يريده، بحسب بدران، الذي طالب بتخفيض مدة الامتحان من 22 يوما إلى أسبوع وكحد أقصى 10 أيام، يمتحن الطالب خلالها بخمس مواد، وينهي امتحاناته بدون قلق وتوتر، مبينا أن الضغوط الإعلامية على "التوجيهي" التي تحيط بالامتحان، تنعكس على الطلبة خوفا وقلقا وتوترا ورهبة.
ولفت بدران الى أن الإشكال أصبح في الحصول على العلامات التي تخول الطالب دخول الجامعة، بسبب محدودية مقاعد الجامعات الرسمية، بخاصة في تخصصي الهندسة والطب، فأصبح الطالب يحب أن يحصل على علامة 97 لدخوله التخصص الذي يريده والجامعة التي يريدها، وهذا بالحقيقة ليس عادلا للطالب ولطبيعة الامتحان.
وأكد دور المدرسة، بحيث تحتسب فيها أعمال الطالب في العامين الأخيرين، ويتحقق ذلك بإيجاد صيغة توافقية تعتمد على قواعد القبول في الجامعات، بالإضافة إلى أعمال العامين الأخيرين والمقابلة "امتحان الكفاءة" للجامعة والتي تنفذها جهة مستقلة.
وأشار إلى أن اللجنة الملكية للتعليم، طالبت بتعديل نظام القبول في العام الأول في الجامعات، بحيث
يصبح 90 % من امتحان "التوجيهي"
و10 % المتبقية من تحصيل المدرسة، وبالتالي 80 % امتحان التوجيهي و10 % مدرسة و10 % امتحانات قدرات.
بدورها، قالت الخبيرة التربوية أمل العلمي لـ"الغد" إنها مع تطوير "التوجيهي"، لأن ذلك سيخفف من حدته على الطلبة وذويهم، وسيعطي فرصة حقيقية للتنافس بين طلبة المساقين الأكاديمي والمهني.
ولفتت الى أن "التوجيهي" مقياس فعلي للمعارف التي اكتسبها الطالب خلال فترة دراسته، فالثانوية العامة هدفها التحكم بمخرجات التعليم لتلبي احتياجات السوق.
وأوضح عضو اللجنة التطويرية لـ"التوجيهي" مصطفى العفوري الى "الغد" أن هناك 8 سيناريوهات تطويرية للامتحان، وهناك سيناريو يؤيده أكاديميون وخبراء وتربويون، لتوافقه مع حاجات الطلبة، ولأنه يخفف من وطأة "التوجيهي".
وأكد العفوري أن الصورة النهائية لتطوير "التوجيهي" ستنتهي في 28 نيسان (ابريل) الحالي، وهذا سيضمن تخفيض عدد الجلسات الامتحانية إلى 11 يوما بدلا من 21، بالإضافة إلى تحقيق مبدأ العدالة بين الطلبة في التعليم الأكاديمي والمهني عند الالتحاق بالجامعة.
وأضاف أن فكرة إلغاء "التوجيهي" غير مطروحة بتاتا، ولكن الصيغة الجديدة تسمح للطالب بدراسة مادة اختيارية واحدة ويستطيع دراستها في السنة الأولى أو الثانية، فضلا عن إعادة أي ورقة امتحان يرغب فيها، لزيادة معدله، ما سيخفف من وطأة الامتحان على الطلبة وذويهم.
وأشار العفوري الى أنه يؤيد هذا التوجه، كونه يسهم في توزيع الأحمال على مدى عامين مع الأخذ بعين الاعتبار مستويات الطلبة والمواد التي يمتحنون فيها.
وبين أن الطلبة سيتقدمون في الصف الحادي عشر/ المستوى العادي بأربع مواد مشتركة: الثقافة الإسلامية، ثقافة عامة، رياضيات، ومادة اختيارية بالإضافة إلى أعلى مواد تخصصية، وفي الصف الثاني عشر، يتقدم الطالب بسبع مواد منها خمس تخصص، ومادتا العربي والإنجليزي.
وقال مدير عام مدارس الرأي محمد العمايرة إن التصور المبدئي للامتحان ليس بالصورة التي كنا نطمح إليها، فهو سيزيد العبء المادي والاجتماعي والنفسي على الطلبة وذويهم.
وأضاف هناك عدة سيناريوهات لتطويره، كالتجربة التونسية التي تعتمد على تصنيف الطالب من الصف التاسع حسب ميوله إلى أكاديمي أو مهني، وستحدد تخصصه بناء على المواد التي سيدرسها في الثانوية.
وأشار العمايرة إلى أن السيناريو التطويري والذي حصلت "الغد" على نسخة منه، يتمثل بدراسة طلبة التعليم الأكاديمي/ الفرع الأكاديمي في الصف الحادي عشر 3 مواد تخصصية إضافة إلى العربي والإنجليزي.
ويتابع الطالب الأكاديمي في الصف الثاني عشر دراسة المستوى المتقدم من المباحث التخصصية أو يختار توليفة من أكثر من مبحث إضافة إلى العربي والإنجليزي.
وأوضح أن طالب التعليم المهني في الصف الحادي عشر، يختار من المستوى الأول من مواد العلوم المهنية 3 مواد، إضافة إلى العربي والإنجليزي والعلوم الأساسية، وبعدها يتابع في الصف الثاني عشر دراسة المستوى المتقدم من المواد المهنية نفسها، إضافة إلى فصل عملي في سوق العمل، والراغبين في الالتحاق بالجامعة، عليهم دراسة مواد إضافية حسب التخصص.
وبين العمايرة أن الطالب يقدم في المستوى العادي (الصف العاشر) مجموعة مواد أساسية، ويتقدم الى امتحان بسبع مواد بواقع 4 جلسات امتحانية، مشيرا الى أن الطالب يحصل على "التوجيهي" الأكاديمي، بعد اجتيازه الامتحات في (7 مواد في الصف العاشر) و3 مواد تخصص ومادتي العربي والإنجليزي في الصفين الحادي عشر والثاني عشر.
ويتقدم الطالب للامتحان بورقة واحدة لكل مادة تشمل المستويين الدراسيين الأخيرين، بحيث يحصل على "التوجيهي" بعد اجتيازه لامتحان بأربع مواد في الصف الحادي عشر: الثقافة الإسلامية والثقافة العامة والرياضيات المستوى العادي والمادة الاختيارية، إضافة إلى خمس مواد تخصص ومادتي الإنجليزي والعربي المستوى العادي في الصف الثاني عشر، بحسب العمايرة.
وأوضح العمايرة أن طالب العلوم الاجتماعية والإدارية (الأدبي)، سيدرس في الصف الحادي عشر خمس مواد في الثقافة المشتركة وأربعا تخصصية ومادة اختيارية، بحيث يتقدم لامتحان في مواد الثقافة الإسلامية والعامة والرياضيات المستوى العادي والمادة الاختيارية، في حين سيتابع في الصف الثاني عشر دراسة مواد العربي والإنجليزي والتخصص.
وبين العمايرة أن الطالب سيتقدم لامتحان في ورقة امتحانية واحدة، لكل مادة تشمل المستويين الدراسيين الأخيرين، ويحصل على "التوجيهي" في الفرع الثاني بعد اجتيازه الامتحان في أربع مواد في الصف الحادي عشر هي الثقافتان الإسلامية والعامة، والرياضيات المستوى العادي والعربي المستوى العادي والمادة الاختيارية إضافة إلى أربع مواد تخصص ومادتي الإنجليزي والعربي المستوى العادي في الصف الثاني عشر.
الخبيرة التربوية أمل العلمي قالت لـ"الغد" "أنا مع تطوير التوجيهي، لأن ذلك سيخفف من حدته على الطلبة وذويهم، وبالتالي سيعطي فرصة حقيقية للتنافس بين طلبة المساقين الأكاديمي والمهني"، موضحة أن التوجيهي، مقياس فعلي للمعارف التي اكتسبها الطالب في فترة دراسته، فالثانوية العامة، هدفها التحكم بمخرجات التعليم لتلبي احتياجات السوق.
وقال مدرس الإدارة المعلوماتية في مدارس الاتحاد زياد الطراونة لـ"الغد" إن "التصور المبدئي لتطوير التوجيهي، محط انقسام بين المعلمين، فمنهم من يعتبر أنه مضر للمعلمين والطلبة في الوقت نفسه، وآخرون غير معنيين بالأمر كونهم لم يتضرروا منه.
وأضاف الطراونة إلى أن عقد التوجيهي للفروع الأكاديمية والمهنية على مدى عامين دراسيين، استنادا إلى تنظيم ثلاثة امتحانات للطلبة في مرحلة التعليم الأساسي في الصفوف الرابع والسابع والعاشر، يحدد بموجبها الفرع الأكاديمي أو المهني الذي سيلتحق به الطالب.
وأشار الطراونة إلى أنه تم دمج تخصصات تحت مسمى واحد، ما سيتسبب بإلغاء تخصصات ويصبح الطالب مشوشا لعدم تركيزه على مساق معين، مؤكدا أن المساق الجديد، تحت مسمى "علوم اجتماعية وإدارية" يضم كلا من الأدبي والإدارة المعلوماتية والصحي سابقا وهو تحت مسمى واحد.
وبين أن المسمى الجديد يغلب على مواده الطابع الأدبي، إلى جانب مادتين إداريتين هما محاسبة وأساسيات إدارة وتعليم صحي، وهنا سيتجه الطلبة نحو المادة الأسهل، ألا وهي التعليم الصحي، ودليل على ذلك أن 99 % من طلبة تخصص الإدارة، توجهوا إلى مساق التجارة الإلكترونية بدلا من الإحصاء والبرمجة، وهذا ما يجري لدى طلبة العلوم الاجتماعية والإدارية.
وأضاف الطراونة أنه تم إلغاء المواد التخصصية في تخصص الإدارة، وهما "التجارة الإلكترونية، ونظم المعلوماتية"، وهذا دليل واضح على إلغاء تخصص الإدارة المعلوماتية، ما سيتسبب "بتشرد" معلمي ومعلمات هذا التخصص.
وأوضح أن الوزارة ستعالج هذه المشكلة في المدارس الحكومية بجعل مواد الإدارة في تخصص العلوم الاجتماعية والإدارية إجبارية، ولكن في المدارس الخاصة لن تستطيع إجبار الطلبة على اختيارها، ما سيخلق مشكلة للمعلمين والمعلمات العاملين في هذا المجال.
وأشار الطراونة الى أن هذه المشكلة أيضا، سيعاني منها معلمو ومعلمات علوم الأرض، وقد حذفت من مساق "العلوم الحياتية" العلمي سابقا، ما سيتسبب بمشكلة كبيرة، لافتا إلى أن الوزارة ستجعل معلمي علوم الأرض يدرسون مادة الكيمياء، نتيجة للنقص الواضح في أعداد المعلمين، أما في المدارس الخاصة فستخلق مشكلة وستجعلهم يفقدون وظائفهم.
ولفت الطراونة إلى أنه في حال طبق هذا التصور، فستلغى الإدارة المعلوماتية وتوزع موادها على مسارين، هما العلمي والأدبي، وسيجبر الطالب على اختيار مادة من هذه المواد عند التحاقه بالثانوية العامة.