جراءة نيوز - اخبار الاردن :
كتب عبدالاله الخطيب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات :
رسمت هذه «العبارة» مسار عمل الهيئة المستقلة للانتخاب، التي آمنت أن لها ترجمة عملية واحدة: توفير الضمانات الحقيقية للمواطن ليعبر عن إرادته وليمارس خياره بملء حريته.
عملت الهيئة، منذ اللحظة الأولى لإنشائها قبل حوالي ثمانية أشهر، على وضع المعايير واعتماد الإجراءات التي تكفل تحقيق ذلك.
استند عمل الهيئة على قانون الانتخاب الذي أصبح نافذاً في الأول من شهر تموز الماضي، وحاولت صياغة تعليمات تنفيذية تستخلص من هذا القانون أفضل ما يمكن من الإجراءات المتوائمة مع المعايير الصحيحة للانتخاب المتعارف عليها، والمعتمدة، في الدول ذات التجربة الانتخابية المتطورة.
جاء عملنا على خلفية انطباعات بالغة السلبية لدى الجمهور الأردني نتجت عن ممارسات خاطئة، وعن تدخلات أُتهمت فيها مؤسسات وأفراد. أخذت الهيئة تلك الانطباعات بجدية، وسعت بإخلاص إلى سد الثغرات التي نفذت منها التجاوزات.
كرّست صياغة التعليمات التنفيذية نصوص القانون المتوائمة مع الممارسة الصحيحة، وجهدت الهيئة لإكمال تلك النصوص من خلال تعزيز حق المواطن، فعملت على البناء عليها، واستعانت مثلاً، بتفسير بعض أحكام القانون لتلك الغاية، حيث أمكن أن يختار الناخب مركز الاقتراع الذي يرغب بالإدلاء بصوته فيه، لضمان عدم استغلال غياب أسماء المقترعين في كل صندوق، وحتى لا يؤدي ذلك إلى تكرار التصويت، وما قد يسمح به من تزوير.
واعتمدت أوراق اقتراع تحمل أسماء وصور المرشحين وأسماء ورموز القوائم لضمان سرية التصويت ومساعدة الناخب على معرفة المرشح أو القائمة التي يرغب بالتصويت لهما.
إجراءان بسيطان، لكنهما أساسيان أُتيحا للناخبين في كل الدول التي جرت فيها انتخابات منذ بدء تطورات الربيع العربي، وليس هناك من سبب يحول دون اعتمادهما في بلد كالأردن يُعد من الأعلى في نسبة المتعلمين، والأقل في نسبة الأمية، في هذه المنطقة، وربما في العالم.
كما تم اعتماد سلسلة متكاملة من إجراءات «أمان» التصويت والفرز، ابتداءً من اعتماد بطاقة انتخابية، وسجّل ورقي وإلكتروني، واستعمال الحبر الخاص، وانتهاءً بفرز الأصوات في نفس غرفة الاقتراع. كما تم فتح المجال كاملاً أمام هيئات ومنظمات الرقابة الوطنية والخارجية.
صحيح أن عملنا قد جاء في ظل سجال حول قانون الانتخاب، ارتأت الهيئة أن لا تدخل طرفاً فيه، إلا أن الصحيح أيضاً أن توفير ضمانات حق المواطن، في الاختيار الحر تماماً، عمل يؤسس لعملية انتخابية صحيحة، تبقى وتتطور في الدورات الانتخابية القادمة التي نأمل أن تجري فيها الانتخابات في ظل قانون توافقي.
إن تأسيس الهيئة، والنجاح في تطبيق المعايير التي اعتمدتها بانفتاح كامل على الرأي العام لابد وأن يرتقيا بكيفية ممارسة حقنا الانتخابي، ويسهما في تعزيز الثقة بالمؤسسات الوطنية المعنية.
انتشرت الشكوى من تأثير المال السياسي خلال الحملة الانتخابية، إلا أن ضمان سرية الانتخاب لابدّ أن يساهم في الحد من مثل ذلك التأثير السلبي. فعندما يتسلم الناخب ورقتي الاقتراع ويسجل خياره عليهما، خلف «المعزل»، سيكون بمفرده، وأمام ضميره فقط، وما عليه إلا أن يفكر في مستقبله ومستقبل بلده، وأن لا يعير أي اهتمام لكل من حاول التأثير عليه أو مصادرة قراره، فلن يعرف أحد غيره ما اختاره.
لم نتوهم في الهيئة، للحظة واحدة، أننا سننجح في مهمتنا إذا لم نعتبر أن المواطن هو الطرف المركزي في العملية الانتخابية، ولقد سعينا إلى إنجاز مهمتنا في فترة زمنية قصيرة لتوفير الضمانات له، آملين أن نقتنع، كمواطنين، أن صوتنا مؤثر، وأنه يساهم في تحديد مسار بلدنا للفترة القادمة.
سيتوجه الناخبون يوم غد إلى صناديق الاقتراع وسيجدون أخوة لهم هناك يديرون العملية الانتخابية خدمة لوطننا. عشرات الألوف من أبناء الأردن وبناته سيكونون في خدمة الناخبين في أكثر من أربعة آلاف غرفة اقتراع. هؤلاء الأخوة عملوا بجد وإخلاص، مع لجان الانتخاب في خمس وأربعين دائرة انتخابية على مساحة الوطن، ومع الكوادر التنفيذية في مقر الهيئة ومع فريق الخبراء الدوليين، فلهم جميعاً التقدير.
كما ان كوادر المؤسسات الأخرى، الأمنية والمدنية، ومنظمات المجتمع المدني التي يشارك أعضاؤها في جهود الرقابة والإعلاميون الذين ساهموا في ايصال الرسالة الصحيحة للناخب، والمتطوعون، وكثيرون غيرهم من أبناء الوطن، يشاركون في إسناد العملية الانتخابية وصونها، ولهم أيضاً كل الاحترام.
وفي الوقت الذي يتوجه فيه الناخبون نحو صناديق الاقتراع، نشعر، نحن في الهيئة، براحة الضمير لوقوفنا مع حقهم، وسعينا لخدمتهم، ملتزمين الدستور والقانون.
عملت الهيئة ما بوسعها بتجرد وحياد، ولم تحاول الانحياز مع، أو ضد أي شخص أو قائمة أو طرف. كما حافظت على استقلالها، ولم تترك مجالاً للتدخل في عملها، حماية لحق المواطن في الخيار الحر. فاستقلاليتها أساس وجودها وعملها، ولن تتردد، حتى بعد اتمام العملية الانتخابية، في الكشف عن أي خلل أو تجاوز، ربما يكون قد حدث بأية صورة. وسيتم تقييم التجربة للأستفادة من دروسها ولتطوير الممارسة لتواكب تطور الديمقراطية في بلدنا.
إن الهيئة على ثقة بأنه إذا ما التزم «الجميع» بالإجراءات القانونية المعتمدة، فإننا سنكون قد سجلنا نقلة نوعية نحو الارتقاء بالممارسة الديمقراطية في بلدنا، إلى المستوى الذي يليق به وبشعبه.
اليوم وقد شارفت الحملة الانتخابية على الانتهاء بموجب القانون، تشعر الهيئة أنها قد قامت بدورها وأن ما يحسم هذه العملية هو دورك أنت، لأن القرار أولاً وآخراً هو قرارك