كتب مراسل قناة "الجزيرة" في قطاع غزة إسماعيل الغول، منشورا عن ابنته الطفلة "زينة"، قبل استشهاده بنحو شهر.
وقال الغول في منشور كتبه نهاية حزيران/ يونيو الماضي، إن ابنته التي كانت لا تزال رضيعة مع مطلع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، كبرت بعيدا عن أعينه، ولم يرها منذ شهور.
وتحدث الغول (27 عاما) في منشوره الحزين عن ابنته البكر والوحيدة "زينة"، التي ولدت قبل أقل من عام على الحرب، وكان متعلقا بها بشدة، إلا أن ظروف العدوان أجبرته على الابتعاد عنها بشكل كامل.
وتاليا نص المنشور:
وكبرت زينة، زينة الحياة والقلب ::
في بداية الحرب ومنذ اليوم الأول نزحت ابنتي زينة ووالدتها قصرا بعد قصف البناية التي نتواجد بها، لم ألتق بهم منذ ذلك اليوم، وكانت قد بدأت تدرك من هم حولها، كانت تعانقني هي البكر وطفلتي الأولى، كنت فرحًا بها كثيرا في تلك اللحظات، بدأت أحبها على مشارف العام.
في تلك الأيام كانت تحبو وتزحف وتنطق بعض الحروف من كلمة بابا، لكنها كانت تلفتني بحركاتها، كنت سعيدا في كل لحظة تكبر بها زينة أمام عيني، وجمعيكم يعلم جمال البيت حين تتواجد فيه طفلة.
مع الحرب، بدأ الحزن يجتاح قلبي، زينة بعدت وسط أجواء من الخوف والرعب من سيعيش أو من سيبقى مشاعر متضاربة كعدد الغارات الجنونية التي تسقط في كل لحظة، لم يكن التواصل مع زوجتي كأي تواصل، فهي تعاني كغيرها، لا يوجد كهرباء لا يوجد في الهاتف شحنات، الاتصالات مقطوعة في منطقة السكن بسبب تدمير قوات الاحتـ لال الشبكة.
انقطع الاتصال مع زوجتي 3 أشهر، وفي كل لحظة القلب والعقل ليس في مكانهما، هما حيث تتواجد زينة وأمها، في كل غــارة تسقط هناك أجرى اتصالات لمن الغارة، أترقب كل خبر حتى أطمئن، هذه الأيام ليست كأي يوم، كل يوم يساوي سنة.
قسوة الظروف كانت أشد من كل المشاعر، لكن نحن بشر، اجتمع النزوح والجوع، والقصـ ف، وأهمية الرسالة وواجب تأديتها في التغطية، ما لبثت زينة حتى بدأت تنادي خلال مشاهدتها لي على الشاشة بكلمة "بابا" عرفتني، عرفت من أكون، الشعور كان رائع، لكنه لم يستمر.
طالت الأيام هذه 9 شهور، بدأت زينة تركض، تتكلم، تسأل، تعرف كل شيء، تسأل وين بابا، صعب الشعور أن زينة بعيدة عني، تكبر دون أن أراها.
لكن العزاء أننا تركنا كل شيء في سبيل هذا الطريق وهذه الرسالة، ولعل الله يعيد لنا الأمان، وتعود زينة، ويعود كل غائب، ويلتقي الأحبة.