مقصد الراحة لم يعد مريحاً حد الكفاية، وكندا "الجنة" التي صُورت على أنها قبلة الحياة لمن رأى فيها بوابة للفرص تحولت جحيماً على قاصديها، وصارت وفق كلام "الأرقام" عنواناً لهجرة المهاجرين.
تتحدث البيانات الرسمية عن 42 ألف شخص غادروا كندا في النصف الأول من عام 2023، ويقول تقرير حكومي كندي صدر في فبراير 2024 وعكف معدوه على دراسة مجموعة ضخمة من المعلومات المتعلقة بالمهاجرين الذين وطأت أقدامهم كندا منذ ثمانينيات القرن الماضي، إن أكثر من 15% من مجموع المهاجرين بين عامي 1982 و2017 غادروا كندا خلال السنوات الأولى من قدومهم.
فما الأسباب؟ وماذا خلف الجنة التي تطرد قاصديها؟
السكن، هذا التحدي يؤرق كل من قصد كندا أو سيفعل، ففضلاً عن مسافات متعبة بسبب ضخامة الأرض والمسافة المتعبة في عملية التنقل وشروط الإيجار المعقدة، فإن فرص السكن الجيد مشكلة يعاني منها المهاجرون في ظل ارتفاعات لا تتوقف في معدل الإيجار الشهري كان آخرها مقارنة بين عامي 2022 و 2023، حيث بلغ المعدل 2078 دولاراً للشهر العام الماضي كأقل تقدير، أي أعلى بنحو 9% تقريباً من الإيجار في عام 2022.
إذا كنت مهندساً معلوماتياً أو ما شابه فقد تكون فرصتك أعلى بالحصول على عمل في كندا، حيث حيث يبلغ متوسط ما يتقاضاه مهندس البرمجة قرابة 89 ألف دولار كندي في السنة.
لكن غير هذا فإن معظم من روى معاناته، تحدث عن صعوبات بالغة بالحصول على فرصة عمل في ظل عقبات تعديل الشهادات المفروضة من الحكومة والتراخيص التي يتطلبها أي عمل، حيث أُجبر كثيرون على تغيير مهنهم أو الدراسة من جديد من أجل مواكبة شروط التقدم لأي وظيفة في سوق العمل الكندي.
أما أكثر ما يؤرق طينة الشرق أوسطيين الذي قطنوا كندا أو يفكرون بهذا، هو فكرة الاندماج الثقافي في المجتمع الكندي لاسيما لأطفالهم الذين سينغمسون في بيئة قد لا تشبه عاداتهم، خاصة مع انتشار المثلية الجنسية ونشر ثقافتها في المدارس بسن مبكرة جداً، الأمر الذي يخلق مشكلة تفوق بمراحل قلة الأنشطة للجاليات العربية، والطقس المثلج طيلة السنة والذي قد يحتاج البعض لعلاج نفسي بسببه.
ما بين 80 إلى 90 ألف مهاجر غادروا كندا بين عامي 2021 و2022، في ظاهرة هجرة عكسية بلغت ذروة تاريخية وصلت معها إلى مستويات أعلى بنسبة 31% من المتوسط التاريخي وفق "رويترز".
فهل حقاً فاقت السلبيات إيجابية حُلم "الباسبور" لمهاجري كندا ؟