آخر الأخبار
  المومني يعلق على عملية البحر الميت: أمن الحدود أمر سيادي كبير لا يجب انتهاكه   هام لمشجعي منتخب النشامى بشأن مباراته مع العراق   ما أسس رفع أجور الركاب؟ .. النقل البري تجيب   الأردن.. هل غياب الحالات المطرية ينذر بتأخر بدء الشتاء؟   وزير الطاقة: يجب استثمار الموارد الطبيعية في الأردن   مطالبات بتقليص المقرر المطلوب لامتحان التوجيهي لهذه المواد   الضريبة توضح حول صرف الرديات الضريبية   مرج الحمام: قتل زوجته وسلم نفسه للأمن العام   إرتفاع سعر كيلو الخيار في السوق المركزي   اعلان من الضمان الاجتماعي بخصوص دعم المتقاعدين وأسرهم   الجغبير: إعفاء الشركات من الغرامات الجمركية يعزز ملاءتها وقدرتها النقدية   تخفيضات على أكثر من 350 سلعة في الاستهلاكية المدنية   هل عادت خدمة العلم في الاردن ؟ .. الجيش يحسم الجدل !   العمل: لن نفتح باب استقدام العمالة على مصراعيه .. وتحدد القطاعات   المركزي: الاحتياطيات الأجنبية تسجل رقما قياسيا جديدا   ارتفاع صادرات قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات بالأردن   الكشف عن سبب حادث العدسية المروع   كتلة هوائية باردة نسبيًا تؤثر على المملكة اليوم   انتحار موقوف داخل نظارة احد المراكز الامنية في اربد   هذا ما ستشهده حالة الطقس غداً الثلاثاء

عادة سودانية ولا أغرب في الأعراس .. جلد الضيوف بالسياط!

{clean_title}
كأنما أصابه مسٌ جنونيٌّ، فمحمد، لم يشعر بنفسه، إلا واثباً، ليقف كالطود، ويتلقى ضربات السوط اللاهبة تنهال على ظهره العاري تباعاً.

وما هي إلا هنيهة حتى نزلت قطرات الدم توالياً فوق إزاره الأبيض المشدود في وسطه باللون الأحمر القاني وسط إيقاعات الطبول الشعبية الصاخبة، وزغاريد النسوة التي تشعل حماس الحاضرين ونشوتهم في المناسبة السعيدة.

بتلك العبارات وصف محمد إسماعيل، لحظات عاشها في أحد الأعراس لم تمحَ من ذاكرته على الرغم من تجاوزه اليوم الخامسة والسبعين من عمره.

بل كشف أن الوقوف لضربات السياط لا يزال يستهويه، وقال: "عندما أشاهد السياط تتراقص أمامي في حلبة رقص، أنقلب إلى شخص آخر ولا يهدأ بالي إلا بعد أن تهوي ضربات السوط على ظهري. ولا يهمني كثيراً ما يحدث بعدها حتى لو مت!".

بيوت الأعراس
يشار إلى أن الجلد في بيوت الأعراس، المعروفة شعبياً بـ(البطان) - بضم الباء وفتح الطاء - تشتهر بها القبائل السودانية والمجموعات السكانية، القاطنة في ولاية نهر النيل شمال البلاد، خاصة قبيلة الجعليين.

والبطان عادة سودانية مُوغلة في القدم، قاومت الاندثار أو الانحسار، وإلى يومنا هذا لا يزال مشهد السياط يلهب الظهور العارية أمراً مُغرياً يستحق التضحية.

ولا تقف ممارستها عند مناطق قصية، بل تمددت حتى وصلت إلى بعض حفلات التخرُّج بالجامعات السودانية.

فروسية وشجاعة؟
وتحوّل الجلد أو البطان، لتراث شعبي مرتبط بالفروسية والشجاعة والرجولة. كما ترمز تلك العادة إلى الصبر والثبات وقوة التحمُّل، حيث يقف الشخص كالصخرة بلا حراك، لأن صدور أي حركة أثناء الجلد المُبرح يخصم من رصيده!

فكلما كان ثابتا تحت ضربات السياط، انتزع إعجاب الحاضرين وزغاريد النسوة.

منقوع بالقطران
إلى ذلك، هناك شروط لا بد من اكتمالها لبدء البطان، أولها توفر سوط (كرباج)، ويُصنع من الجلد المنقوع بالقطران لاكتساب المرونة وإيقاع الألم، و (الدلوكة) وهي طبلٌ مجوفٌ مصنوعٌ من الفخار والجلد ويصدر إيقاعات حماسية عبر كفوف النسوة، ضاربات الإيقاع، ويشتهر بمناطق وسط وشمال السودان وتستخدم في المناسبات السعيدة كالزواج.

عوامل سيكولوجية
لكن لتلك العادة أيضا عوامل سيكولوجية، بينها رغبة الرجل في لفت الانتباه بقدرته على احتمال الآلام الفظيعة، كما أوضحت اختصاصية علم النفس بجامعة الأحفاد للبنات نون شرفي.

كما اعتبرت أن البعض يخشى كسر العادات والتقاليد السائدة، ما يجعل تلك الظاهرة تسود وتمدد وتقاوم الاندثار.

من جهتها، رأت اختصاصية علم الاجتماع الدكتورة أسماء جمعة لـ"العربية.نت"، "أن التقاليد الاجتماعية تموت وتحيا وتتغير وتحل محلها عادات جديدة مع مرور الزمن وحسب الظروف التي يمر بها المجتمع، فإن كانت الظروف التي يمر بها المجتمع قوية يكون التأثير قوياً، فالحداثة والمدنية والعلم والوعي وجودة الأحوال الاقتصادية كلها أمور لها يد في تغيير العادات

كما أضافت قائلة "أما إذا لم يتأثر المجتمع بالحداثة فيظل محافظاً على التقاليد نفسها فترة طويلة"، معتبرة أن كثيرا من التقاليد السودانية لم تتغيّر أو عادت للظهور مرة أخرى بسبب الظروف السياسية والاقتصادية وحالة عدم الاستقرار التي جعلت المجتمع يعود إلى التكتلات الاجتماعية التقليدية مثل القبيلة.