جراءة نيوز -عمان:
يترقب الأردنيون رفعا وشيكا للأسعار, وسط أجواء متوترة تهدد بما يصفه محللون ومراقبون بزلزال, تتحسب له السلطات حاليا وتدرس موعد الإعلان عنه, حيث يتوقع أن تؤثر القرارات القادمة على 83% من الأردنيين ممن تقل دخولهم الشهرية عن 300 دينار شهريا (422 دولارا).
وقالت مصادر مطلعة إن الحكومة اتخذت بالفعل قرارات تتعلق برفع الأسعار على المحروقات وإنها تنتظر توافقا مع الجهات الأمنية لتوقيت إعلانه المتوقع خلال أيام، وذلك تنفيذا لاتفاق وقعته الحكومة السابقة مع صندوق النقد الدولي.
وحسب المصادر فإن القرارات متخذة بالتفصيل حتى قبل بدء الحكومة مشاورات واتصالات مع أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وفعاليات عدة،وباتت قرارات الرفع المرتقبة الشغل الأول للرسميين, إضافة للشعب بكل فئاته، لدرجة دفعت بمسؤول حكومي لتشبيهها بـ"الزلزال" نظرا لقوتها ومدى تأثيرها على الفئات المختلفة، كما قال.
وستشمل قرارات الرفع المرتقبة الخبز والمحروقات والغاز المنزلي، وقد تصل نسبها لما يقارب 100% كحالة الغاز المنزلي، عوضا عن الرفع الذي سيشمل الديزل الذي تستخدمه وسائل النقل العام، والكاز الذي يستخدمه الفقراء في التدفئة، في حين سيكون الرفع على البنزين أقل نسبيا كون أسعاره مرتفعة أصلا.
كما سيشمل رفع الأسعار الكهرباء التي اتفقت الحكومة مع صندوق النقد الدولي على تحرير أسعارها خلال عامين. وسيحصل الأردن مقابل التزامه بشروط صندوق النقد الدولي على مليار دولار كتسهيلات من الصندوق الذي لم يخف ملك الأردن نفسه وجود "ضغوط" منه على الأردن في حديث له قبل أيام.
ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة الشهر الماضي بذل رئيس الوزراء عبد الله النسور جهودا لافتة في إقناع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات المختلفة الرسمية والشعبية برفع الأسعار باعتبارها "ضرورة لا مناص منها"،وذهب النسور في بعض تصريحاته للحديث عن خطر قد يتهدد استقرار الدينار الأردني إذا لم تقم الحكومة بتحرير الأسعار من الدعم.
وخلال لقاءاته،برر النسور القرارات المرتقبة بما سماها الفجوة بين الإيرادات العامة والنفقات والتي تقترب من ملياري دينار. وأشار إلى أن ضغوط الدعم الذي تقدمه الحكومة لعدد من السلع والخدمات أدت إلى ارتفاع الدين العام بالقيمة المطلقة إلى أكثر من 15 مليار دينار، وقال إن الدين العام ارتفع كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي إلى 75% مقارنة مع السقف المحدد في قانون الدين العام والبالغ 60%.
وتحدث النسور عن "ضربات موجعة" تلقاها الأردن منذ بدء الربيع العربي أبرزها توقف تدفق الغاز المصري مما حمل شركة الكهرباء خسائر نتيجة استخدام الوقود الثقيل. وقال إن عدم وصول مساعدات عربية للأردن سيفاقم الأوضاع، كاشفا عن أن الكويت أودعت 250 مليون دولار في البنك المركزي الأردني،وأكد النسور أن الرفع لن يشمل 70% من المواطنين الذين قال إنهم سيحصلون على تعويض نقدي مباشر عن تطبيق قرارات رفع الدعم.
وقد أكد سياسيون للجزيرة نت أن ما سيحدد توقيت الإعلان عن رفع الأسعار هو التشاور مع الجهات الأمنية التي حذرت من اضطرابات قد تصل للصدامات في بعض المناطق عند بدء تطبيق القرار، وتخشى الجهات الأمنية من أن تؤثر هذه القرارات على المزاج الشعبي من الانتخابات البرلمانية المقررة مطلع العام المقبل وتقاطعها قوى رئيسية.
وكان ملك الأردن أوعز للحكومة بتجميد قرارات رفع الأسعار مطلع سبتمبر/أيلول الماضي بعد موجة احتجاجات غير مسبوقة،بدوره قال المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي إن الحكومة تراهن على تقديم دعم نقدي للأسر الأردنية، وإن النقاش حاليا هو لقيمة هذا الدعم. وقال للجزيرة نت "مشكلة تحرير أسعار المحروقات أنه سيتخذ دون وجود حزمة أمان اجتماعي وهو ما سيضغط أكثر على الفئات الأكثر فقرا التي تعاني أصلا".
واعتبر أن قرارات الحكومة المقبلة لن تحل المشكلة المركبة والتي قال إن سببها هو النهج الاقتصادي لا الدعم المقدم للمحروقات والخبز. وعن المساعدات التي تلقاها الأردن هذا العام قال الدرعاوي إنها بلغت 2.9 مليار دولار منها 600 مليون فقط وصلت للخزينة والباقي تمويل لمشروعات.
وانتقد رئيس حركة اليسار الاجتماعي الدكتور خالد الكلالدة بشدة تبريرات الحكومة لرفع الأسعار وتحميل الدعم المقدم للمحروقات السبب، وقال إن السبب هو السياسات الاقتصادية المتخبطة والاستدانة المتواصلة والهدر الكبير في النفقات الرسمية. وقال للجزيرة نت "نحن ندفع ثمن تحالف المركز الأمني السياسي مع رأس المال والذي أنتج ثلة من الفاسدين الذين لا ينظرون لحقيقة ما وصلنا إليه من كارثة اقتصادية".
ووجه الكلالدة نقدا مباشرا للنظام الأردني عندما طالب "قيادات عليا بالسفر إلى مصر لحل أزمة الغاز وعدم الاكتفاء بإرسال موظفين". وقال إن القرارات القادمة ستشمل 83% من الأردنيين ممن تقل دخولهم الشهرية عن 300 دينار شهريا (422 دولارا). واعتبر أن رهان الحكومة على أن من هم في الشارع هم من الإسلاميين والحراكات الشعبية غير صحيح. كما قال "على الحكومة أن تتذكر أن الخبز هو ما ولد احتجاجات عامي 1989 و1996".
(الجزيرة نت)