تغيب فرحة شراء الملابس الجديدة عن معظم السوريين في عيد الفطر، بعد ارتفاع أسعارها إلى مستويات قاسية.
وفي رصد لأسعار الملابس في دمشق اتضح أن سعر بنطال الجينز الرجالي/ النسائي الواحد يتجاوز راتب موظف شهري (متوسط الرواتب 60 ألف ليرة سورية)، ما يعني أن عائلة متوسطة بحاجة الى مبلغ مالي يزيد عن 500 ألف ليرة سورية لشراء ملابس العيد، وكذلك نصف هذا المبلغ أيضاً لشراء الأحذية.
وفي دمشق وصل سعر بنطال الجينز الرجالي بين 40-70 الف ليرةـ والجاكيت الرجالي وصل إلى 70 ألف ليرة، والكنزة الرجالية تراوح سعرها بين 20 و30 الفاً، والقميص النسائي 50 ألف ليرة، والجاكيت النسائي بين 70 و80 الفاً، والبنطال الولادي بين 20-40 الفاً والبلوزة بين 15- 20 الفاً، والفستان للصغيرات تجاوز الـ 50 الفاً، أما الأحذية فتراوح سعر الحذاء الرجالي بين 35- 70 ألفاً، والنسائي بين 25 – 70 الفاً.
والواضح، من وجهة نظر الخبير الاقتصادي، سمير الطويل، أن غالبية السوريين لن يقدموا على شراء الملابس هذا العيد، وسيكتفون بالألبسة القديمة المتوفرة لديهم، لان أسعار الملابس الجديدة تفوق القدرة الشرائية للسوريين في العموم.
وقال إن الأوضاع الاقتصادية غيرت الأنماط الشرائية للسوريين، وخصوصاً في المواسم والأعياد، بحيث باتت غالبيتهم تتجه لتأمين المواد الأساسية فقط.
وحول سبب ارتفاع أسعار الملابس في سوريا، أثار الطويل عددا من الأسباب، في مقدمتها التضخم الجامح الذي يسود الأسواق السورية، حتى مع الاستقرار النسبي في سعر صرف الليرة السورية، إلى جانب توقف الانتاج المحلي، بسبب عدم توفر المواد الاولية (قطن، طاقة)، وارتفاع الكلف الأخرى.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن سوريا كانت من الدول المصدرة للملابس سابقاً، بسبب توفر اليد العاملة والمواد الأولية، لكن اليوم باتت سوريا مستوردة لجزء كبير من احتياجاتها، وبالنظر الى تدني سعر صرف الليرة، فإن من الطبيعي ان تكون أسعار المواد المستوردة بالعملات الأجنبية مرتفعة جداً.
من جانب آخر، أشار الطويل الى زيادة اعتماد قسم كبير من السوريين على الألبسة الأوروبية المستعملة (البالة)، لكن حتى الألبسة المستعملة طاولها ارتفاع بالأسعار.
ووفق مصادر محلية من دمشق، قفز سعر القميص المستعمل في أسواق البالة من 400 ليرة سورية الى نحو 4 آلاف ليرة، ووصل سعر بنطال الجينز إلى 4 آلاف ليرة، بينما بات ثمن الحذاء نحو 7500 ليرة.
وقبل أيام أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً قضى بصرف منحة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 50 ألف ليرة سورية (نحو 18 دولاراً) للعاملين في الدولة و40 ألف ليرة للمتقاعدين.
ويحدد المرسوم رقم 14 لعام 2021 قيمة المنحة بـ50 ألف ليرة سورية لجميع العاملين في الدولة مدنيين وعسكريين، كما أنها تشمل المشاهرين والمياومين والدائمين والمؤقتين. وأوضح المرسوم أن المنحة معفاة من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأية اقتطاعات أخرى.
وبحسبة بسيطة، تشتري المنحة التي احتفلت بها وسائل إعلام النظام ووصفتها بـ”المكرمة” بنطال جينز واحدا من النوع المتوسط الجودة، ما يعكس بؤس الأجور السورية وقصور الإجراءات التي يعلن عنها النظام في تدارك الوضع المعيشي.
وقال المراقب الاقتصادي والمفتش المالي، منذر محمد، إن العائلة السورية بحاجة في الأيام العادية الى ما يقارب المليون ليرة سورية لتعيش الكفاف، في حين أن الراتب الحكومي يبلغ 50 ألف ليرة سورية، ما يعني أن كل ما يصدر عن النظام يبقى قاصراً ولا يسهم في تحسين الوضع المعيشي.
واضاف أنه لولا الحوالات الخارجية المحولة للسوريين من أقربائهم وعائلاتهم خارج سوريا، لكان الوضع جحيماً بكل ما تعنيه الكلمة.
وقبل أيام أشارت دراسة صادرة عن مركز "السياسات وبحوث العمليات” في دمشق، إلى أن نسبة 63 في المئة من سكان العاصمة راغبون في الهجرة من سوريا، مرجعة ذلك الى التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد طوال العقد الماضي والذي زادت وتيرته خلال العامين الأخيرين، تحت ضغط عوامل في مقدمتها انتشار جائحة كورونا، ووتيرة العقوبات الاقتصادية، وتدهور الأوضاع المالية والأمنية في لبنان، إضافة إلى تسارع انهيار الوضع الاقتصادي لإيران، الداعم الدولي الرئيسي للنظام السوري.