كانت في نزهة مع قريبيها حين تحوّلت فرحتهم إلى كارثة، بعدما اصطدمت سيارةٌ بالمركبة التي يستقلونها؛ الضربة أتت على الباب الخلفي حيث تجلس، لتنقل على إثرها إلى المستشفى. قاومت ساعات قبل أن تلفظ آخر أنفاسها... هي ريم حمزة ابنة بلدة بعاصير، الفتاة التي أُجبرت على تسجيل اسمها على لائحة ضحايا الموت على طرق لبنان.
لحظات الكارثة
كُتب على ريم أن تنتهي حياتها بعد مرورٍ دام 20 سنة على الارض. ووفق ما شرحه قريبها مختار بعاصير قاسم حمزة لـ"النهار" أنه "عند الساعة الرابعة من بعد ظهر السبت الماضي حلّت الفاجعة في منطقة عجلتون، كانت ريم في نزهة مع ابنة عمتها وخطيب الأخيرة حين اصطدمت بهم مركبة، الضربة أتت من جهة ريم حيث كانت تجلس في المقعد الخلفي، في حين اصطدم رأس السائق وخطيبته بالزجاج الأمامي من دون أن يتعرّضا لإصابات خطرة. نقلت ريم إلى مستشفى سيدة لبنان ـ جونية حيث كانت تعاني نزيفاً حاداً، استدعى نقل وحدات دم لها. حاول الأطباء كل ما في وسعهم لإنقاذها. قاومت حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً قبل أن تستسلم للموت".
"في لحظةٍ رحلت ريم الفتاة المعروفة بحيويتها وحبها للحياة، فراشة المنزل التي كانت تضفي عليه جمالاً وفرحا". ولفت المختار إلى أن "مخفر زوق مكايل فتح تحقيقاً بالحادث، تم توقيف سائق السيارة، وفي الأمس ووريت ريم في الثرى، زففناها إلى مثواها الأخير عروساً بحزن كبير". وأضاف: "لم يمنح الزمن الطالبة المجتهدة في الجامعة اللبنانية مزيداً من الوقت كي تنهي دراستها وتستحصل على شهادتها وتحقق طموحها. شاء القدر أن تُخطف من وسط عائلتها في لمح البصر"، مشيراً إلى أن "كل الكلمات لا تعبّر عن حالة والديها وشقيقتها وشقيقها، فقد فقدوا ضحكتهم ومصدر تفاؤلهم".
ملف السلامة المرورية
دفعت ريم حياتها ثمن حادث لا علاقة لها به، انطفأت شمعتها في عزّ توهجها، رحلت في بداية مشوارها في الحياة، كآلاف اللبنانيين الذين لفظوا أنفاسهم نتيجة حوادث السير، واللائحة ستطول إن لم يتمّ الاهتمام بملف السلامة المرورية. فقبل نحو أربع سنوات دخل قانون السير الجديد حيز التطبيق، من دون أن يغيّر، كما قال خبير السلامة المرورية كامل ابرهيم، "شيئاً ملموساً على أرض الواقع"، حيث شرح أن "المشكلة الاساسية أنه تمّ وضع قانون سير من دون العمل على الاصلاحات الاساسية، فقد طبق القانون على الغرامات المرتفعة في غياب خطة، الامر الذي أدى إلى انخفاض عدد الحوادث في فترات وارتفاعه في فترات أخرى"، وأضاف: "من الطبيعي في بلد تنتفي فيه الخطط والرؤية الاستراتيجية أن نشهد حوادث مميتة، وللحدّ منها يجب العمل على محورين أساسيين، أولهما صيانة وتأمين الحماية ورفع مستوى الأمان على الطريق، والمحور الثاني تطبيق القانون"، لافتاً إلى أنه "في كل دول العالم هناك مسؤولية كبيرة على الانسان، لكن المقاربة الجديدة لمعالجة مشكلة حوادث السير تفرض وجود مسؤولية تشاركية بين الدولة والمواطن، فمن واجبات الدولة تجهيز الطرق وتأمين كل وسائل الأمان من رؤية واضحة وإنارة وطريق متسامحة أي لا تعاني من خلل يؤدي إلى حوادث مميتة، وفي الوقت ذاته فرض هيبة القانون من خلال خطط علمية".
اهتمام جدّي
حتى الآن لم تولِ كما قال ابرهيم "الحكومات المتعاقبة أهمية لملف السلامة المرورية حيث إنه يحتاج إلى إرادة سياسية، لكن مع وزيرة الداخلية #ريا_الحسن نلمس اهتماماً جديّاً منذ وصولها إلى الآن، ليس فقط من خلال التغريدات والتصريحات والاجتماعات التي تعقدها، بل من خلال خطط قصيرة، متوسطة وطويلة الأمد تعمل على وضعها، منها تطوير منح رخص القيادة وتحويل مكاتب تعليم القيادة إلى مدارس، وتطبيق القانون، وحثّ البلديات على تعزيز السلامة المرورية ضمن النطاق البلدي، إضافة الى ذلك يقع على وزارة الاشغال دور كبير في رفع مستوى الأمان على الطرق وزيادة اللافتات المرورية وتعزيز مستوى الرؤية وإزالة عوامل الخطر، عندها فقط ينخفض عدد الحوادث".