لم يتوقع أحد داخل الأردن منذ الإعلان عام 2009 عن تعيين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وليا للعهد أن يصعد الأمير الشاب صعودا قويا في الساحة السياسية الأردنية، وأن يكون فاعلاً في ملفات عدة، وأن يسافر إلى مهمات خاصة الكثير منها لم يكن معلنا وظل طي الكتمان في السنوات الأخيرة، في حين تقول مصادر معلومات في القصر الملكي إن الأمير الحسين يطلب ملفات خاصة بالشأن المحلي إلى مكتبه الخاص، وأنه يُسهِم في كتابة "تقدير موقف" بخصوص الوضع الداخلي، وأنه يجري بعض اللقاءات بعيدا عن الإعلام مع شخصيات في مكتبه، وفي داراتهم.
الأمير الحسين الذي يوصف بأنه "سر أبيه"، وأنه يحفظ طريقة أدائه، ويُقلّد صبره، يُعْتقد أنه بدأ بمغادرة دائرة الظل، وأنهى مرحلة تكوين الانطباع، وأنه سيقوم بتظهير خطواته السياسية في الداخل، وأن جلالة الملك عبدالله الثاني سيوكل إليه العديد من الملفات، خصوصا بعد أن تأكد الملك أن الحسين المسلح بعلوم وتاريخ منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط، والمعزز ب"ثقافة قوة عسكرية" في مصنع الرجال الجيش العربي، قد أصبح عُودَه قويا للغاية، وأنه بات يُعْتمد عليه بقوة، وأن فريق عمله الاستشاري الذي يعمل بجد واجتهاد خلف الكواليس قد أثرى دورة العمل اليومية للأمير الشاب الذي لا تلفته الألقاب والمسميات والمظاهر، إذ يروي الأصدقاء عنه أنه شديد العفوية والصدق والتواضع.
مسؤول عربي كبير شاهد مقطع فيديو للأمير الشاب وهو يصافح مسنة سألته بعفوية عن "حال أبوه"، وهو مقطع الفيديو الذي لقي رواجا هائلاً حول العالم، قال إن رد وعفوية الأمير وتعابير وجهه تؤكد أننا أصبحنا أمام مشروع ملك مستقبلي كامل الدسم، وأن الطريقة التي رد بها، والتعابير التي استقبل بها السؤال العفوي ذكّرت الأردنيين بالراحل الحسين بن طلال، وهي سلوكيات هاشمية لا يمكن تلقيها وتعليمها في مدارس وجامعيات لأنها سلوكيات تُكْتسب فقط، وهو سر من أسرار العائلة الهاشمية الذي احتفظت بها لنفسها طيلة العقود الطويلة الماضية.
الحسين يتقدم بقوة، وستشهد المرحلة المقبلة صعودا أقوى في الداخل الأردني، وسيذهب إلى كل المحافظات والقرى للاستماع إلى أبناء وطنه مباشرة بدون تقارير أو تقديرات، إذ يروي مقربون من الأمير أنه عندما شُخّصت حالة التواء قدمه التي أظهرته يسير رفقة عكاز طبي، رفض نصائح تأجيل لقاء شخصيات أردنية في منزل القامة الوطنية مروان الحمود، وقال إن الذهاب للقاء قامات وقِيَم وطنية مثل رجالات السلط هو أمر ينبغي الذهب إليه زحفا للتعلم منهم أولا، ثم الاستماع لهم.