جراءة نيوز - عمان : أثار تسليم البغدادي المحمودي، آخر وزير في عهد معمر القذافي، حالة من التصعيد السياسي في تونس، وهي وضعية بحسب المراقبين للشأن التونسي مرشحة للتطور إلى "أزمة سياسية"، وخاصة داخل الفريق الحاكم أو ما يعرف بالترويكا، حيث اعتبر الرئيس المرزوقي بحسب الناطق الرسمي باسم الرئاسة عدنان منصر، "بأن تسليم المحمودي من صلاحيات الرئاسة، وليس من صلاحيات رئاسة الحكومة".
كما توترت العلاقة بين الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامية والمعارضات اليسارية والعلمانية والقومية، على خلفية ما أصبح يعرف بقضية البغدادي. خصوصاً وأن العلاقة بين الطرفين يسودها التصعيد وغياب الحوار.
وفي هذا الإطار شهدت الجلسة الأخيرة للمجلس الوطني التأسيسي تبادل اتهامات بين الحكومة والمعارضة، التي لوحت بسحب الثقة من الحكومة، وقررت مساءلتها أمام المجلس التأسيسي يوم الجمعة القادم في جلسة عامة.
وفي مقابلة مع "العربية.نت" قال الكاتب والمحلل السياسي المنذر ثابت "إن تفاعلات قضية المحمودي، هي مجرد مزايدات انتخابية، على الرغم من أن التسليم يشكل في حد ذاته أزمة حقيقية من الناحية القانونية والأخلاقية، في علاقة بطبيعة الوضع السياسي والمؤسساتي في ليبيا اليوم، وكذلك في صلة مباشرة بانتهاك للقانون في صيغته المنصوص عليها في مجلة الإجراءات الجزائية".
وحول آثار تسليم المحمودي على الوضع السياسي التونسي الذي يعرف حالة من الهشاشة، يري المنذر ثابت أن "المتابع للمشهد السياسي التونسي اليوم يدرك بوضوح أن السلطة، وفي طليعتها حركة النهضة، وبرغم تعثراتها فإنها لا تزال في موقع متقدم بالمقارنة مع المعارضة التي ما تزال تبحث عن توازنها ووحدتها"
ويضيف ثابت "أن المعارضة لن تنجح في سحب الثقة من الحكومة، وسيتواصل الجدل وتسجيل النقاط في حدود أشكال احتجاجية باهتة وغير مجدية، ولن تتجاوز الاستهلاك الإعلامي والسياسي".
التسليم قانوني والبغدادي مجرم
من جهته أكد السيد نور الدين البحيري وزير العدل التونسي والقيادي في حركة النهضة الحاكمة في تصريح خاص لـ"العربية.نت" أن البغدادي المحمودي موقوف في تونس على ذمة القضاء الليبي، بسبب ما وجه له من تهم خطيرة تتصل بالاغتصاب والتحريض على القتل والمشاركة في كل جرائم القذافي الذي هدد بإفشال الثورة التونسية"
وأضاف بأن "التسليم ليس قرارا سياسيا، بل هو احترام لقرار قضائي والتزامات تونس الدولية ولاتفاقية سبق أن مضتها مع الجانب الليبي تتعلق بتسليم المجرمين، ولا يمثل تعديا أو تجاوزا على حقوق الإنسان التي تعني أيضا الإصرار على تطبيق القانون، والحرص على أن لا يفلت أحد من المحاسبة أيا كانت مكانته وأيا كان اسمه، ولا أحد فوق القانون".
ويري البحيري أن عملية التسليم "استجابة وتطبيق للقانون، وهي أيضا تأتي بعد أن تعهد الجانب الليبي بتوفير محاكمة عادلة للبغدادي، والتزم بذلك رسميا، وذلك ما تأكدت منه لجنة خاصة تونسية سافرت إلى ليبيا مؤخرا وعاينت الوضع على الميدان".
وشدد على أن "الجميع في تونس متفق على مبدأ تسليم المحمودي، وأن من صلاحيات الحكومة القيام بذلك"، وقال: "إننا نعتذر للرئاسة والمجلس التأسيسي إن رأيا في طريقة التسليم اعتداء على صلاحياتهما".