جراءة نيوز - عمان : أثار فوز دكتور محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين بمنصب رئاسة الجمهورية، ردود فعل قلقة ومتوترة في صفوف مسيحيي مصر بسبب خشيتهم من التعرض لمضايقات، وتفرقة على أساس ديني، خاصة في ظل المناخ الطائفي المحتقن في مصر. وأبدى الكثير من المصريين المسيحيين تخوفاتهم من التضييق على الحريات المتاحة لهم. ويعتقد المفكر القبطي كمال زاخر أن مخاوف المسيحيين الرئيسية تتمحور حول صياغة الدستور القادم، خاصة مع وجود رئيس إسلامي، مضيفا أن الأهم الآن أن يبحث المسيحيون عن حقوقهم وتمثيلهم في الخريطة السياسية الجديدة في البلاد.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن معظم أصوات المسيحيين ذهبت لصالح منافس مرسي، الفريق أحمد شفيق، في جولة الإعادة التي جرت قبل أسبوع، كما لم ينحز الصوت المسيحي لأي من المرشحين المحسوبين على تيار الإسلام السياسي في الجولة الأولى للانتخابات نهاية مايو (أيار) الماضي.
وتعتقد الناشطة القبطية حنان فكري أن مستقبل مصر مظلم تحت حكم الإخوان، وقالت بصوت يملؤه الغضب والحزن لـ«الشرق الأوسط»: «الحريات والإبداع في خطر.. مصر أصبحت أسيرة في يد جماعة الإخوان المسلمين»، وتابعت: «ربما يتأثر كل المصريين بحكم الإخوان.. لكن التأثير على المسيحيين سيكون مضاعفا.. سنواجه مشاكل ضخمة في بناء الكنائس وغيرها من الأمور الخاصة بنا».
وأعقب نجاح ثورة 25 يناير ظهور بعض آراء وتصريحات متشددة تجاه المسيحيين من شيوخ سلفيين معروفين متشددين، كما شهدت البلاد أكثر من حادثة طائفية سواء في العاصمة أو خارجها.
وأوضحت فكري أنها تخشى أن يستغل بعض المتشددين الإسلاميين وصول الإخوان للرئاسة لمضايقة المسيحيين في المناخ الطائفي المحموم في البلاد أصلا، مشيرة إلى قيام البعض بمضايقتها بالإشارة إلى أن الإخوان سيفرضون عليها ارتداء الحجاب.
وقالت مصادر بنكية إن «آلاف المسيحيين قاموا، ولا يزالون، بتحويل ملايين الجنيهات خارج البلاد استعدادا للهجرة حال فاز مرشح الإخوان» وهو ما حدث فعلا، وأعلنته اللجنة المشرفة على الانتخابات أمس.
وأوضحت تقارير صحافية أن مرحلة ما بعد الثورة شهدت هجرة آلاف المسيحيين بسبب تخوفهم من سيطرة الإسلاميين على السلطة، وهو ما علقت عليه فكري قائلة: «الغالبية العظمى من المسيحيين يريدون ذلك لكن القليل منهم يملكون المال والإمكانيات للهجرة خاصة أن شروطها معقدة».
وتنص المادة الثانية من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا على أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».
ويعتقد المفكر القبطي، جمال أسعد، أن الحديث عن المسيحيين بمعزل عن المصريين هو تكريس للخطاب الطائفي الموجود في مصر منذ عقود. وقال أسعد: «لا بد أن ينظر للمسيحيين كمواطنين لهم مشاكل وليس كأقلية».
وقال أسعد إن هناك مخاوف متأصلة في الضمير الجمعي للمسيحيين منها ما يتعلق ببناء الكنائس وفرض ملابس معينة، وفرض أحكام الشريعة الإسلامية.
وكان الدكتور مرسي، الرئيس المنتخب، قد تعهد عدة مرات بمعاملة المسيحيين دون أي تمييز وكمواطنين مصريين في المقام الأول.
وقال الدكتور كمال زاخر، المفكر القبطي، إن التطمينات الإخوانية للأقباط غير كافية على الإطلاق، معبرا عن خشيته أن تؤدي حالة صعود تيارات الإسلام السياسي للتراجع عن كل ما تعهد به مرسي خلال حملته الانتخابية، وتابع: «الضمانة الوحيدة حاليا هي كتابة دستور متوازن بعيدا عن الحديث عن سيطرة التيار الإسلامي على الدستور».
وعبر زاخر عن العديد من المخاوف التي تساور المسيحيين، ومنها مسألة بناء الكنائس، وتعيينات المسيحيين في المناصب العليا في الدولة، ونسبة تمثيلهم في البرلمان، مضيفا: «الأهم الآن أن يبحث المسيحيون عن حقوقهم وتمثيلهم في الخريطة السياسية في مصر وليس حقوقهم المرتبطة بالحريات والتي سيحددها الدستور لكل المصريين».
بينما قالت ماريان عازر (23 عاما) طالبة: «أخشى من تطبيق الحدود الإسلامية وتطبيق الفصل بين الجنسين في المدارس والتعاملات الاجتماعية»، مضيفة: «المشكلة أن كل شيء سيتم تمريره بغلاف رباني وهو أخطر ما يمكن أن يحدث لنا كمسيحيين».
وقال مينا فتح الله (26 عاما) موظف بشركة اتصالات: «متنازل عن جنسيتي المصرية.. لن يحكمنا تجار الدين»، لكن بيشوي وجدي (27 عاما) موظف ببنك أوضح أنه لا يخشى من حكم الإخوان كمسيحي ولكن كمصري، وقال وجدي، الذي صوت لمرسي في جولة الإعادة باعتباره المرشح الذي يمثل الثورة: «أخشى من قمع الإخوان للحريات الشخصية بالطبع»، لكنه تابع: «لكن الإخوان لا يسيطرون على شيء كما أن مرسي نفسه رئيس جمهورية بلا صلاحيات رئيس وزراء، مما يجعل المخاوف المسيحية مبالغا فيها باعتقادي».