الدنيا تضيق بداعش داخل مئات الامتار المربعة في الموصل

قالت القوات العراقية المشتركة أمس، إن إعلان السيطرة على الموصل من قبضة تنظيم "داعش" سيتم خلال ساعات، مؤكدة بقاء "عشرات الأمتار" فقط لتحريرها.
وقال قائد العمليات المشتركة في عملية تحرير الموصل القديمة العميد يحيى رسول، " إن قطعاتنا مستمرة في عملية تقدمها لتحرير ماتبقى من أجزاء مدينة الموصل القديمة، ولم يتبقى إلا عشرات الأمتار القليلة وتصل قطعاتنا إلى ضفة النهر من الجهة الغربية ويتم فرض السيطرة على ماتبقى من مدينة الموصل القديمة، القطعات مستمرة في عملية التقدم، ومازال هناك قتال ببعض أجزاء هذه المدينة، لكن قطعاتنا تحقق تقدما وانتصارات كبيرة".
وفي الشأن الميداني، أوضح المسؤول العراقي، أن المساحة المتبقية تحت سيطرة داعش هي بحدود (684 م طول و220م عرض )، تبدأ من حدود الجسر العتيق باتجاه الجسر الخامس.
وأضاف أن الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش مدعومة بالفرقة 16 تتقدم باتجاه ضفة النهر من المحور الشمالي، فيما تواصل قوات مكافحة الإرهاب التقدم باتجاه منطقة القليعات في المدينة القديمة.
وفي الموصل القديمة، تتكدس جثث المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش بين الانقاض بعيدا عن مسقط رأسهم. هؤلاء اعضاء داعش الأجانب، ومن بينهم عشرات الفرنسيين، كانوا الأشرس في دفاعهم عن آخر معاقلهم في ثاني أكبر مدن العراق.
وكانت القوات العراقية التي يدعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تلاحق آخر هؤلاء المقاتلين الذين باتوا يعدون بالعشرات، وما زالوا يبدون مقاومة شرسة في المدينة.
وتتواجه القوات العراقية خصوصا مع مقاتلين أجانب يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع آخر عناصر التنظيم الارهابي بحسب قوات مكافحة الارهاب.
ومع تقدم المعارك، راحت جثث الدواعش تتكدس في المدينة القديمة التي دمر قسم منها. وقال القائد في قوات مكافحة الارهاب الفريق الركن سامي العارضي هذا الأسبوع إن "غالبيتهم من الأجانب”.
وقال مسؤولون عدة من الشرطة ومن الجيش العراقي إن غالبية مقاتلي التنظيم الأجانب الذين يحاربون في الموصل في الأشهر الاخيرة من أصول روسية وشيشانية ومن جمهوريات سوفياتية سابقة، إضافة إلى العرب.
يأتي بعدهم مسلمون من آسيا (أفغان وباكستانيون وأويغور صينيون)، ثم أوروبيون (فرنسيون وألمان وبلجيكيون وبريطانيون خصوصا)، ثم أميركيون. لكن هذه المعلومات والأرقام لا يمكن تأكيدها بسهولة من مصدر مستقل.
القتال حتى الموت
تقول المصادر ذاتها، ان من بين المقاتلين الأجانب نحو ثلاثين ناطقين بالفرنسية رصدوا خصوصا عبر اتصالات هاتفية، لكن دون أن توضح عدد الذين يحملون الجنسية الفرنسية من بينهم. ويقول العميد عباس الجبوري أحد قادة فرقة الرد السريع للشرطة العراقية، إن "غالبيتهم من دول مثل الجزائر أو المغرب أو تونس".
وقال سكان الموصل الذين تمكنوا من الفرار من المدينة القديمة بعدما أنهكهم الجوع، إن المقاتلين الأجانب أجبروهم بشكل وحشي على البقاء في المنازل التي تعرضت غالبيتها للقصف، أو كانوا يقتلون المدنيين الذين يحاولون الفرار.
يقول مسؤولون في الجيش العراقي إن الأجانب لم يكونوا يمثلون عند بدء الهجوم لاستعادة المدينة القديمة في 18 حزيران(يونيو) الماضي سوى 20 في المائة من نحو 1200 داعشي تم إحصاؤهم آنذاك.
لكن عددا كبيرا من الدواعش العراقيين هربوا بعد تسللهم بين أفواج المدنيين النازحين عن المدينة القديمة.
ويؤكد الجيش العراقي توقيف العديد منهم، لكن مسؤولين يقولون في مجالس خاصة إن مئات عدة من الدواعش العراقيين تمكنوا من الفرار.
يقول المقدم حيدر حسين من قوات مكافحة الارهاب العراقية إن الأجانب "سيتم توقيفهم على الفور" خلال عمليات التفتيش عند مخارج المدينة، خصوصا لأنهم "لا يتقنون العربية".
من جهته، يؤكد قائد قوات مكافحة الارهاب العراقية الفريق الركن عبد الغني الأسدي أن المقاتلين الأجانب "لا يستسلمون ابدا"، ولا خيار أمامهم سوى القتال حتى الموت.
لا يخفي المسؤولون العراقيون ما سيكون عليه مصير الدواعش. ويقول الأسدي إن طالموصل القديمة ستكون مقبرتهمط. ويختصر ضابط عراقي رفض الكشف عن هويته الوضع قائلا "عندما نراهم نقتلهم".
متابعة فرنسية
تتابع باريس التي تشهد منذ العام 2015 عدة اعتداءات غالبا ما تكون مستوحاة من تنظيم داعش، الملف عن كثب عبر قواتها الخاصة المنتشرة في الموصل.
في اواخر أيار(مايو)، أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" ان فرنسا طلبت من العراق تعقب وقتل 27 داعشيا فرنسيا في الموصل، وضعت قائمة بأسمائهم لمنعهم ومقاتلين اخرين ناطقين بالفرنسية من العودة وتنفيذ اعتداءات في أوروبا.
إلا أن فرنسا والمسؤولين العسكريين العراقيين نفوا وجود مثل هذه القائمة.
لكن الأسدي يقول إن "كل مقاتلي تنظيم داعش الذين لا يستسلمون لا بد من قتلهم أيا كانت جنسيتهم".
يؤكد العديد من الضباط العراقيين أن أجهزة استخبارات أجنبية، بينها الفرنسية، أخذت عينات من الحمض الريبي النووي من جثث دواعش.
في بداية معركة استعادة الموصل قبل ثمانية أشهر، كان الدواعش يلجأون خصوصا إلى الكمائن والقناصة والسيارات المفخخة. لكن ومع انتقال المعارك إلى الشوارع الضيقة للمدينة القديمة، باتوا يرسلون عددا متزايدا من الانتحاريين.
يقول حيدر إنه في الأحياء الأخيرة التي يتحصن فيها هؤلاء المقاتلين أحيانا مع أسرهم "ينتظرون في المنازل وعندما تقتحمها قواتنا يفتحون النار أو يفجرون أنفسهم"، مضيفا "هذا الحل الوحيد المتبقي لهم"