كان يتوقع ان يكون ملعب مدينة سان بطرسبرغ الواجهة الرياضية لروسيا التي تستعد لاستضافة كأس القارات، تمهيدا لكأس العالم 20188 في كرة القدم. إلا أن الكلفة المرتفعة بعد ورشة امتدت عقدا كاملا، والفضائح المختلفة أثارت إحراجا أكثر مما استدعت فخرا.
قبل أقل من شهر على انطلاق كأس القارات المقرر في 17 حزيران (يونيو) الحالي، اضطر المسؤولون الروس الى تغيير أرضية الملعب، بعدما تضررت الأرضية الأساسية بشكل غير متوقع.
لم تكن هذه المشكلة الأولى التي تواجه الملعب، اذ ان وسائل الاعلام الروسية تقدر ان كلفة بنائه تضخمت بشكل كبير على مدى الأعوام، لتصل إلى 672 مليون دولار أميركي.
بدأت أعمال انشائه في العام 2007، وأطلق عليه اسم "كريستوفسكي" أو "زنيت أرينا" نسبة للنادي المحلي، ويتسع لـ 68 ألف متفرج. الا انه على مدى الأعوام، تحول حلم الملعب الجديد الى كابوس دائم.
ويقول المعارض الروسي أليكسي نافالني في شريط مصور نشره على الانترنت مؤخرا "كنا نتوقع ان نحصل على ملعب من القصص الخيالية، الأفضل في العالم، في وضع مثالي"، إلا أن الواقع كان مختلفا، اذ "سرقت الأموال.. على الأقل 500 مليون يورو".
وفي 2016، أوقف نائب المحافظ السابق لسان بطرسبورغ مارات أوغانيسيان بتهمة اختلاس نحو 800 ألف يورو من ميزانية الملعب.
إضافة إلى المشاكل المرتبطة بعشب الملعب، أثارت مشاكل بنيوية في استقرار المستطيل الأخضر القابل للتحريك، مخاوف من قدرة الملعب على استضافة كأس القارات التي تستمر حتى 2 تموز (يوليو).
وبعد إقامة مباراتين تجريبيتين، قرر المسؤولون عن الملعب إقامة المباراة الثالثة على ملعب آخر هو بتروفسكي القريب من الملعب الرئيسي، وذلك بهدف "الحفاظ على أرضية ملعب" سان بطرسبرغ.
اتهم المسؤول عن عشب الملعب كونستانتين كريملسنكي الشركة الروسية المسؤولة عن أرضية الملعب "بامارد"، بسوء التحضير، مشيرا الى ان العشب كان يعاني من "الفطريات والعفن"، وذلك في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية.
أما الشركة، فأكدت في رد على أسئلة لوكالة فرانس برس انها التزمت بالمطلوب منها على أكمل وجه، وان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منح موافقته على العشب لدى إطلاع لجنة منه على الملعب.
وأشارت الشركة الى ان المشاكل ظهرت لاحقا، معتبرة انه "ربما في فصل الربيع، لم تكن الظروف مناسبة لنمو العشب بشكل طبيعي"، علما ان هذا الفصل هذه السنة كان باردا وطويلا على غير العادة.
لم يكن ملعب سان بطرسبورغ الوحيد الذي تعرض لانتقادات.
في آذار (مارس)، انتقد البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب نادي مانشستر يونايتد الانجليزي، حال عشب ملعب مدينة روستوف-أون-دون، قبيل مباراة فريقه مع نادي المدينة ضمن الدوري الأوروبي "يورويا ليغ"، وقال المدرب في حينه "يصعب علي التصديق اننا سنلعب على هذه الأرضية، اذا كان في امكاننا ان نطلق عليها هذه التسمية".
في أعقاب تلك التصريحات، أغلقت رابطة الدوري الروسي الملعب لأسبوعين لإجراء عمليات تأهيل لتحسين أرضيته.
ويرى بورات ليتفينوف، المدير التجاري لملعب كازان الذي من المقرر ان يستضيف أيضا مباريات ضمن كأس العالم وكأس القارات، فالظروف المناخية الصعبة في روسيا وطول مدة المنافسات المحلية، تنعكس بشكل سلبي على جودة ملاعب كرة القدم.
ويقول لوكالة فرانس برس "لنكن صريحين: المناخ في روسيا ليس ملائما لنمو أرضية عشبية طبيعية"، أي غير اصطناعية.
أضاف "جدول الدوري الروسي ليس عمليا كذلك، لأنه ثمة أحيانا مباريات مقررة في بداية كانون الأول (ديسمبر) في ظل درجات حرارة ما دون الصفر وتساقط الثلوج".
كما ان ملعب سان بطرسبرغ كان أيضا في خضم مسألة جدلية كبيرة بعدما كشفت وسائل إعلام محلية ان عمالا أجانب من كوريا الشمالية لا يحظون بوضع قانوني، شاركوا في أعمال البناء.
وردا على سؤال لفرانس برس، أكد مدير اللجنة الروسية المنظمة لكأس العالم أليكسي سوروكين ان عمالا من كوريا الشمالية شاركوا فعلا في أعمال البناء "الا ان ظروف عملهم لم تكن عمليا مختلفة عن ظروف العمال الآخرين".
روسيا تريد ان تظهر "بأفضل صورة"
أكد أليكسي سوروكين، مدير اللجنة الروسية المنظمة لكأس العالم في كرة القدم 2018، في حوار مع وكالة فرانس برس ان إقامة كأس القارات 2017 ومونديال 2018، فرصة لتقديم البلاد "بأفضل صورة".
وتستضيف روسيا كأس القارات من 17 حزيران (يونيو) حتى الثاني من تموز (يوليو)، وكأس العالم من 14 حزيران (يونيو) إلى 15 تموز (يوليو) 2018.
في ما يأتي نص الحوار:
- ماذا يمثل بالنسبة الى روسيا تنظيم كأس القارات والمونديال؟
سوروكين: "للمرة الأولى تقام هاتان المسابقتان في شرق أوروبا. انها فرصة كبيرة لنتمكن من تقديم بلدنا للعالم أجمع بأفضل صورة. وسنكون سعداء باستقبال كل المدعوين الذي سيختارون المشاركة في هذين الحدثين، وان نجعل اقامتهم رائعة ولا تنسى".
- ما هي التحديات الرئيسية في التحضير لهذين الحدثين في بلد بهذا الاتساع؟
سوروكين: "لا تزال الاستعدادات قائمة، لكني استطيع التأكيد بأننا لم نواجه حتى الآن سوى مشاكل صغيرة. التحضيرات لكأس القارات تجري دون صعوبة لأن المدن الأربع التي ستحتضن المباريات (موسكو وسان بطرسبورغ وقازان وسوتشي) هي مراكز رياضية معروفة وتتمتع ببنى تحتية متطورة وخبرة صلبة في تنظيم الاحداث الكبيرة. انها جميعها مستعدة لاستقبال تدفق كبير من السياح".
- ثمة قلق جدي بخصوص أعمال الشغب والعنصرية خلال المنافسات الرياضية. ثمة أصوات منتقدة تؤكد ان السلطات لا تأخذ هذه المسائل على محمل الجد بما يكفي. ما هو ردكم؟
- سوروكين "بالطبع، ثمة بعض حالات العنصرية تمت ملاحظتها في الماضي واحيانا في الوقت الراهن. لا يعني هذا ان ثمة نزعة من هذا القبيل في بلدنا. المجتمع الروسي المتعدد الثقافة لا تشوبه العنصرية. المواجهات (بين المشجعين الروس والانجليز) في مرسيليا العام الماضي (خلال كأس اوروبا 2016) كانت بغيضة. لكن السلطات الروسية أعدت إجراء أمنيا مفصلا سيطبق للحؤول دون تكرار هذا السيناريو. لقد انجزنا نظام بطاقة الهوية للمشجع التي تعطي محبي كرة القدم في العالم أجمع الحق بدخول البلاد دون تأشيرة والتنقل مجانا بين المدن المضيفة للمباريات. الا ان هذه البطاقة ستستخدم أيضا كإجراء أمني إضافي. ثمة اتفاقات دولية تعطي قوات حفظ النظام الروسية فرصة تبادل المعلومات مع أجهزة الشرطة الخارجية لتحديد هوية مثيري الشغب المتشددين وابقائهم خارج الملاعب".
- يرى البعض ان تنظيم هذه الاحداث الرياضية ليس سوى خطوة ترويجية من قبل الكرملين الذي ليس لديه الا القليل لتقديمه للروس.
سوروكين "غير صحيح القول ان تنظيم مثل هذه المسابقة في كرة القدم ليس الا حركة ترويجية من قبل الكرملين. روسيا انفقت مبالغ هائلة في التحضير لاستضافة كأس القارات وكأس العالم. بالتأكيد، تحسنت بشكل كبير البنى التحتية في المدن المضيفة، لكن المونديال يعجل بشكل كبير هذه المسيرة. لقد سمحت الاستعدادات بتطوير ليس فقط الملاعب الرسمية وملاعب التدريب، وانما ايضا نظام النقل والفنادق ومنشآت اخرى في المدن المضيفة. سيكون ذلك ايجابيا بدون شك بالنسبة الى المواطنين مهما تكن علاقتهم بكرة القدم".