آخر الأخبار
  كلية التدريب المهني المتقدم في الأردن تحتفل بتخريج المشاركين والمشاركات في مشروع "القبس (2)" في العقبة   خط جديد للباص السريع يربط الزرقاء بعمان   وزير الدولة لتطوير القطاع العام:"الحكومة لن تستغني عن أي موظف"   عمان الأهلية تنظم فعالية توعوية " كونوا بخير" ضد السرطان   قرار خفض الفائدة في الأردن يدخل حيز التنفيذ   تصادم وتعطل مركبات ومناطق تشهد تشكلاً للضباب   تقارير : تجميد أموال الاسد في روسيا وأسماء تطلب الطلاق   قرارات مجلس الوزراء   الفصائل الفلسطينية تبشر بخصوص وقف إطلاق النار في قطاع غزة   الجيش يحبط محاولة تسلل طائرة مسيرة من الواجهة الغربية   لم يكلف نفسه عناء تحذير أقاربه أو اشقائه .. تفاصيل جديدة حول هروب "المخلوع" بشار الاسد من سوريا   تفاصيل حالة الطقس حتى الثلاثاء .. وتحذيرات هامة للأردنيين   حسان دون موكب أو حرس داخل ناديه الرياضي (الجيم)   إعلان هام لمستخدمي "الباص السريع" حول ساعات عمله   هل أصيب أي أردني بحادثة الدهس بسوق عيد الميلاد شرقي ألمانيا؟ بيان صادر عن "وزارة الخارجية" يجيب ..   إعلان هام للسوريين المتواجدين في الاردن الراغبين بالعودة الى سوريا   وزارة الصحة الاردنية: هذا الخبر عارٍ عن الصحة   الحكومة: توسيع شبكة الغاز لتشمل المدن الصناعية كافة قريبا   البترا تخسر 75 % من زوارها الأجانب   هكذا أصبح سعر الليرة الإنجليزي والرشادي السبت

خبراء: "مرض الزرقاء" جرس إنذار لإعادة النظر في سياسة ضبط العدوى

{clean_title}

 

وكاله جراءة نيوز - عمان - بعد يومين من إعلان وزير الصحة 'السيطرة' على 'المرض الغامض' الذي ضرب كوادر طبية في مستشفى الزرقاء الحكومي، أُعلِن عن إصابة طبيب في المستشفى، لترتفع الإصابات إلى 12 إصابة من بينها حالة وفاة.

ولم يحدد مدير مديرية المختبرات في وزارة الزراعة الدكتور أكثم حدادين، تاريخاً لظهور نتائج فحوصات العينات التي قامت بها مختبرات الصحة العامة في المديرية، ولكنه أكّد  أنها 'ستعلن قريباً'.

في الأثناء، فإن خبراء ينبّهون إلى أن الانشغال بتحديد هوية الجرثومة التي سببت المرض، لا يجب أن تحرف الأنظار عن الكيفية التي انتقلت بها إلى المصابين، وأكّدوا أنه يجب التعامل مع حادثة مستشفى الزرقاء بوصفها 'جرس إنذار'، يكشف مواطن الخلل 'العميقة' في إجراءات ضبط العدوى التي يفترض بالمستشفيات تطبيقها.

عندما تسبب المستشفيات المرض

كما بات معروفاً، فإن المستشفيات، وبالتحديد غرف العناية المركزة والعمليات والطوارئ، أصبحت كما يقول خبراء أماكن 'تتوطّن' فيها أنواع عديدة من البكتيريا والفيروسات، والسبب الأساسي في ذلك، هو سوء استخدام المضادات الحيوية التي أدّت إلى ظهور سلالات من البكتيريا مقاومة للكثير من أنواع المضادات، إضافة إلى حقيقة أن المضادات الحيوية غير قادرة على قتل الفيروسات.

هذه الجراثيم، كما يقول رئيس شعبة الأمراض المعدية في مركز الحسين للسرطان الدكتور مصطفى سعد موجودة في المستشفى في الماء وعلى مختلف الأسطح من أرضيات وأجهزة وستائر وأدوات وغيرها، إضافة إلى أنها محمولة في الكوادر الصحية والزوّار، فهؤلاء كما يلفت قد يكونون حاملين للجراثيم ولكنهم لا يشكون بالضرورة منها، في حين أن هذه الجراثيم يمكنها أن تشكّل خطراً عظيماً على المرضى في حال انتقالها إليهم، وذلك لضعف مناعتهم، وسوء حالتهم الصحية.

إضافة إلى ذلك فإن المرضى، وفق الدكتور سعد يتعرّضون إلى إجراءات طبية قد تتسبب، إذا لم تُنفّذ وفق المعايير الصحيحة، بإصابتهم بالعدوى، ومنها العمليات الجراحية، والوضع على أجهزة التنفس الاصطناعي وسحب عينات الدم، وعمليات القسطرة البولية 'مثلاً إذا أهمل الممرض تعقيم مكان سحب عينة الدم، فإن هناك احتمالاً أن يصاب المريض بالتهاب دم يودي بحياته'.

من هنا، فإن تطبيق إجراءات 'صارمة' لضبط العدوى في المستشفيات كما يقول مستشار طب الأطفال والأمراض المعدية والسارية الدكتور وائل هياجنة ضرورة ملحّة، وهي إجراءات يجب أن تكون جزءاً من برنامج متكامل ينظم التعامل مع كل مفردة في العملية الصحيّة.

إن أي برنامج لضبط العدوى كما يضيف الهياجنة الذي يعمل أستاذاً في كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا يجب أن يتضمن سياسات لتوفير المستهلكات، وتحسين البنية التحتية، وضبط الغذاء والهواء والطعام داخل المستشفيات، وصيانة دورية للأجهزة وفحوصات دورية للعاملين، وآليات واضحة ودقيقة لكيفية التنظيف والتعقيم، وطرق التخلص من النفايات، ومعايير تنظم التعامل مع كل حالة مرضية، فتحدد متى يجب أن يرتدي الطبيب أو الممرض القفازات، ومتى يرتدي الكمامة والمريول، وتوضّح بشكل دقيق كيفية تطهير الأرضيات، والأجهزة، والإجراءات الصحيحة لعزل المرضى الذين تحتاج حالتهم إلى العزل، إضافة إلى عملية رصد مستمرة للالتهابات التي تحدث داخل المستشفى، وغير ذلك كثير من الإجراءات التي تضمن السيطرة على الجراثيم.

ويعود الدكتور سعد للتأكيد على أن الإجراء الأهم الذي ثبت أنه يخفّض إلى حدّ كبير مخاطر انتقال العدوى هو النظافة إذ أن 'هناك حالات تكون فيها الأدوات والأسطح في المستشفى نظيفة، ولكن الفحص المخبري يكشف وجود جراثيم، فلنتخيل مثلا الوضع إذا كان المستشفى يفتقر أصلا إلى هذه النظافة الظاهرية. هذا معناه قطعاً أنه يفتقر إلى أي إجراءات حقيقية لضبط العدوى'.

أما إجراء النظافة الأكثر فعالية، والذي أثبت كما يضيف الدكتور سعد، فعاليته بشكل كبير في تخفيض مخاطر نقل العدوى إلى المرضى أو إلى الكوادر الصحية فهو إجراء غسل الأيدي، الذي يجب أن يلتزم به أفراد الكوادر الطبية.

يذكر أن دراسة أجريت العام الماضي رصدت التزام الأطباء بغسل أيديهم .

الدراسة المنشورة على موقع وزارة الصحة، وصفت التزام الأطباء بغسل أيديهم أثناء ممارستهم الإجراءات الطبية بـ'المنخفض'، الأمر الذي يؤكّده الدكتور سعد.

ووفق مدير مديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة الدكتور محمد العبداللات، فإن الوزارة تخصص 'ميزانية كبيرة' لشراء المطهرات والمنظفات عالية الفعالية، لكن 'في النهاية الأمر كلّه يتوقف على السلوكيّات، بمعنى أن الوزارة إذا وفرت لك المطهّرات ولكنك لم تغسل يديك، أو غسلتها بطريقة غير صحيحة، فما هي الفائدة؟ نحن لا نستطيع وضع حارس على كل غرفة لمراقبة الناس إن كانوا يلتزمون بغسل أيديهم أم لا. ومع ذلك فإن التزام كوادرنا بذلك جيد'.

ويعلّق الدكتور الهياجنة هنا، بأنه تتوفر الآن طرق حديثة لغسل الأيدي، تشكّل بديلا فعالا وسهلاً لطريقة الماء والصابون وهي وضع مطهّر على باب غرفة كل مريض، بحيث يستخدمه الطبيب عند دخوله وخروجه من الغرفة 'المشكلة هي أن هذا البديل مكلف اقتصاديا، ومن هنا لا نجد أنه موجود في جميع المستشفيات'.

كلفة هذا النوع من المطهّرات هو مثال واحد، كما يقول هياجنة على الكلفة الاقتصادية التي تتطلبها برامج ضبط العدوى، والتي من بين ما تتطلبه توفير المستهلكات، وتوفير البنية التحتية التي تساعد على السيطرة على الجراثيم ومنها مثلا غرف بمواصفات خاصة للمرضى الذين يحتاجون إلى العزل، إضافة إلى تعيين أشخاص مدربين لمراقبة التزام الكوادر بإجراءات ضبط العدوى 'المستشفيات التي تؤمن بضرورة تطبيق برنامج حقيقي لضبط العدوى تعيّن مسؤولاً خاصاً متخصصاً يشرف على المراقبة، يمكن ان يصل راتبه إلى 3 آلاف دينار، في حين أن مستشفيات أخرى تكلف بذلك أحد الكوادر الطبية إضافة إلى عمله الأصلي، مقابل بدل مالي زهيد، ويكون في الغالب شخصاً غير متخصص، بل اجتاز دورة تدريبية مثلاً'.

هل تطبّق جميع المستشفيات إجراءات حقيقية لضبط العدوى؟

وفق العبدلات، فإن الإجابة هي نعم، ففي الوزارة قسم مركزي يقوم بالإشراف على تطبيق إجراءات ضبط العدوى، وهي إجراءات 'واضحة ومكتوبة ويتم تحديثها باستمرار، وآخر تحديث لها كان العام الماضي'.

كما تتولى الوزارة كما يقول العبداللات تنظيم ورشات تدريبية للكوادر الصحية، وقامت بإعداد أدلة تتعلق بضبط العدوى والتعقيم، وإضافة إلى ذلك هناك في كل مستشفى لجنة لضبط العدوى، وضابط ارتباط، تلقوا التدريب اللازم، ويقومون بمهمة المتابعة 'الحثيثة' لمراقبة التزام الكوادر الطبية بالإجراءات.

ويؤكد على ذلك رئيس قسم مختبرات الصحة العامة في مديرية المختبرات في الوزارة الدكتور رفيق عبد الرحمن، الذي قال إلى 'الغد' إنه تمّ العام الماضي تأسيس إدارة مديرية خاصة لإدارة المخاطر الحيوية في مختبرات المستشفيات، تشرف على تدريب فنيي هذه المختبرات على معايير التعامل السليم مع العينات والنفايات الطبية، منعاً من تحوّل هذه المختبرات والفنيين إلى أدوات لنقل العدوى.

في المقابل فإن الهياجنة يصف تطبيق سياسة ضبط العدوى في الأردن بأنه 'متفاوت'، وهو كما يقول يختلف بشكل كبير من مستشفى إلى آخر 'في بعض المستشفيات تطبّق بشكل ممتاز، وفي بعضها الآخر الوضع سيء جداً'.

إن الأمر كما يضيف الهياجنة يعتمد على 'العقلية' التي تدير المستشفى، والطريقة التي تفهم بها الجدوى الاقتصادية، فهناك إدارات ترى في الإنفاق على إجراءات ضبط العدوى عبئا مالياً، في حين أن إدارات أخرى تؤمن أن إنفاق مبالغ مالية كبيرة على إجراءات معينة تضبط العدوى سيوفر عليها مبالغ مالية أكبر تدفعها نفقات علاج للأمراض التي سببتها العدوى، والأهم أنه سينقذ حياة كثيرين من الذين يذهبون ضحية لعدوى المستشفيات 'لقد ثبت علمياً أن من بين كل 100 حادث يقع في المستشفيات ويمكن منعها، فإنه 30 إلى 40 % منها تتعلق بإجراءات ضبط العدوى'.

رصد 'عدوى المستشفيات' لتقييم فعالية إجراءات ضبط العدوى

كما سبق ذكره فإن قيام المستشفيات برصد الالتهابات التي تحدث داخلها هو أحد الإجراءات الأساسية لبرنامج ضبط العدوى، ووفق العبدلات، فإن الوزارة تطبّق هذا الإجراء ولكن 'في بعض المراكز المختارة، وهي المستشفيات الكبيرة التي فيها وحدات عناية مركزة فيها أعداد كبيرة، أما المستشفيات الصغيرة فإنها تقوم بإبلاغ الوزارة بأي وضع غير طبيعي، كما حدث في مستشفى الزرقاء مؤخراً'.

وهنا يؤكد الدكتور سعد أن عملية المتابعة الحثيثة للالتهابات يجب أن تطبق في جميع المستشفيات دون استثناء وبغض النظر عن حجمها 'المشاكل قد توجد في المستشفيات الصغيرة كما هي في الكبيرة، فكيف يمكننا التأكّد من أن هناك مشكلة أو لا، إذا لم يكن لدينا معلومات'.

يذكر أن دراسة أجرتها وزارة الصحة العام 2008، كشفت عن أن نسبة الإصابة بعدوى المستشفيات في الأردن هي 10.4 %،ووفق تصريح صحفي سابق لمدير إدارة المستشفيات في وزارة الصحة الدكتور أحمد قطيطات، فإن هذه النسبة 'ضمن النسبة العالمية التي تتراوح بين 5 إلى 15 % في الدول المتقدمة، و10 إلى 20 % في الدول النامية'.

وينبّه سعد إلى أن مسألة رصد الالتهابات والخروج بأرقام تعطي صورة دقيقة عن حجم مشكلة عدوى المستشفيات ليس عملية سهلة، وتتداخل فيها العديد من العوامل، فقد يصاب شخص بعدوى من مستشفى، ويذهب للعلاج منه إلى طبيب أو مستشفى آخر، وقد لا يشخّص الطبيب الالتهاب بشكل صحيح، لأن بعض الالتهابات لا ترافقها حرارة 'وقد لا يكون هناك متابعة في الأصل، لأن المتابعة تحتاج إلى جهد إضافي'.

شركات التنظيف 'المسؤوليات المقلوبة'

طبيب متخصص في الأمراض المعدية، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إلى 'الغد' إنه عندما يتعلق الأمر بسياسات ضبط العدوى، فإنها ومثل الكثير من السياسات الأخرى في الأردن 'سنجد كلاماً جميلاً مكتوباً على الورق، ولكن لا يوجد له أي تطبيق على الأردن'.

الطبيب أعطى مثالاً على واحد من الانتهاكات 'الصارخة' التي قال إنها تمارس يوميّاً في كثير من المستشفيات وهي إعطاء مهمة التعقيم لعمال النظافة في شركات التنظيف التي تتعاقد معها المستشفيات، وهذا كما يقول 'خطأ فادح' لأن عملية التنظيف داخل المستشفيات، تحكمها معايير علمية فكل سطح له إجراءات خاصة للتنظيف والتعقيم سواء كان أرضيات أو أسرّة مرضى أو أجهزة طبية، كما أن لكل غرفة طريقة تنظيف معينة بحسب وظيفتها.

ووفق العبداللات فإن 'المسؤوليات والأدوار داخل المستشفيات محدّدة، وإذا سُمح لعامل النظافة أن ينظف الأرضية، فإن ذلك يكون بإشراف مباشر من رئيسة القسم ومشرفة التمريض، أما الأجهزة، فإن مختصين هم الذين يتولون تنظيفها'.

لكن الطبيب سابق الذكر أكّد 'من واقع الخبرة' كما قال، أن من يتولّى عملية التنظيف والتعقيم فعلاً في المستشفيات هم عمال شركات التنظيف 'وهؤلاء لا يتلقون تدريبا يُذكر، ورواتبهم متدنية، وهم أصلاً غير ثابتين، ويتغيّرون باستمرار'.

طبيب آخر، طلب هو أيضاً عدم الكشف عن اسمه، وصف هذا الوضع بأنه وضع 'المسؤوليات المقلوبة، ففي العلم الحديث، تكون مسؤولة التمريض هي الآمر الناهي الذي يوجّه هذا النوع من المهام، ولكن في بعض المستشفيات، عندما تنتقد أمراً يُقال لك إن عمال النظافة هم من يفعلون ذلك، وهذا دليل على أن المسألة لا تتعلق فقط بتغيير البنى التحتية، إنها أساساً تتعلق بتغيير الذهنية السائدة'.