لماذا لم تنخفض أسعار الاسمنت رغم تراجع المحروقات؟
رغم التراجع الكبير في أسعار المحروقات، إلا أن أسعار الاسمنت لا زالت تراوح مكانها، في حين كانت تتأرجح صعودا وهبوطا منذ اتباع سياسة تسعير المحروقات شهريا في الأردن عام 2008.
الثبات في السعر الذي يشهده طن الاسمنت، والذي يتراوح ما بين 105-108 دنانير للطن، في ظل تدهور أسعار المحروقات، فتح شهية المراقبين على التكهنات بأسباب الثبات السعري، وصل حد اتهام تجار الاسمنت للشركات باحتكار الاسمنت والاتفاق على السعر.
ودفعت هذه الاتهامات وزيرة الصناعة والتجارة والتموين مها العلي للإعلان في لقاء نيابي قبل بضعة أشهر، عن عزم الوزارة إجراء دراسة لسبب ثبات الأسعار رغم تراجع المشتقات النفطية.
ونفت شركات عاملة في السوق هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، مؤكدة أن لا علاقة بين تسعيرة المشتقات النفطية الشهرية وكلف الإنتاج، منذ أن سمحت الحكومة لشركات الاسمنت باستعمال الفحم كمصدر طاقة في عام 2013.
وتملك 5 شركات اسمنت عاملة في السوق، ستة مصانع أحدها متوقف عن العمل لعدم السماح له باستخدام الفحم بالإنتاج.
وجميع شركات الاسمنت في الأردن استثمارات أجنبية، باستثناء مصنع أردني واحد، هو شركة المناصير، في حين تعتبر لافارج واسمنت الشمالية واسمنت الراجحي واسمنت القطرانة استثمارات أجنبية.
وتقول مصادر في شركات الاسمنت إن لا علاقة لأسعار الاسمنت وتكاليف إنتاجه بأسعار مشتقات النفط، منذ عام 2013، وهو تاريخ السماح باستعمال الفحم في الإنتاج كبديل عن زيت الوقود الثقيل.
وشهدت أسعار الاسمنت ارتفاعات متلاحقة منذ عام 2008، وهو العام الذي بدأت فيه أولى خطوات تحرير سوق المحروقات، واللجوء للتسعير شهريا لكافة المشتقات النفطية، وصلت في فترات إلى 110 دنانير للطن.
وكان السعر يعكس كلف المحروقات، وفق المصادر، وفي مقدمتها زيت الوقود الثقيل، ما دفعها للطلب من الحكومة استخدام بدائل عن زيت الوقود، وهو ما كان في عام 2013.
ففي ذلك العام، حسب المصادر، بدأ استخدام الفحم كوقود في مصانع الاسمنت، ما حيّد أثر أسعار الوقود الصناعي.
وتقول «إن كلف الاسمنت مرتبطة اليوم بأسعار الفحم البترولي والحجري، وهما مصدران للطاقة مختلف تماما عن النفط، وفي سوق لا ترتبط أسعاره بتحركات أسعار براميل النفط صعودا أو هبوطا».
وحسب رصد «الرأي»، هناك عدة مصادر لمادة الفحم حول العالم، يختلف السعر من منطقة لأخرى حسب طبيعة الخام ودورة تصنيعه، حيث شهدت معدلات الأسعار انخفاضا تراوح بين 10-20% بين أعوام 2013-2015، فيما سجلت عقود الفحم القياسية حوالي 53 دولارا للطن في فترة سابقة من العام الماضي، وبما يشكل أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني من عام 2003، وانخفاضا بأكثر من 75% عن أعلى مستوى لها في الإطلاق المسجل في عام 2008، وأكثر من 60% عن أحدث مستوى مرتفع وصلت إليه في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011.
لكن، والحديث للمصادر، لا تقتصر الكلف على أسعار الفحم، بل ترتبط بما بعد السماح باستخدام الفحم، من استثمار لتجهيز المصانع لاستخدام الفحم، إلى ارتفاع كلف النقل، خصوصا بعد إغلاق الخطوط البرية مع سوريا ولبنان، اللتين كانت تصل شحنات الفحم عبرها، بسبب الظروف السياسية والأمنية هناك، واعتماد ميناء العقبة لاستيراد الفحم، وما يرتبط بذلك من كلف الاشتراطات البيئية لمنطقة العقبة الاقتصادية، وكلف النقل من العقبة إلى المصنع، وقبلها كلف المرور من قناة السويس.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن كلف الطاقة والكهرباء تشكل 85% من كلف إنتاج الاسمنت في الأردن، لافتة إلى أن أسعار الكهرباء ارتفعت بشكل كبير في الفترة الماضية، فضلا عن ارتفاع رسوم التعدين.
وشهدت أسعار الكهرباء منذ عام 2013 ارتفاعا وصل إلى 45%، فيما كان مرشحا لمزيد من الارتفاع العام الحالي والمقبل، وبنسبة إضافية تبلغ 30%، قبل صدور قرار حكومي بعدم زيادة الأسعار تماشيا مع الانخفاض الكبير في أسعار النفط عالمي، وقبلها بعامين ارتفعت بنسبة 26%.
وأكدت المصادر أن الارتفاع في الكلف يشمل التكاليف الثابتة، وفي مقدمتها رواتب العاملين، وهي كلف مرشحة أيضا للزيادة مع رفع نسبة اشتراكات صندوق تقاعد الضمان الاجتماعي، التي دخلت حيز التطبيق اعتبارا من الشهر الحالي.
ويعوّل المراقبون على دراسة وزارة الصناعة والتجارة، لحسم مسألة ثبات أسعار الاسمنت على ارتفاع منذ عامين، وعلاقة الكلف الثابتة والمتغيرة بصعود الأسعار.