مقترح مرتبط بـ"الطلاق" يثير الجدل في مصر
أثير جدل في مصر مؤخرا حول مقترح يدعو إلى "حصول المرأة على نصف ثروة الزوج عند الطلاق"، وانقسمت الآراء بين اعتبار المقترح بمثابة "ظلم للرجل" و"تشجيع للمرأة على الطلاق"، وبين آخرين رأوا أنه "يحفظ حقوق المرأة".
وعاد الجدل من جديد حول المقترح بعد أن قالت رئيسة نادي المطلقات عبير الأنصاري، في تصريحات تلفزيونية مؤخرا، إنها تؤيد ذلك المقترح بوصفه "فكرة مقبولة ويمكن أن يتم وضعها لتنفق السيدة على نفسها"، واعتبرت أن "الفكرة ليست غريبة عن المجتمعات الغربية".
لم تمر تصريحات الأنصاري مرور الكرام، حول تأييد تلك المقترحات، وتم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تعليقات متباينة بين التأييد والرفض، وحديث متصل حول حقوق المرأة والرجل، وقوانين الأسرة.
إنصاف المرأة
وكانت عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري سابقا، الدكتورة آمنة نصير، أول من تقدم بذلك المقترح ونادت به.
واعتبرت أنه ينصف المرأة حال طلقها زوجها، لا سيما في ظل وجود آلاف الحالات ممن يتم تطليقهن بعد سنوات طويلة من الزواج، ويخرجن من منازلهن دون ثمن، ودون أن يملكن أي شيء.
اعتبار المقترح بمثابة أمر رادع للزوج قبل تطليق الزوجة ودافعا للتفكير في هذا القرار وتداعياته، هو الأمر الذي يستند إليه كثير من مؤيدي المبادرة في اعتقادهم بكون إقرار مثل ذلك المقترح من شأنه الحد من نسبة الطلاق الكبيرة التي تشهدها مصر، ما يؤدي إلى تماسك الأسرة.
وكانت مصر قد شهدت في العام 2020، قرابة 218 ألف حالة طلاق، مقابل 225 ألف حالة في عام 2019، و201 ألف في 2018 بحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
حقوق الزوجة
وحول هذه القضية، أشارت ياسمين محمد، مديرة حملة أمهات تصنع المستحيل، إلى أن "أغلب حالات الخلع في مصر هي حالات طلاق للضرر، ولكن يصعب إثباتها، فعلى سبيل المثال لا تستطيع الزوجة الإتيان بشهود يؤكدون أن زوجها اعتدى عليها بالضرب أو كان عنيفا معها أو يسيء معاملتها، فتلجأ إلى الخلع والتنازل عن حقوقها كافة".
وتضيف أن "أغلب المطلقات في مصر لا يستطعن الحصول على حقوقهن الشرعية بعد الطلاق، وأغلب حالات الطلاق تكون عن طريق الإبراء لصعوبة الطلاق".
وبالتالي ترى ياسمين أن مقترح حصول المطلقة على نصف ثروة الزوج "هو على أرض الواقع الفعلي كلام بعيد عن الواقع، ففي حين تجد المطلقة صعوبات في الحصول على حقوقها المقررة قانونا الآن، كيف يمكن الحديث عن حصولها على نصف ثروة الزوج".
لكنها تعتقد بأهمية أن يكون "إذا تجاوزت مدة الزواج فترة طويلة تصل إلى 15 عاما، لابد من إيجاد حلول أخرى للمرأة المطلقة. لا يجب أن يُلقى بامرأة سنها 50 أو 60 عاما في الشارع بعدما تزوجت وأنجبت وعاشت عمرها بأكملها في خدمة الرجل، وبعد أن كبر الأبناء يتم التخلي عنها، ويتزوج الزوج من أخرى. لابد من وجود مخصصات للزوجة تضمن لها حياة كريمة".
تطبيق بشروط
وتعلّق المستشارة النفسية المتخصصة في الإرشاد الأسري الدكتورة جيهان النمرسي، على الجدل الدائر حول مقترح حصول المرأة على نصف ثروة زوجها، قائلة: "إن الزواج بني على الرحمة والود والتوافق والتراحم بين الطرفين، وتكون القوامة للزوج من خلال الإنفاق، وللزوجة الحق في الحصول على الميراث بعد وفاته، والحصول على النفقة بعد الطلاق".
وتوضح أن "المقترح الخاص بحصول المطلقة على نصف ثروة زوجها يمكن تطبيقه بشروط معينة، أهمها ألا تقل مدة الزواج عن 15 عاما".
وتبيّن النمرسي أن "المرأة المصرية عندما تكون حالة الزواج مستقرة تكون سندا وأمانا لزوجها، تدعمه وتقف إلى جواره، وتصنع منه رجلا عظيما، خاصة المرأة المتفرغة لبيتها، والتي تركت عملها وشهادتها لتهيئة الظروف لزوجها، وهذه المرأة من حقها ضمان حقوقها بعد أن أهدرت سنوات من عمرها في خدمة زوجها، وهنا يمكن الحديث عن حصول المرأة على نصف ثروة زوجها بعد طلاقها بعد سنوات من الزواج".
ويضمن مقترح تحديد فترة مرور 15 عاما على الزواج لحصول المرأة المطلقة على نصف ثروة زوجها، بمثابة معالجة لشبهة تشجيع المقترح المرأة على الطلاق.
وتشير النمرسي إلى أن الأمر صعب بالنسبة للمطلقات بعد عام أو عامين من الزواج، متسائلة: "إن كانت المرأة متزوجة من رجل غني أو لديه ميراث أو ميسور الحال من الأساس، وتم تطليقها بعد عام أو عامين، فبأي حق تحصل على نصيبها من ثروته التي لم تشارك في صنعها من خلال دعمه أو الوقوف إلى جواره. بالنسبة للطلاق الذي يتم بعد عام أو عامين، فهذه إشكالية أخرى. يتعين على المرأة قبل الزواج التأكد من أن هذا الزوج سوف يصونها ويحفظها، وإن وقع الطلاق بعد فترة قصيرة يمكنها العمل على الحصول على جزء من راتبه، لتغطية ما يلزم لإعالة أطفالها".
تشجيع على الطلاق
وفي مقابل الآراء المؤيدة للمقترح، يرى المعارضون أنه يأتي بنتائج عكسية، وهي زيادة نسب الطلاق.
وشاركت خبيرة العلاقات الأسرية، منى أبو شنب (صاحبة مبادرة تعدد الزوجات)، بثا مباشرا لها عبر "فيسبوك"، انتقدت خلاله تلك المقترحات، واعتبرتها "تُشجع على الطلاق"، بما لذلك من انعكاسات سلبية على المجتمع واستقراره، وحذرت من تداعيات خطيرة لمثل تلك المقترحات التي تمثل ظلما للرجل.
وقالت أبو شنب إن الدعوة لحصول المرأة المطلقة على نصف ثروة زوجها، إضافة إلى حصولها -بعد الطلاق- على الشقة والنفقة والمؤخر، تمثل دعوة وتشجيعا للطلاق، من أجل حصول المرأة على المال، واصفة الأمر بأنه أشبه بـ "مشروع استثماري" لجهة زواج المرأة ثم طلاقها للحصول على تلك الأموال، معتبرة أن الأمر من شأنه زيادة عدد المطلقات بصفة عامة.
ومن ردود الأفعال الرافضة أيضا، وتحت عنوان "لا تذبحوا الرجل"، قالت الكاتبة الصحافية المصرية أماني عزام، إن "المقترح لا يمكن وصفه إلا بأنه دعوة هزلية عبثية وتحريض على الفحشاء للرجال والسيدات دون زواج، شباب اليوم لا يجد قوت يومه، يفني عمره في أعمال مضاعفة برواتب بسيطة لا تكفي متطلبات الحياة مما تسبب في عزوف الكثيرين عن الزواج لعدم قدرتهم على توفير نفقاته، فماذا نريد منهم؟!".