آخر الأخبار
  تحذير صادر عن "إدارة السير" للأردنيين بشأن المواكب   تحذير صادر عن مدير مركز الحسين للسرطان للأردنيين   رئيس وزراء قطر: اجتماع وشيك للوسطاء بشأن اتفاق غزة   أبو الغيط: الأردن في قلب الاحداث ودبلوماسيته نشطة للغاية   النائب الهميسات يوجه سؤالاً للحكومة بخصوص مديرة المواصفات والمقاييس   الحكومة الاردنية ستنظر برفع الرواتب بموازنة عام 2027   الملك يهنئ أمير دولة الكويت بذكرى توليه مقاليد الحكم   عثمان القريني يكشف عن موعد مباراة الاردن والمغرب وحقيقة تغير موعدها   تفاصل حالة الطقس في المملكة حتى السبت   العيسوي يلتقي وفدا من أبناء عشائر حلحول- الخليل بالأردن   وزير البيئة: بدء إعداد البرنامج التنفيذي للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات   "الملكية الأردنية" تسير 20 رحلة إلى قطر دعما للنشامى بأسعار مخفضة   خبير يرجح إجراء تعديل على قانون الضمان الاجتماعي خلال أشهر   مالية الأعيان تدعو لرفع سن تقاعد الاختصاصيين في الحكومة إلى 70 عامًا   حسّان: الحكومة ملتزمة بالانضباط المالي وحماية ذوي الدخل المحدود   وزير المالية: تجنبنا المزيد من الاقتراض ونؤكد النظر برفع الرواتب   الملك يهنئ أمير دولة الكويت بذكرى توليه مقاليد الحكم   رئيس الوزراء: ننتظر النشامى بتفاؤل وحماس في نهائي كأس العرب   التعليم العالي تخصص 2632 منحة جزئية وقرض لأبناء المعلمين   ولي العهد: جماهير الأردن مصدر قوة وعزيمة للنشامى

غطرسة الاستيطان والتواطؤ الأمريكي يكفيان للانسحاب الفلسطيني من المفاوضات

{clean_title}

جراءة نيوز - عربي دولي:

لم تترك حكومة نتنياهو المفاوض الفلسطيني لحظة واحدة لالتقاط الأنفاس، فقد أعلنت قبل 48 ساعة من بدء المفاوضات عن بناء 1200 وحدة سكنية وإقامة مواقع استيطانية جديدة على الأراضي الفلسطينية.
 المفاوض الإسرائيلي يقرر من طرف واحد نتيجة التفاوض، في سابقة لم تشهد العلاقات الدولية مثيلا لها. 
وكانت الحكومة قد أدرجت 91 مستعمرة مقامة على الأراضي الفلسطينية كمناطق تطوير درجة أولى. وبحسب افتتاحية هآرتس فإن هذه « الحكومة تفعل كل شيء لإفشال المفاوضات» ولا تفسير آخر لقراراتها». 
حمى الاستيطان التي خيمت على أجواء التفاوض تعيدنا مرة أخرى الى «الراعي الأميركي». ففي الوقت الذي أبلى فيه بلاءً حسنا في الضغط المباشر وغير المباشر على القيادة الفلسطينية، نجده الآن «موافقا» على قرارات التوسع الاستيطاني او متفهما لها. صحيفة معاريف/ القدس العربي قالت نقلا عن موظف أميركي رفيع المستوى: « إن نتنياهو ينسق مع الإدارة الأميركية الخطوات المتعلقة بتنفيذ أعمال بناء «ملجومة» في المستوطنات في موازاة المفاوضات ومقابل إطلاق أسرى فلسطينيين. كلمة ملجومة غير دقيقة أبداً لأن أعمال الاستيطان تشهد اندفاعا غير مسبوق. إن تسويغ مبادلة أسرى باستيطان شديد الغرابة عندما يكون الهدف بقاء «حزب البيت اليهودي» وبقاء حكومة نتنياهو على حالها وهي ذاهبة للتفاوض. وإذا كان بقاء حزب المستوطنين والإفراج عن أسرى له مثل هذا الثمن، فماذا سيكون ثمن إقامة دولة فلسطينية؟ 
الموقف الأميركي العملي من الاستيطان، المتناغم مع الموقف الإسرائيلي الصريح والسافر يطرحان مرة أخرى جدوى الذهاب للمفاوضات. الاستيطان يستمر بوجود مفاوضات وبدونها. والاستيطان هنا ينتمي الى استراتيجية السيطرة والتوسع والنهب الكولونيالي الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. بل يأتي في موقع القلب منها، وهذا يفسر الخطط والمساعي لاستدامته عبر الموازنات والاستثمارات الضخمة. دولة بكاملها تضع كل ثقلها في الاستيطان من موقع إجماع مؤسساتها الأمنية والسياسية بما في ذلك قوى المعارضة والمستوى الثقافي والأكاديمي . وإذا كانت حروب 67 ، 82 في عقود ستينيات وثمانينيات القرن الماضي هي الوجه الرئيس لتلبية أطماع الكولونيالية الإسرائيلية الصاعدة. فإن الاستيطان بما هو نهب وجشع وأطماع هو ما تبقى لهذه الكولونيالية المهزوزة في العقدين الماضيين، وهو التجلي السافر لغطرستها في الأعوام الأخيرة . الاستيطان بهذا المعنى ليس تكتيكا قابلا للتفاوض والتراجع الطوعي بل هو شريان الحياة للكولونيالية المموهة في صورة ضحية. ولأنه كذلك فإن الحكومات الإسرائيلية منذ صعود نتنياهو شطبت الحل السياسي من أجندتها ولا تريد حلا متفاوضا عليه يطرح موضوع الاستيطان لمجرد البحث. وتخشى حتى من طريق شارون لفرض حل من طرف واحد، يترك للشعب الفلسطيني هامشا في صيغة «كانتونات فصل عنصري»، يتضمن تراجعا محدودا عن مستوطنات داخل مناطق الكثافة العربية. 
الولايات المتحدة من موقع الشراكة والمصالح الواحدة لا تعارض الاستيطان في المضمون بل تعارضه في الدرجة وفي الإخراج. ولأنها متفقة على مضمون الاستيطان مع دولة الاحتلال فإنها لا تمارس ضغطا يدعم اختلافها الكمي مع الجشع الإسرائيلي. ولهذا السبب يستمر الاستيطان بشكل سافر ولا تحاول إدارة أوباما الحفاظ على ماء الوجه. على العكس من ذلك تواصل الضغط على القيادة الفلسطينية لتبريد وإدارة الصراع وضمان عدم احتلاله المنطقة. 
لقد عصفت حكومة نتنياهو بالضمان الذي أعطته إدارة أوباما للرئيس محمود عباس حول الاعتراف بحدود 67 كبديل عن تجميد الاستيطان. وذلك عبر تواصل موجات الاستيطان داخل حدود 67 في الكتل الاستيطانية المزمع تبادل الأراضي معها، وداخل المستوطنات التي من المفترض تفكيكها والتراجع عنها، وداخل البؤر التي اعتبرتها حكومات إسرائيلية سابقة وإدارة بوش الابن غير شرعية وطالبت بتفكيكها. هكذا ذهب الوعد الأميركي أدراج الرياح كما ذهبت وعود سابقة كثيرة من قبل. 
لم نكن بحاجة لتجربة جديدة حتى نكتشف الانحياز الأميركي السافر لإسرائيل، ولا لنتبين ان الولايات المتحدة غير معنية بحل ينهي الاحتلال والاستيطان. إن أبسط قواعد سلوك التفاوض بين طرفين متصارعين يقتضي وقف كل الأعمال العدائية والاستفزازية - والاستيطان عمل عدائي بامتياز - طوال فترة المفاوضات. لكن ما حدث طوال المفاوضات السابقة هو العكس وما يحدث في هذه المفاوضات المزمع عقدها هو الأكثر استفزازا وإهانة وغطرسة. التنكر الاميركي لأبسط الوعود، والاستفزاز الإسرائيلي الذي تجاوز كل حدود يكفي للتوقف وعدم الذهاب الى مفاوضات يوم الأربعاء. وبهذا الموقف الطبيعي لا تكون القيادة الفلسطينية قد أهدرت أو أضاعت فرصة. قد تكون الخسارة الوحيدة هي تحرير عشرات الأسرى. ولا أظن أن الأسرى من الفدائيين الأوائل يقبلون دفع ثمن باهظ لقاء خروج بعضهم. لا نحتاج لتسعة شهور إضافية لنقول أن دولة الاحتلال عمقت الاحتلال وضاعفت الاستيطان. 
إن قرار الذهاب للمفاوضات أعادنا الى المربع الأول، من زاوية الاعتماد على وساطة أميركية منحازة بشكل تام لدولة الاحتلال. ومن زاوية عدم استخلاص دروس التفاوض والتعامل بأسلوب مختلف. فعندما جرى استخلاص درس وقف الاستيطان وتحديد المرجعية والحدود. لم يصمد الموقف حتى النهاية بفعل الضغوط. وتم الاكتفاء بوعود الإدارة الأميركية الخادعة حول الحدود ومرجعية المفاوضات تلك الوعود التي لم تؤثر بأي حال من الأحوال في الموقف الإسرائيلي الذي ظل يتعامل مع المرجعية التوراتية بالنسبة للأرض والقدس. على العكس من ذلك لم تتوقف القيادة عند الاستخدام الإسرائيلي المخادع لأفكار تبادل الأراضي التي طرحت في كامب ديفيد وجنيف وأنابوليس وطابا والقدس لإضفاء شرعية فلسطينية على استمرار الاستيطان في المناطق المزمع تبادلها. لقد جرى اقتطاع بند التبادل من رزمة الحل واستخدم لتبرير مضاعفة الاستيطان. القيادة لم تحدد موقفا يرفض الاستخدام الإسرائيلي للتبادل ويكشف الخداع. لم تبطل الاستخدام الإسرائيلي البارع للتبادل ولقضية اللاجئين في المبادرة العربية واتفاق جنيف ولا للتكتيك الإسرائيلي الذي استخدم كل التنازلات التفاوضية الفلسطينية وتعامل معها لإجازة الضم والاستيطان وشطب قضية اللاجئين. الآن مطلوب الرد والتوضيح. مطلوب إبطال كل تلك البنود التي تستخدم من طرف واحد. بل مطلوب إعادة ربط الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل باعتراف إسرائيلي بالدولة الفلسطينية وبحل قضية اللاجئين.