جراءة نيوز - اخبار الاردن :
النص الكامل لكلمة النائب الدكتور زكريا الشيخ :
دعا النائب الدكتور زكريا الشيخ الى تطبيق الشريعة الاسلامية في كافة مناحي الحياة والاستظلال براية الإسلام في كافة الشؤون، وعدم القبول بنظام مستورد يسوى بين الأضداد، بين الكفر والإيمان، بين العفة والعهر، بين المعبد والخان، باسم الحرية.
وقال د. الشيخ في مجلس النواب خلال كلمته في اليوم الرابع من مناقشة البيان الوزاري لحكومة الدكتور عبدالله النسور، ان المصلحة العليا للوطن تحتم الاستمرار في الإصلاح الجاد والوصول في ربيعنا بنسخته الأردنية، بسفينة الوطن وقبطانها، إلى بر الآمان، ولتجنيب جر الوطن إلى دمار أو إحداث حالة فراغ سياسي ينتظره أعداء خارجيون بشغف، لهم "ذيول داخلية" تنتظر ساعة الصفر لإلحاق ربيعنا الأردني الأخضر بربيع عواصم عربية لونه أحمر قاتم ووقوده دماء أبناءه.
وتحدث في كلمته عن حقوق الاردنيين من اصول فلسطينية بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، الذين يصحو بعضهم وقد سحب رقمه الوطني بموجب تعليمات جائرة من موظف أو موظفة تقرر من هو الأردني؟، متسائلا: هل فكرت الحكومة بمبدأ العدالة والمساواة بين كافة الأردنيين.. فالعدل أساس الملك.
ودعا د. الشيخ الى الحفاظ على القيم العشائرية التي يحفر لها الحافرون ويمكر لها الماكرون الدسائس،وطالب بالأفراج عن الجندي البطل أحمد الدقامسة الذي إنتصر لدينه، متسائلا: لماذا لا يطلق سراحه إكراما لله ومن ثم لوالديه؟،وفيما يلي نص كلمة مناقشة الثقة للنائب الدكتور زكريا الشيخ:
" رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين، وبهداه نستعين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" [58] من سورة [العنكبوت]
طبعا الغرف المقصودة بالأية الكريمة.. ليست غرف النواب أو الأعيان أو الوزراء أو حتى الملوك بل هي غرف في الفردوس الأعلى.. أي الجنة .. اللهم إجعلنا وإياكم من أصحابها.
معالي الرئيس الأخوة الزملاء .. اسمحوا لي أن أتحدث إلى الحكومة البرلمانية "المزعومة" من خلال الرئاسة الجليلة:
وقوفي اليوم ونحن بصدد مناقشة البيان الوزاري ذو الدفع الرباعي ( لأربعة أعوام قادمة) أمام الشعب الأردني لحكومة تقول أنها برلمانية .. هي وقفة سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى عليها، وسيحاسبنا عليها شعبنا وقاعدتنا الإنتخابية والأجيال القادمة، فالكلمة أمانة : " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ " [24] من سورة [الصافات]
معالي الرئيس .. الزملاء والزميلات نواب الأمة:
أتحدث اليوم بصفتي نائب وطن، وصلت إلى قبة البرلمان عبر قائمة الوسط الإسلامي الوطنية .. صاحبة البرنامج والمشروع الأخلاقي السياسي ذو المرجعية الإسلامية والتي توجت في الإنتخابات بـ "114" ألف صوت هي الأعلى من بين القوائم الوطنية، ولولا قانون الإنتخابات الأعرج وآلية احتساب الأصوات الظالمة العوراء لمقاعد القوائم الوطنية لشكلنا مع القوى الحزبية الأخرى أقوى تكتل حزبي برلماني في مجلسنا الموقر ليكون له الحق والشرعية بتشكيل حكومة الأغلبية، ولكفيناكم اليوم "شر القتال".
الزملاء والزميلات الكرام:
عين من عيوننا ستكون ناظرة أثناء مناقشتنا الثقة إلى المصلحة العليا للوطن وأمل قائد البلاد بنا لجهة الإستمرار في خطوات الإصلاح الجاد والوصول في ربيعنا بنسخته الأردنية، بسفينة الوطن وقبطانها، إلى بر الآمان، ولتجنيب جر الوطن إلى دمار لا سمح الله أو إحداث حالة فراغ سياسي ينتظره أعداء خارجيون بشغف، لهم "ذيول داخلية" تنتظر ساعة الصفر لإلحاق ربيعنا الأردني الأخضر بربيع عواصم عربية لونه أحمر قاتم ووقوده دماء أبناءه..
أما العين الأخرى فتنظر بحرص إلى الحفاظ على المنجزات وإستئصال مؤسسة الفساد التي إنتهل منها فاسدون مفسدون أفسدوا الأرض والحرث والبلاد والعباد، وحرموا المواطن من خيرات الوطن وأفقروه حتى بات المواطن يئن ألما وفقرا ومرضا، ولكنه بذات الوقت حريص على أهم نعمة وهي نعمة الأمن في البلاد التي إذا ما حرمنا منها لا قدر الله فلن ينفع إصلاح ولا شعارات ولا حكومات برلمانية.
سأتحدث في الفقرات التالية بإسم عدد من الفئات التي بحثت جاهدا عن مكانة لها في البيان الوزاري وبرنامج عمل الحكومة المرافق له لأربع سنوات قادمة، وأين تقبع في أولويات الحكومة طالبة الثقة، وسأقيم وإياكم النتائج التي بحثت عنها كـ "إبرة في كومة قش".
أول ما أتحدث به اليوم بصفتي أردني أصيل، إبن حراث وإبن متقاعد عسكري في الجيش العربي المصطفوي الباسل، الذي حباه المولى عز وجل ليكون بإذن الله رأس حربة لجحافل الإسلام تنطلق من أرض الحشد والرباط لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرميين الشريفيين من يد أعدائنا الصهاينة كما بشر المصطفى عليه السلام في حديث: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيكون المسلمين شرقي النهر واليهود غربية" ..
نشامى هذا الجيش من عاملين ومتقاعدين عسكريين وكافة أبناء أجهزتنا الأمنية من أمن عام ودرك ودفاع مدني ومخابرات وإستخبارات عسكرية.. هم سياج الوطن ودرعه الواقي.. أمانة في أعناقنا وجب الحفاظ على مكانتهم وحقهم بالعيش الكريم هم وأبناءهم من بعدهم، والحفاظ على هيبتهم وبتر اليد التي تمتد اليهم، فهيبتهم من هيبة الوطن وسيادته.. كما أن تخصيص الموارد والمعدات اللازمة المتطورة للإبقاء على جهوزية كاملة لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في ظل إقليم مضطرب وعدو صهيوني يتربص بنا .. هي من الأوليات القصوى لأي حكومة.. فأين هذا كله من برنامج الحكومة ذو الدفع الرباعي؟
كما أتحدث كوني فردا من أفراد شعبنا الذي عانى الفقر والحرمان كما عانى العديد من فقراء الأردن ونحت مستقبله من الصخر بأظافره وجهده وعرق جبينه دون واسطة أو ظهر مسؤول.. كما أنه جدول راتب والده وأسرته من تقاعده العسكري بـ "الكرته" ليتمكن من النفاذ إلى الشهر الذي يليه ولكن بمعجزات حقيقية وبقصص عذاب عديدة..
هذا المواطن الأردني الحراث الفلاح .. لا يقتصر عشقه فقط لثرى ترابه الأردني الهاشمي التليد، بل دمه ودم أبناءه وبناته، وماله وكل ما يملك رخيصة في سبيل وطنه الأردن، ليبقى آمنا مستقرا، ليعيش به بكرامه دون تمييز أو إجحاف.. وبذات الوقت أفخر بأصلي.. لم ولن أنسى مسقط رأسي "بيت فجار" في فلسطين السليبة الحبيبة، أتمنى ألا يشكك يوما بولائي وصدق حبي لوطني وحقي بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، أتمنى ألا أصحو يوما، كما افاق العديد من أبناء جلدتي بلا هوية تبكي على أطلال رقمها الوطني المسلوب بموجب تعليمات جائرة من موظف أو موظفة تقرر من هو الأردني؟ فهل فكرت الحكومة بمبدأ العدالة والمساواة بين كافة الأردنيين.. فالعدل أساس الملك.
أتحدث اليوم كذلك بصفتي الإعلامية، تلك المهنة المقدسة، التي أضحت أخطر بتأثيرها من الجيوش الجرارة والطائرات النفاثة، خاصة الإعلام الإلكتروني منه.. والتي تصرخ تحت حراب محاولة البعض إلى قمعها وتكميم أصوات الصادقين منها، كي لا تكشف طوابق الفاسدين ومن يدور بفلكهم، وينظر إلى الإعلام المسؤول الوطني البعيد عن التجريح والإبتزاز والتهويل ويحافظ على قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا وإسلامنا بأنه إعلام يستحق الدعم والإحترام من خلال إطلاق عنان الحريات له التي لا سقف لها سوى السماء بمسؤولية وحرفية ومهنية
ويطمع بقانون منصف يكافيء ويحترم الإعلاميين الأحرار وهم كثر.. ولكنني بذات الوقت أطلب أن يكون ذات القانون يعاقب المبتزيين منهم وهم قلة، ويحافظ على مؤسساتنا الإعلامية الوطنية التي تعاني من قلة الموارد ويهددها باغلاقها خاصة الورقية منها في ظل ارتفاع اسعار الورق.. فهل فكرت الحكومة بإعفاء الصحف من الضرائب التي تنهك وتثقل عاتقها؟
أتحدث اليوم بصفتي الصيدلانية، فهذه المهنة في خطر، ما لم نسارع بصرف وصفة طبية عاجلة بإقرار تشريع قانوني يعيد للمهنة ألقها ومكانتها، ويساوي في الحقوق والواجبات بين أصحاب المؤسسات الصيدلانية وورثتهم من مستودعات وشركات أدوية وصيدليات عامة، وأدعوا إلى إقرار قانون الدواء والصيدلة بتعديلاته التي إنتهت منها لجنة الصحة البرلمانية، بالإضافة إلى تسهيل تسجيل الأدوية الـ ( Generic) "الجنيسة" لتوفير الدواء للمستهلك بسعر رخيص وسعر منافس في ظل توجه الشركات العالمية إلى البحث والتطوير في إيجاد أدوية باهظة السعر لأمراض مزمنة وحديثة ما يحرم كثير من مواطنينا ذوي الدخل المحدود للأدوية الحياتية..
كما أتمنى أن أرى اليوم الذي تلغي فيه ضريبة المبيعات على الدواء (4%) لصالح المواطن، فلا يعقل أن تعفى الأدوية البيطرية وأدوية القطط والكلاب فيما تفرض ضريبة على الأدوية البشرية، وفي الوقت الذي أمر به صاحب الجلالة الأهتمام بالطفل وهو على مقاعد الدراسة بإعطاءه وجبة غذائية وفيتامينات، نرى أن الحكومة وضعت 16% ضريبة على الفيتامينات للسيدات الحوامل وعلى أجنتهن، فهذا تناقض مع المنطق.. فأين قانون ضريبة الدخل والمبيعات العصري ذو التدرج النسبي.
كما أتحدث بصفتي العشائرية، إبن عشيرة الشيخ، وهي إحدى أفخاذ عشائر الطقاطقة الكريمة الممتدة من شرقي النهر إلى غربيه فأنا إبن الأردن وإبن فلسطين الحريص على الحفاظ على القيم العشائرية التي يحفر لها الحافرون ويمكر لها الماكرون الدسائس، فحينما تركنا البادية وبدأنا نقلم من العشائرية ودورها الرائد في إصلاح ذات البين، وتركنا الصحراء، وحينما تم إلغاء خدمة العلم والتجنيد الإجباري أصبح أبناؤنا يرتدون البنطال الساحل وشعرهم أضحى مسامير من جلٍ مستورد، عشائريتنا أحبتي هي عزنا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا فلنحافظ عليها، وأين هي من برنامج الحكومة!!
وبهذه الصفات سأتحدث بلسان حال ذلك العجوز المقهور في بلدة قطر بعد غور المزرعة وليس قطر الدولة، وبإسم الختيارة بقرية عقربا المطحونة، والنقع وكفرالما، وخشافية الدبايبة، والكوم الأحمر وعمراوة وجديتا ، سأتحدث بإسم أقضية رحاب وبلعما والأزرق الذي تنكر أصحاب القرار الحكومي لهم بترفيعهم إلى ألوية وتخاذلوا عن تنفيذ توجيهات جلالة الملك لهم.. أتحدث بإسم القادسية والعين البيضا وكثرربة والفيحاء في مادبا وماعين ولب ومليح..
سأتحدث بإسم أبنائنا المتعطلين عن العمل في معان، الحسينية، وحتى بسطة وبصيرة .. وأتسائل أين الشركات الكبرى في جنوب البلاد عن دورها في تنمية المجتمع المحلي وتوفير فرص العمل لأبناءه وبناته، وهي – أي تلك الشركات- التي تستخرج خيرات تلك المحافظات وتصدرها للخارج وحرمان أهلها تلك الخيرات.
أتحدث بإسم أهلي في الكورة الذين بح صوت 140 ألف بني آدم منهم مناشدين العدالة بتخصيص مقعدين إنتخابيين لهم بدلا من مقعد واحد أتحدث بإسم 650 ألف مواطن "مسخمط" من أهالي الرصيفة الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية، فهم والله لهم الحق أن يعبروا عن آلمهم وأن يمثلوا بأكثر من مقعدين في البرلمان ويرفعوا الصوت هم وابناء الزرقاء من سوء النظافة والخدمات ويقولون نحن من الفئة المظلومة!!
أتحدث بإسم أبناء العقبة الذين يعانون في محافظة بدل شعارها من: لننثر الرمال ذهبا .. إلى: لننثر البلاد فسادا وحرمانا لأبناء الشامية والشلالة والمنطقة العاشرة وغيرها، فخيرهم لغيرهم، فأصبحوا غرباء في مدينتهم.. أتحدث بإسم الموقر والقويرة وقريقرة والظليل والدرة وبإسم أبناء البادية والريف والقرى المنسية .. كما أتحدث بإسم أبناء وبنات المخيمات الأربعة عشر المقهورين من ضيق ذات الحال وتدني مستوى الخدمات، فنكبتهم في فلسطين لا تقل آلما عن نكبتهم بظروفهم المعيشية وإهمالهم.
أتكلم بإسم ضحايا الفاجعة الذين ينامون وهم مواطنون لهم حقوق وواجبات ويستيقظون وهم بلا هوية، هائمون على وجوههم بلا حقوق أساسية لكرامة الإنسان في العمل والتعليم والصحة.
أتحدث بإسم الأسر الفقيرة التي تتلقى دعم صندوق المعونة الوطنية وعددها يزيد عن "90" ألف أسرة بإجمالي عدد أفراد 220 ألف مواطن، فهل تكفيهم ميزانية 90 مليون وأربع مئة ألف دينار المخصصة لهم في العام الحالي أي بمعدل 1000 دينار أردني للعائلة الواحدة في العام أي 83 دينارا شهريا.. والتي قد لا تكفي حوتا سمينا يقبع في لندن ويتبرطع بملايين الأردنيين أو هؤلاء الذين يقضون في سهراتهم الحمراء على الريفيرا الفرنسية أو الأسبانية، أين تلك الملايين أو حتى المليارات المنهوبة من أموال الخصخصة وبرنامج الإصلاح، بل إسمحوا لي أن أسميه، الدمار الإقتصادي، الذي باع أرض قيادة قواتنا المسلحة، وميناء عقبتنا الوحيد، وشركاتنا العملاقة.. أين هي الإستراتيجية الحكومية من إعادة هذه الأموال لسد عجز الموازنة الذي ينوف عن 21 مليار والعداد بعد.
أتحدث بإسم عشرات الألوف بل مئات الألوف الذين ظلموا من قانون المالكين والمستأجرين الجائر وقانون الضمان الإجتماعي والتقاعد المبكر الظالم وضحايا حرمان الأردنية من تجنييس أبناءها، والعاملون في الفئة الثالثة بالدولة الأردنية الذين يعانون من تدنى مستوى دخولهم ويسعون إلى الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
أتحدث بإسم المحافظات المنكوبة من جراء قضايا البورصة وضحاياها الذين تجاوز عددهم بشكل مباشر( 117 ) ألف مواطن .. أين وصلت قضيتهم، أين ذهبت أموالهم، من هم المجرمون الذين حطموا مستقبلهم واستفادوا من أموالهم.. هل من أحد في حكومتنا يجروء أن يجيب على هذه التساؤلات؟
أتحدث بإسم مئات الألوف من أبناءنا ضحايا محافظات الشمال المنكوبة جراء التلوث البيئي وإرتفاع الأسعار الحياتية في كل شيء بسبب نزوح ما يزيد عن 600 ألف شقيق سوري، الذين تنزف قلوبنا قبل عيوننا دما على مأساتهم.. هربوا من جحيم البطش والقتل والإرهاب، والذين ندفع فاتورة إرهاب نظام دموي وبطش ثوار تحولت بوصلة ثورتهم من الحرية إلى دمار وطن بأكمله، ندفع فاتورة أجندات صهيو-أمريكية تنفذ مؤامرة "الفوضى الخلاقة" بأموال عربية ودماء زكية طاهرة بريئة من أبناء أمتنا.. نعم نحن دولة المهاجرين والأنصار التي لا يحق لأحد أن يزاود عليها.. ولكن في ذات الوقت على الدول الراعية والممولة والتي ستجنى ثمار دمارها للشقيقة سوريا، عليها أن تدفع الفاتورة ولا تكون على حساب قوت أبنائنا وأمن مجتمعنا وإقتصادنا المنهك.
أتحدث بإسم الحراك المسؤول الراشد الذي ساهم وما زال يساهم في الإشارة إلى مواطن الخلل وتجفيف منابع الفساد ورفع سقف الحريات العامة والإسراع في تنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة، ولكن بحرص على دم الأردني وسلامة أراضيه، فعلينا أن نفرق بين هذا الحراك المطلوب والذي يشكل رديفا هاما لبرلمان ظل وحكومة ظل وبين الحراك ذو الأجندات التدميرية الذي حول حرية التعبير عن الرأي إلى الشتائم والقدح والإبتزاز والتطاول على ثوابت الوطن وقواتنا وأجهزتنا الأمنية نيلا لمصالح فردية أو تحقيقا لمؤامرة خارجية تدميرية تمحق الأخضر واليابس، فالحراك الراشد وهم الأغلبية العظمى من القوى المطالبة بالإصلاح يتطلب الحماية والرعاية والتعامل معه بإحترام وحرفية، وما دون ذلك من حراك الشتائم والدمار فالأمن الخشن قليل عليه.
أتحدث بإسم الجندي البطل أحمد الدقامسة الذي إنتصر لدينه، لماذا لا يطلق سراحه إكراما لله ومن ثم لوالديه .. كما أتكلم بإسم أهالي المعتقلين الاردنيين في سجون الإحتلال الصهيوني والسجون العربية والأجنبية وخاصة في سجون الولايات المتحدة الأمريكية وفي السجون العراقية، .. أين هم هؤلاء من إهتمام وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في حكومتنا، فهل ستعيد تلك الوزارة للمغترب الأردني حقه بأن يكون كريما لا متسولا أمام سفاراتنا في الخارج.. أين نحن من دعم الحراكات المطالبة بتحرير الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني في يوم الأسير الفلسطيني، 4900 أسير وأسيرة شرفاء يعانون الأمريين.. فهل من معتصم لإغاثتهم.
إذن دعونا نغوص في أعماق الأشجان ولا نكتفي بوصف الحال ولكن سنلامس الحلول من خلال إسلامنا العتيد..
تحدثنا كثيرا عن الدنيا "متاع الغرور" فلنتكلم قليلا عن آخرتنا "دار الخلود" فهل لنا من خلال المنبر الأرفع والأهيب مكانة في الدولة الأردنية، ونحن نناقش البيان الوزاري أن نحقق العدالة والحياة الرغيدة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة، فنكون بذلك قد نلنا الحسنيين في الدنيا والأخرة.
منذ أن عقلت ما يجرى حولى، أدركت أن نصف الإسلام بل أقل مسموح له بالحركة والحياة، أما النصف الأخر فهو مكبل مقيد وإذا ما حاول الإنفكاك حورب بشتى الوسائل ومنع بالقوة من ضخ أحاليل الحياة إليه!!
أعداء الإسلام يريدون الانتهاء منه، ويريدون استغلال المصائب التى نزلت بأمته كى يبنوا أنفسهم على أنقاضها ..
يريدون بإيجاز القضاء على أمة ودين ..
من أجل ذلك نرفض أن نعيش وفق ما يريد غيرنا أو وفق ما تقترحه علينا عقائد ونظم دخيلة .
من حق المسلمين في بلادهم أن يحيوا وفق تعاليم دينهم، وأن يبنوا المجتمع حسب الشكل التي يقدمها الإسلام لإقامة الحياة العامة
والإسلام ليس عقيدة فقط، إنه عقيدة وشريعة !
.. ليس عبادات فقط، إنه عبادات ومعاملات .
.. ليس يقيناً فردياً فقط، إنه نظام جماعى إلى جانب أنه إيمان فردى .
إنه كما شاع التعبير : دين ودولة ..
وإذا كان هناك في ربوع الأرض الإسلامية من يعتنق ديانات أخرى فلن يضيره ذلك شيئاً . إذ إن حرية التدين من صلب التعاليم الإسلامية، وقد ازدهرت هذه الحرية في أرجاء العالم الإسلامي جمعاء، عندما كانت مطاردة في أقطار أخرى لا حصر لها ..
وأياً ما كان الأمر فنحن المسلمين مستمسكون بحقنا في تطبيق شريعتنا والاستظلال براية الإسلام في شئوننا كافة، ولن نقبل نظاماً مستورداً يسوى بين الأضداد، بين الكفر والإيمان، بين العفة والعهر، بين المعبد والخان، باسم الحرية.
ومن هنا أنطلق.. فإن المرجعية الإسلامية للدولة الأردنية يجب أن تحترم، فدستور الدولة في المادة الثانية تنص على أن دين الدولة الإسلام، والبلاد حباها الله بقيادة هاشمية تضرب بجذورها إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وثرى هذا الوطن، زخرت به أحاديث المصطفى، فهي أرض حشد ورباط، باركها الله وبارك حولها: { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71]، وعندما أخبر عن مسرى محمد صلى الله عليه وسلم: قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].
ما يتوجب علينا أن تكون القوانين والأنظمة والتعليمات المتبعة في دولتنا مرجعيتها إسلامية.. وهنا أضع في أعناقكم أيها الأخوة والأخوات النواب بأنه بإمكاننا أن نغير الواقع إلى الأفضل.
وعليه: كلمة اقولها أذكر بها نفسي وزملائي وزميلاتي النواب من باب الذكرى، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. أقول: "حينما يلتئم المجلس، فأنتم أصحاب القرار، وبأياديكم التغيير الحقيقي، وضمائركم هي الحكم".. فلا تلومون بعد اليوم أحدا سوى أنفسكم.
كما أن مرجعية الدولة الإسلامية أيها الزملاء الكرام تفرض مفهوم التشاور والمرجعية المؤسسية التشاركية والتوافقية في صناعة القرار وليس الشخصنة وليتحمل بعدها المجتمع باسره بما فيهم نوابه نتائج القرارات الجماعية التوافية، ودليلنا على ذلك من قائدنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في معركة بدر في قصة "البئر" حينما سأل ( الحباب بن المنذر الرسول: أهي الحرب والخدعة والمشورة أم هذا منزل – أي مكان البئر- الذي أنزلك الله به، فرد رسول الله بأنها الحرب والخدعة، فحينها قال الحباب: دعنا إذن نأتي إلى آخر البئر ونغور الآبار أي نردمها، ونسيطر على آخر بئر، نشرب منه الماء ولا يشرب الأعداء، فوافق الرسول عليه السلام راي الحباب وكانت خطة ذكية) ما ادى إلى إنتصار المسلمين في المعركة.
وعليه يا دولة الرئيس، نعلم بأنك لست نبيا مرسلا، وقرارتك ليست وحيا منزلا، ولا نحن كذلك بل بشر نصيب ونخطيء، حيث أن نزول الوحي قد إنقطع منذ خروج روح المصطفى الطاهرة إلى بارئها، فلتكن قرارتك يا دولة الرئيس تشاركية وتوافقية مع نواب الأمة الذي إنتخبهم الشعب ليتحدثوا بإسمه والذين أسدوا لك النصح الصادق النابع من نضج سياسي، وحس وطني ونكران للذات والمصالح الشخصية: فأي قرار في الدولة وخاصة تلك القرارات التي تمس جيب الموطن، على السبيل المثال لا الحصر، قرارات رفع أسعار المشتقات النفطية، الكهرباء الماء الأعلاف الخبز وغيرها، يجب أن تكون قرارات توافقية وتشاركية لكي نتحمل جميعا المسؤولية.
ولنبحث جميعا عن بدائل لإنقاذ إقتصادنا وهي كثيرة، بعيدا عن جيب المواطن الذي هو خط أحمر يجب عدم المساس به.
فحينما نخطط لإقتصاد الدولة الأردنية علينا أن نعي الكلفة الأمنية والإجتماعية والأخلاقية المترتبة على هكذا قرار.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا أردنا أن نرفع فاتورة الكهرباء لتجنب خسارة 200 مليون دينار، فهل حسبنا فاتورة الكلفة الأمنية في حال الإنفلات الأمني لا قدر الله، وكذلك هل حسبنا الكلفة الإجتماعية لتبعات إفقار المواطن وحالة الضياع الأخلاقي التي تترتب على هكذا قرار.
أما مفهوم اللعنة التي تحل على الأمة ونزع البركة منها حينما نقنن الكبائر مثلا: ترخيص بيع الخمور ومؤسسات الدعارة المقننة، من ملاهي ليلية وبيوت للديسكو، وعدم إقرار قانون الزكاة ورفع التحفظ عن بعض بنود إتفاقية سيداو التي تتعارض والشريعة الإسلامية .. فكيف يقبل منا دعاء الإستمطار ونزول الغيث وقد عمت الرذيلة في البر والبحر والجو، وتفشى الفساد في كل مكان، وفقد المسجد ألقه.. فهل نعيد للمسجد دوره الريادي في قيادة المجتمع ونحفظ أبناءنا ونعزز ثقافتهم الإسلامية بدلا من أن يكونوا ضحايا للمخدرات والعنف الجامعي والمدرسي واتباع لجماعات منحلة متطرفة كـ "عبدة الشياطين".
يقول الله سبحانه وتعالى: " وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"
أعلم تماما دولة الرئيس بأن جبهتك لا تسجد إلا لله، واياديك نظيفة متوضئة ومن أسرة بل محافظة كتبت تاريخها بمداد من نور في الفداء والتضحية وتخريج الكفاءات في مدرسة السلط الثانوية، مصنع الرجال والقادة، ولم يسجل بتاريخك قضية فساد، بل سيرتك الذاتية شامخة بالكفاءة وخاصة الإقتصادية منها، وتعي تماما مفهوم تطبيق شرع الله ونشر الفضيلة حتى لا تحل بنا اللعنة.
إن قرار منح الثقة من عدمه يجب أن يرتقي إلى مستوى التحديات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي يمر بها الأردن وما يكتنف المنطقة من حالة غليان لن يكون الاردن بالتأكيد بمنأى عنها شئنا أم أبينا.
إن الثقة بالعادة لا تكون لشخص رئيس الوزراء وهيئة وزارة بقدر ما هي تلامس البرنامج الوزاري للحكومة، بما يتواكب مع رؤى جلالة الملك الإصلاحية، فالثقة هي بصورتها الكبرى لجلالة الملك وخطاب التكليف السامي أكثر مما هي لحكومة وأشخاص بعينهم.
نحن أمام خياريين، إما إيصال الحالة السياسية ومناخها وبيئتها إلى حالة فراغ وتأزيم سياسي، وعلينا أن نتحمل وننظر بحذر إلى تباعات هذا الموقف، أو أن نرتقى بمستوى حسنا الوطني لنجنب الوطن والمواطن تبعات الفوضى الناجمة عن هكذا تازيم، ليس فقط كلفتها الإقتصادية بل أيضا الكلفة الأمنية والإجتماعية على شعبنا.
وأخيرا أقول: وددت أن أعلان عن قناعتي الشخصية بهذه الحكومة وأنا على الهواء مباشرة بحجب الثقة دون تردد.. ولكن كوني برلماني حزبي أحترم ذاتي والحزب الذي أوصلني إلى قبة البرلمان وأحترم كتلتي النيابية فإنني أعلق قراري بقرار الكتلة والحزب من حجب الثقة أو منحها....اللهم جنب الأردن سوء العاقبة وأظلله بالسخاء والرخاء والأمن والأمان تحت قيادته الهاشمية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته