جراءة نيوز - اخبار الاردن :
أثار قرار انتداب شرطية من الأمن العام، لتشغل وظيفة مديرة دار الحنان لرعاية الفتيات في إربد، استياء العديد من الناشطين في مجال الطفل، باعتبار أن الأصل يقتضي تعيين خبير في التعامل مع الفتيات فاقدات السند الأسري، ويحمل مؤهلا علميا متخصصا في هذا المجال.
وجاء تعيين المديرة الجديدة، قبل نحو 5 أشهر، بعد أن شهدت الدار عدة حالات عنف وتكسير وهروب من قبل المنتفعات، وعدم قدرة المديرة السابقة على إدارة شؤون الدار، لكن الوزارة بقرارها انتداب شرطية لهذا المنصب "لا يساعد في تحسين الوضع في الدار"، بحسب متابعين.
ووصل إلى مكتب وزير التنمية الاجتماعية وجيه عزايزة العديد من الشكاوى الخطية والشفوية من أداء المديرة الحالية، سواء من المنتفعات أو من موظفي الوزارة، الذين اعترضوا على قرار تعيين مديرة من خارج الوزارة لشغر موقع حساس، خصوصا وأن هناك "عددا من الموظفات والاختصاصيات الاجتماعيات المؤهلات لشغر وظيفة مديرة الدار".
وبحسب المعلومات، فإن المديرة الجديدة لدار الحنان تحمل رتبة رقيب في الأمن العام ومسماها "مدخلة بيانات"، فضلا عن أنه لم يسبق لها العمل في إدارة حماية الأسرة،وإلى جانب اعتراضات موظفي الوزارة، عجت صفحة "المهنيون الأردنيون للوقاية من العنف ضد الأطفال"، بتعليقات تنتقد قرار التعيين، حيث قال أحدها: "نستطيع أن نقول الآن إن دار الحنان تحولت إلى سجن بشكل رسمي، والمسؤولية يجب نقلها من وزارة التنمية إلى مديرية الأمن".
وأضاف التعليق ذاته "نحن دائما نبحث عن الحلول الأسهل، السوط والعقاب والترهيب لأطفال قادمين أصلا من ظروف فيها ترهيب، المشكلة ليس لدينا في الأردن متخصصون نفسيون".
مشارك آخر، قال: "الأصل أن يتم تعيين متخصص في الحقل الاجتماعي والنفسي، أو أقلها التربوي، كيف يمكن قبول فكرة أن يدير الدار شخص لم يتعامل مع الأطفال من قبل".
في المقابل، أشار آخرون، إلى أن المشكلة ليست في أن المديرة الجديدة جاءت من مؤسسة أمنية، لافتين إلى تجربة دار النهضة لرعاية الفتيات، حيث تديرها مديرة تحمل رتبة عقيد عامل في القوات المسلحة، لكن تلك المديرة، بحسب تقرير لجنة التقييم والتحقيق لواقع مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تتوافر لديها قدرات إدارية مناسبة انعكست إيجابا على حال المنتفعين.
وأكدوا أن الاستفادة من تجربة الإدارة في تلك الدار يجب أن لا تؤدي إلى نهج "عسكرة" دور الرعاية الاجتماعية،وبحسب معلومات فإن إدارة الحنان، ولغايات ضبط الأمور في المؤسسة، عمدت خلال الفترة الماضية إلى نقل الفتيات ممن يوصفن بـ"المشاغبات" إلى دور رعاية أخرى، مثل دار رعاية الفتيات في الرصيفة (الخنساء)، كما تم رفع شكاوى قانونية بحق 3 من الفتيات بتهم تخريب وتكسير الممتلكات العامة والاعتداء على المشرفات
وتم نقل الفتيات المعنيات إلى دار تربية وتأهيل الفتيات في عمان،وعلى الرغم من أن القرارات الأخيرة أدخلت الارتياح إلى نفوس سكان الحي الذي توجد فيه دار الحنان، باعتبار أن "الحي بات أكثر هدوءا، وخاليا من المشاكل"، لكن تربويين يرون أن للقرار أثرا سلبيا على تنشئة الفتيات، خصوصا أن نقلهن إلى دور أخرى "شبه مغلقة" يعني بطبيعة الحال تغيبهن عن الالتحاق بمدارسهن، إضافة إلى أن القرارات الأخيرة لن تسهم في تعديل سلوك الفتيات.
في المقابل، بين مصدر في وزارة التنمية الاجتماعية أن المديرة ليست بالضرورة أن تكون اختصاصية اجتماعية، لأن عملها يتعلق بالتنسيق والمتابعة الإدارية، في حين تتوفر في الدار اختصاصيات اجتماعيات ونفسيات لمتابعة المنتفعات،وقال المصدر: "الأمر المؤكد أن تحويل الفتيات إلى القضاء كان الحل الأخير لتصويب السلوك"، لافتا إلى أنه في الحالات التي يحدث فيها اعتداء فإن ذلك يدخل في باب "الحق الشخصي"، ومن حق المتضرر أن يتقدم بشكوى.
وكان تقرير لجنة التحقيق والتقييم حول واقع دور الرعاية، رصد غياب الأجواء الأسرية والخصوصية في بعض هذه الدور، الأمر الذي يسهم في انتشار سلوكيات غير حميدة، ويكسب المنتفعين عادات تجد الإدارات صعوبة كبيرة في تلافيها، وبنتيجة ذلك، تضطر الإدارات والأمهات إلى التعايش مع هذه الحالة، والتسليم بها واعتبارها أمرا واقعا لا مجال لتغييره، ما يعني لاحقا انتقال هذه السلوكيات مع المنتفعين إلى بيئات أخرى بعد تخرجهم من دور الرعاية أو عند انتقالهم من دار إلى أخرى.