جراءة نيوز - اخبار الاردن :
انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ما اعتبرته "توسع السلطات الأردنية في استخدام القوة والاحتجاز، وتوجيه التهم السياسية بحق المتظاهرين المطالبين بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية"، وذلك خلال العام الماضي.
وقالت المنظمة في تقريرها السنوي العالمي للعام 2013، الذي صدر اخيرا وحصلت "الغد" على نسخة منه، وحمل عنوان "تحديات حقوق الإنسان بعد الربيع العربي"، إن "السلطات الأردنية توسعت في العام 2012 باستخدام المادة 165 من قانون العقوبات ضد المتظاهرين سلميا، عبر توجيه تهم التجمهر غير المشروع لهم".
واعتبرت المنظمة، في تقريرها الذي تناول 90 دولة حول العالم ضمن 665 صفحة، انه "رغم ان الأردنيين غير مطالبين بالحصول على موافقة مسبقة لتنظيم اجتماع عام أو مسيرة، وفقا لتعديلات قانون الاجتماعات العامة، فقد تم اللجوء خلال العام الماضي لاستخدام المادة 165 من قانون العقوبات، والمتعلقة بالتجمهر غير المشروع، كأداة لمواجهة المتظاهرين".
ولفت التقرير، الذي صدر أول من أمس، الى ان الأردن شهد العام الماضي مئات المظاهرات المطالبة بالاصلاحات السياسية والاقتصادية، وذلك "احتجاجا على الفساد، السياسات الاقتصادية، قانون الانتخاب الجديد وللمطالبة بوقف محاكمة المدنيين امام محاكم عسكرية".
وانتقدت المنظمة مثول المدنيين أمام محكمة امن الدولة، اثر الاحتجاجات على رفع الاسعار، لافتة إلى اعتقال 250 شخصا، منهم 89 شخصا مثلوا امام "امن الدولة" بتهم التجمهر غير المشروع. ورات ان ذلك يعد "مخالفة للدستور الأردني الذي يحصر مثول المدنيين بقضايا الخيانة العظمى، التجسس، الارهاب والمخدرات".
اما فيما يخص التعذيب والاحتجاز القصري والتوقيف الإداري، فاعتبرت المنظمة ان مرتكبي التعذيب "يتمتعون بحصانة شبه كاملة"، وقالت ان ذلك يعود للخلل الموجود في الية التبليغ عن التعذيب، والضعف في عملية التحقيق، انتهاء بان هذا النوع من القضايا يتم عرضه امام محكمة شرطية.
وأشار التقرير إلى حادثة جرت في آذار (مارس) الماضي، ادعي فيها ان الشرطة "قامت بضرب 30 متظاهرا شاركوا في مسيرة ضد الحكومة، وعلى اثر ذلك قامت الشرطة باعداد تحقيق، وبقيت نتائج التحقيق سرية ولم تعلن للعامة".
كما اعتبر ان "الأردن ما يزال يضع محددات على حرية التعبير، ويجرم انتقاد الشخصيات والمؤسسات الرسمية والدينية".
وعد تقرير المنظمة قرار مجلس الوزراء في حزيران (يونيو) الماضي برفض تمويل من مؤسسة اجنبية لمنظمة تمكين لحقوق الإنسان، لمساعدة العمالة الوافدة، نوعا من "التضييق على مؤسسات المجتمع المدني".
وسجل التقرير انتقادات جماعات المعارضة لقانون الانتخاب الحالي، بوصفه "ينحاز لصالح المرشحين من الموالين".
في الاثناء، وفيما يخص اللاجئين السوريين، بين تقرير "هيومان رايتس ووتش" ان قرار الحكومة بمنع استقبال اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية "يعد تمييزا بين اللاجئين وفقا للأصل".
وفيما يخص العمالة الوافدة، لفت التقرير الى ان المئات من العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، والعاملين في قطاع الزراعة وعاملات المنازل يشتكون من انتهاكات تشمل عدم دفع الاجور، احتجاز جوازات السفر، العمل القصري، فيما "يتراخى" مفتشو وزارة العمل عن التعامل مع تلك الشكاوى.
وأشار التقرير الى أنه رغم صدور نظام انشاء دور لضحايا الاتجار بالبشر، فانه لغاية الان لم يتم انشاء هذه الدار.
وفيما يخص حقوق المرأة، لفت التقرير إلى موافقة البرلمان الأردني في آب (أغسطس) الماضي على تعديل قانون جوازات السفر، بحيث لم يعد مطلوبا من المرأة الحصول على موافقة زوجها للسفر. لكنه سجل انه في المقابل فان قانون الاحوال المدنية ما يزال "قانونا تمييزيا ضد المرأة، تحديدا فيما يخص قضايا الزواج وحرمان المراة من حقها في منح جنسيتها الأردنية لابنائها من أب غير أردني".
الى ذلك، اعتبرت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، في بيان صحفي اصدرته اول من امس، أن حالة النشوة الغامرة التي أدى إليها الربيع العربي "أفسحت المجال لتحديات واقعية، تتمثل في بناء نظم ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان". وقالت "قابلية الحكومات الجديدة لاحترام حقوق الإنسان سوف تحدد ما إذا كانت هذه الانتفاضات قد جلبت معها ديمقراطية حقيقية، أم مجرد المزيد من الاستبداد في أشكال جديدة".
وقال المدير التنفيذي لـ "هيومان رايتس ووتش" كينيث روث "ليس في ما تجلبه الحرية من احتمالات جديدة سبباً للنكوص إلى الحكم الاستبدادي".
وقال إن التوتر القائم بين حكم الأغلبية واحترام الحقوق "ربما كان أكبر تحدٍ تواجهه الحكومات الجديدة" في الشرق الاوسط.
واضاف إنه مع "اكتساب القوى الإسلامية لانتصارات انتخابية في دول عديدة، أصبحت حقوق المرأة من بواعث الخلاف".
وقال روث "مع تجذر الحكومات التي يهيمن عليها إسلاميون في دول الربيع العربي، فربما لا يوجد موضوع يُعرّف ويؤطر سجل هذه الحكومات المتعلق بالحقوق قدر معاملة المرأة".
وزاد إن الانتقال من الثورة إلى نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان هي "المهمة الأولى والأساسية للشعوب التي تمر بالتغيير، لكن يمكن للحكومات الأخرى -بل وعليها- أن تكون ذات تأثير واضح". لكنه اعتبر أن الدعم الغربي لحقوق الإنسان والديمقراطية في شتى أنحاء الشرق الأوسط "كان غير متسق على الإطلاق، كلما كانت المصالح النفطية أو القواعد العسكرية أو إسرائيل على المحك".