جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قرر المكتب التنفيذي لحزب التيار الوطني الذي يرأسه عبدالهادي المجالي، سحب قائمته التي شاركت في الانتخابات النيابية من عضوية مجلس النواب السابع عشر، والمضي قدما في الإجراءات القانونية والدستورية اللازمة لذلك.
وجاء القرار خلال اجتماع للمكتب التنفيذي أمس في مقر الحزب، تدارس فيه موقفه من العملية الانتخابية، حيث قرر أيضا إغلاق جميع فروعه في المحافظات باستثناء فرع العاصمة، فيما اتهم في بيانه أطرافا لم يسمها بالعمل على "تحجيم الحزب واستهدافه".
ولفتت مصادر مسؤولة في الحزب، إلى احتمال التوجه إلى محكمة العدل العليا للطعن في آلية حسبة القوائم الوطنية.
وبحسب البيان الذي تلقت "الغد" نسخة منه، فإن 18 من أعضاء الحزب فازوا بمقاعد في الدوائر المحلية، حيث أكدت مصادر في الحزب أن قرار الانسحاب أو الاستقالة من المجلس النيابي السابع عشر "لن يشملهم".
في الأثناء، قال البيان إن قرارات المكتب، جاءت بناء على ما أسماه "التجارب العديدة المؤلمة، والتقييمات العميقة المثيرة للشكوك".
ونصت القرارات على سحب قائمة الحزب التي شاركت في الانتخابات من مجلس النواب بجميع أعضائها، وأن يكون سحب القائمة نهائيا، بحيث لا يعود لها تمثيل في المجلس، والسير بالإجراءات الدستورية والقانونية لإنفاذ ذلك.
كما توافق الحزب على إغلاق مقار الحزب في جميع المحافظات باستثناء المقر الرئيسي في العاصمة عمان، بعد التقدم بمقترح للمكتب بحل الحزب، إلا أنه لم يلق توافقا، بحسب مصادر مطلعة لـ"الغد".
كما اتخذ المكتب التنفيذي قرارا بفصل كل عضو ترشح للانتخابات النيابية، بصورة منفردة وبدون التنسيق وموافقة الحزب.
وضمت قائمة التيار المعلنة 22 مرشحا ترأسها المجالي وعدد من قيادات الحزب من بينهم نواب سابقون.
من جهته، قال أمين سر الحزب الدكتور تيسير الصمادي في تصريح إلى "الغد" إن قرار إغلاق فروعه في المحافظات، لا يعني اعتزال الحزب للعمل السياسي، مضيفا أن الحزب سيجري تقييما شاملا لتجربته.
وبين الصمادي أن الاجتماع الذي عقده المكتب التنفيذي، تضمن مناقشة احتمالية لجوئه إلى محكمة العدل العليا، للطعن في آلية حسبة القوائم الوطنية التي طبقتها الهيئة المستقلة للانتخاب، وذلك في الوقت الذي لوحت فيه أكثر من قائمة باللجوء إلى المحاكم.
وأشار إلى أن اللجوء إلى القضاء، ستبحثه قيادة الحزب مع المتخصصين القانونيين للبت فيه، لافتا إلى أن "تعليمات حسبة القائمة لا تنسجم مع المادة 52 من قانون الانتخاب".
وبين الصمادي أن الحزب وضع مقترحا بشأن "حل الحزب" إلا أنه لم يتوافق على ذلك، مكتفيا بقرار إغلاق الفروع في المحافظات.
وبشأن آلية انسحاب القائمة، وفيما إذا كان المجالي سيقدم استقالته مباشرة الى رئيس مجلس النواب المقبل عقب أداء اليمين القانونية في جلسة الافتتاح، قال الصمادي إن الحزب سينفذ الإجراءات القانونية اللازمة، وقال: "لا أريد أن أستبق الأحداث، لكن الحزب سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لضمان انسحاب القائمة بأعضائها الاثنين والعشرين".
وأوضح أن الحزب سيمارس نشاطه كالمعتاد، إلى حين الانتهاء من عملية التقييم كاملة.
وفي الإطار، وجه الحزب في بيانه نقدا لاذعا لمجريات العملية الانتخابية والإصلاح السياسي، قائلا إنه مضى في طريق الانتخابات إلا أنه بدأ ظهر يوم الانتخاب يشعر بـ"قلق حقيقي"، مسترجعا تجربته الانتخابية السابقة.
وقال الحزب إنه فور إعلان النتائج، تبين له "بما لا يدع مجالا للشك أنه استهدف مرة أخرى من أطراف لم تغير مواقفها وانخرطت بأشكال مختلفة لتحجيم الحزب وإخراجه من الانتخابات ضعيفا، على خلاف الواقع في الشارع، والذي تعرفه هذه الأطراف جيدا".
وقال البيان: "منذ إعلان النتائج المثيرة للتفكير وتحيطها علامات الاستفهام، خصوصا على صعيد القوائم (...)، بدأنا بعملية تقييم واسعة للإجابة عن جملة تساؤلات ليس أقلها، لماذا يتعرض الحزب لحملات ممنهجة ومنظمة لإفشاله، وما قيمة الحزب والجهد الكبير والجبار الذي يبذل فيه، إذا لم يكن له قيمة وطنية، وهل في الدولة أطراف ليست معنية بحياة حزبية حقيقية ولا تسعى إلى تحقيق استجابات جدية وعميقة لتحقيق الدولة الديمقراطية التعددية الحديثة".
وخلص الحزب في بيانه إلى ما أسماه "استنتاجات محددة"، مفادها أن حزب التيار الوطني "مستهدف بذاته ولذاته"، وأن تجربته الحزبية في الوطن "غير ممكنة النجاح ما لم تكن البيئة السياسية الحاضنة لها مناسبة"، وأن "الاستمرار في المراوحة في المكان ذاته وتكرار الاستهداف للحالة الحزبية، لا ينتج واقعا حزبيا جامعا للمواطنين ينظمهم ويتيح لهم منابر للتعبير عن الرأي بخلاف حالة الفوضى الراهنة".
وفيما أشار الحزب إلى اعتقاده بأن الانتخابات النيابية الأخيرة كانت فرصته الحقيقية لإثبات أن الحزب قوة أساسية على الساحة السياسية والحزبية، أشار إلى اعتقاده بأن الأطراف التي لم تستسغ وجود حزب وطني قوي ومؤثر، لن تحرك ماكنتها ضده، ولن تسعى إلى إفشاله كما في انتخابات مجلس النواب السادس عشر.
ولفت إلى أنه بناء على هذا الاعتقاد، قرر المشاركة في الانتخابات النيابية، رغبة منه "للمشاركة في مرحلة سياسية وطنية جديدة تشهد عصر الحزبية الحقيقية والحكومات المشكلة من أغلبية برلمانية"، حيث سارع الحزب بحسبه، إلى "التجهيز للانتخابات، وإعلانه كأول حزب عن قائمته الوطنية ومرشحيه عن الدوائر الفردية".
وأضاف: "ومن بعد هذه اللحظة تناسلت القوائم لتبلغ 61 قائمة، فبدأ يساورنا الشك والقلق من هذا الرقم وغايته ومن يقف خلفه، لكننا ارتأينا أن نمضي في طريق الانتخابات وألا نتراجع".
وفي السياق، لفت الحزب إلى أن هدفه من المشاركة في الانتخابات، كان للمرور بالوطن بمسار إصلاحي مختلف عن المسارات العربية الأخرى والصعبة والمهلكة، كمقدمة ضرورية تؤسس لما بعدها من تعظيم للإصلاحات، لافتا إلى أنه تجاوز كحزب انتخابات مجلس النواب السادس عشر 2010، برغم ما تركته "من غصة وتساؤلات".
وقال: "خالجنا شعور أن أطرافا في الدولة لا تريد لهذا الحزب أن يأخذ مكانه الطبيعي على الساحة السياسية".
وذكّر الحزب في بيانه بأنه عبر في غير مناسبة عن موقفه من قانون الانتخاب، ومطالبته بحصر القائمة الوطنية على الأحزاب فقط، وأن تزيد نسبتها لتتراوح من 40 % إلى 50 % من العدد الكلي لمقاعد مجلس النواب، وكذلك منح الناخب صوتين لا صوتا واحدا للدائرة الفرعية.
كما جدد الحزب بأنه اعتبر قانون الانتخاب الحالي الذي شارك بموجبه في الانتخابات، "حالة مؤقتة، واجبة التغيير تحت القبة، بما يضمن مشاركة كل المكونات الوطنية في الانتخابات المقبلة".
كما جدد التذكير، بمحاولاته السابقة التي سعى من خلالها إلى إقناع قوى قاطعت الانتخابات، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، بأن تشارك وأن يؤسس معها تفاهما مسبقا يتوافقان فيه على طبيعة تغييرات قانون الانتخاب وتنفيذها في مجلس النواب لاحقا، فيما قال "إن التوفيق لم يحالف الحزب في مسعاه دون أن يقطع المسعى في أمور أخرى غايتها رفعة الوطن"، بحسب تعبيره.
ولفت الحزب إلى أنه عمل على تطوير نفسه خلال الفترة الماضية، ليكون "رقما وطنيا صعبا"، عبر زيادة أعضائه إلى ما يزيد على 5 آلاف عضو، إلى جانب تبني برنامج إصلاحي نوعي.
وقال في بيانه، إن "الفهم الأساسي الذي توصل إليه الحزب بشأن قيمة الوطن، دعاه إلى المشاركة في الانتخابات، في ظل واقع وطني راهن ينظر إليه بعين القلق والخشية"، معتبرا أنه "يتنقل بين أزمة ومأزق، وبين تحديات وصعاب، منها ما تفرضه متغيرات داخلية بالغة التعقيد، ومتغيرات حادة ومتشابكة في إقليم يتغير وجهه، نقلت بعض دوله من حال سيئ إلى أسوأ".
وقال: "وهذا ما فهمناه من أحاديث عديدة وفي غير مناسبة، أشار فيها جلالة الملك إلى أهمية وضرورة تعميق الديمقراطية والعمل الحزبي، والحاجة إلى تيارات سياسية وبرامجية وفكرية حزبية تمثل اليمين واليسار والوسط، كخطوة أساسية في التحول إلى برلمانات محزبة وأساليب جديدة في الحكم".
وتطرق الحزب في بيانه إلى الحراك الشعبي الذي انطلق منذ نحو عامين، قائلا إن "الحراك زاد إيمانه بقيمة الأحزاب وأهميتها، وإنه انخرط أكثر بمراجعة برنامج الحزب وتطويره"، مضيفا: "لقد اشتبكنا مع الحراك سياسيا، على قواعد الاحترام وتقدير وجهات النظر، حول ضرورة تحقيق الإصلاح عبر نقطتين أساسيتين، الأولى، التوافق الوطني على البرنامج الإصلاحي الكلي، والأخرى، التدرج في تنفيذ الإصلاحات، في سياق حواري سلمي يحفظ الأردن من أي تداعيات سلبية".
ويعتبر إعلان المجالي انسحاب قائمته واستقالته خلافيا من الناحية القانونية، حيث يعد المجالي نائبا منذ إعلان الهيئة المستقلة للانتخاب فوزه، إلا أنه لم يحلف اليمين الدستورية بعد.
وتنص المادة (72) من الدستور على أنه: "يجوز لأى عضو من أعضاء مجلس النواب أن يستقيل بكتاب يقدمه الى رئيس المجلس، وعلى الرئيس أن يعرض الاستقالة على المجلس ليقرر قبولها أو رفضها".