جراءة نيوز - اخبار الاردن :
بعد ان ارتفعت بأكثر من ضعف خلال السنوات الماضية اقتراح تصنيف هذه المدارس بشكل دوري وإجبارها على نشر نتائجها المالية سنوياتعرضت الطبقة الوسطى في الاردن الى ضغوط هائلة خلال السنوات الماضية ليس اولها ارتفاع تكاليف السكن والمعيشة وليس اخرها استثناءها من الدعم النقدي المقدم مقابل رفع الدعم عن المحروقات.من ضمن هذه الضغوط، ان لم يكن أبرزها، الارتفاع المتواتر الذي شهدته وتشهده اقساط المدارس الخاصة، وهو ما اضحى هاجسا لدى جميع الاسر المتوسطة الراغبة في الاستثمار في تعليم ابنائها.رغم عدم نشر معظم المدارس الخاصة لبياناتها المالية، يمكن الاستنتاج بان اقساط هذه المدارس في المملكة باهظة وان ارباحها مرتفعة ان لم تكن خيالية وغير عادلة في كثير من الاحيان.كيف لا يمكن الوصول الى هذا الاستنتاج اذا كان قسط طالب واحد في المدرسة الخاصة كافيا لتغطية كامل الاجر السنوي لأحد المعلمين؟.وكيف تكون ارباح المدارس الخاصة عادلة مع العلم بان بعضا منها يتقاضى اقساطا تقارب تلك الدارجة في بريطانيا و الولايات المتحدة التي تتفوق على الاردن من حيث التكلفة التشغيلية والدخل بمراحل متعددة؟.مما يؤكد ايضا على الارباح غير الاعتيادية التي تحققها المدارس الخاصة (الربحية) هو حجم الاستثمارات الكبير والمتسارع في هذا القطاع، الذي ما كان ليصل الى هذا المستوى لولا معدلات الربحية المقنعة جدا للمستثمرين.في الاردن بشكل خاص، توجد جملة من العوامل التي تدعم امكانية فرض اقساط باهظة وغير عادلة من قبل المدارس الخاصة على الطلاب واولياء امورهم.احد اهم هذه العوامل ينبع من تراجع التعليم في المدارس الحكومية خلال السنوات الماضية، الى حد لم تعد معه هذه المدارس منافسا او بديلا لمدارس القطاع الخاص.من جهة اخرى، اضحى سوق العمل في الاردن متطلبا لمهارات وقدرات مرتفعة تحتاج الى مستوى تعليمي لا تلبيه كثير من مدارس الحكومة ومدارس القطاع الخاص، وبما عزز من محدودية الخيارات امام اسر الطبقة المتوسطة الراغبة في الاستثمار في تعليم ابنائها.هذا ناهيك عن ان التعليم بالأساس خدمة غير مرنة للتكلفة. وبمعنى ان الاسرة قد تغير كثيرا من انماطها المعيشية والاستهلاكية على حساب عدم نقل الابناء الى مدرسة جديدة نتيجة لارتفاع اقساط التعليم، مبررا كان هذا الارتفاع او غير مبرر.المشكلة الاخرى التي يعاني منها قطاع التعليم الخاص في الاردن تتمثل بعدم توفر جهات تصنيف تقيم اداء المدارس الخاصة وترتبها بشكل محايد وعلني ودوري كما هو حاصل في الدول المتقدمة.غياب هذا التصنيف الموضوعي يجعل من الاقساط مؤشرا وحيدا على المستوى التعليمي للمدرسة بدلا من ان يكون المستوى التعليمي والخدمي اساسا لتحديد القسط.هذا الاختلال في معادلة تحديد القسط يشجع المدارس على رفع اقساطها بهدف تسويق خدماتها على انها الافضل مقابل تحفيز اولياء الامور نحو المدارس ذات الاقساط المرتفعة سعيا نحو التعليم الافضل لأبنائهم من دون الاستناد الى اي تقييم موضوعي محايد لمستوى المدرسة الخاصة او ادائها.غياب هذا التصنيف يحد ايضا من التنافس بين المدارس الخاصة للحصول على تقييم سوقي افضل ويسمح بعدم تواؤم مستوى الخدمة التعليمية المقدمة مقارنة بالقسط المفروض على الطالب.حماية الطبقة الوسطى من اوجه الاستغلال والحفاظ على ما تبقى منها يحتم على الحكومة بشكل عام وعلى مديرية التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم تحديدا التدخل بهدف منع الارتفاع غير المبرر في الاقساط والارباح غير الاعتيادية للمدارس الخاصة الربحية.ضمن قوانين وضوابط حرية السوق، لن تستطيع الجهات الرسمية التدخل بفرض سقوف على الاقساط الدراسية او منعها من الارتفاع عن طريق التدخل المباشر.بيد ان الحكومة قادرة على دفع المدارس الخاصة نحو نشر بياناتها المالية بشكل علني يكشف ارباحها امام الجمهور و يضعها امام مسؤولية مجتمعية تحتم عليها تحديد الاقساط بشكل عادل بعيدا عن اوجه الغبن والاستغلال.من جهة اخرى، تستطيع مديرية التعليم الخاص بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني اجراء تقييم دوري يصنف المدارس الخاصة ويرتبها حسب معايير الجودة العالمية وبناء على مؤشرات قياس الاداء المختلفة ليتم نشر هذا التقييم دوريا على المواقع الالكترونية المعنية.ايجاد هذا التصنيف يعزز من المنافسة الصحية بين المدارس الخاصة ويطور بالتالي من خدماتها، بالإضافة الى انه سيحقق مع مرور الوقت ربطا فعليا بين القسط المدرسي من جهة ومستوى الخدمة التعليمية المقدمة من جهة اخرى.لن تستطيع الطبقة الوسطى البقاء والاستمرار في اداء دورها الاقتصادي والاجتماعي عندما يصل قسط الطالب في الصف الخامس الى 6000 دينار.وكما ان هناك شبكات امان اجتماعي تحمي الفقراء وقوانين تشجيع استثمار ترعى مصالح الأغنياء، يجب ان لا تتوانى الجهات الرسمية عن اتخاذ اية خطوة من شأنها حماية الطبقة الوسطى من الانحسار والتلاشي.السيطرة على تكاليف التعليم الخاص اهم هذه الخطوات...."العرب اليوم"