جراءة نيوز - اخبار الاردن :
لا تزال قرية «رأس النقب» في قضاء المريغة جنوب المملكة تعيش عزلتها التي دفعت سكانها البالغ عددهم 600 نسمة إلى هجرها كلما سنحت لهم الفرصة في ظل غياب أبسط ضروريات الحياة الطبيعية.
ففي الجنوب الغربي من محافظة معان التي يختزن باطنها معظم ثروات الوطن الطبيعية ووسط مناخ قارص البرودة شتاء تتواضع الحياة في إحدى جيوب الفقر في المملكة حتى حد البؤس لتشكل نموذجا للفجوة التنموية التي تفصل خطط التنمية عن الواقع .
«الدستور» عاشت يوما من أيام العاصفة الثلجية في تلك القرية وهي تتنقل من بيت إلى آخر لتشاهد بأم عينها الفقر وغياب الأمن وتدني مستوى التعليم في القرية .
ونبدأ الحديث من عند ابنة الحاجة فاطمة قاسم المراعية التي قالت إنها تعيش مع والدتها البالغة من العمر 75 عاما ، في منزل عنوانه الفقر ، حيث كان في السابق مدرسة ثم تحول إلى جمعية وأصبح الآن بمساعدة أبناء البلدة مسكنا لها ولوالدتها المريضة ، مشيرة الى أن المنزل لا تتوافر فيه أبسط الاحتياجات التي تقي من برودة الطقس ، إضافة إلى خطر وقوع المبنى الذي تنساب المياه منه على أسلاك الكهرباء لتشكل خطرا آخر .
وتقول إنها ووالداتها تتقاضيان معونة شهرية من صندوق المعونة الوطنية قيمتها 40 دينارا، لا تفي للعلاجات التي تحتاجها والدتها التي أصيبت بجلطة حادة جعلت يدها اليمنى غير قادرة على الحركة كما فقدت النطق .
وقالت إن فريقا من مديرية التنمية الاجتماعية في المحافظة زارها ووالدتها قبل عام ونيف وطلب منهما شراء قطعة ارض لكي يقوموا ببناء منزل لهما ، حيث قامتا ببيع ما كانا تمتلكان وقتها إضافة إلى مساهمة الخيرين من أبناء البلدة لشراء قطعة ارض إلا ان حلم إنشاء المنزل لم يتحقق حتى اللحظة دون معرفة السبب.
اما محمد هويمل فهو رب أسرة مكونة من 9 افراد و يتقاضى معونة شهرية متكررة تبلغ 180 دينارا من صندوق المعونة الوطنية في ظل ظروف معيشية صعبة وقاسية ، مبينا ان منزلة المتواضع الذي بناه من الطوب قبل فترة وجيزة ما زال دون أبواب وشبابيك وأرضيته ترابية لعدم مقدرته على إكمال متطلبات البناء ، مشيرا إلى ان وضعه لم يطرأ عليه تغيير بعد زيارة وزير التنمية الاجتماعية العام الماضي والذي وعد في حينها بترميم المنزل وصيانته ، مبينا ان العاصفة الثلجية الأخيرة جعلت الأوضاع أكثر سوء.
وقالت الأرملة فضى بخيت المراعية وهي ربة أسرة مكونة من 10 افراد إنها تتقاضى معونة وطنية من التنمية الاجتماعية تبلغ 180 دينارا، مطالبة الجهات المعنية بمساعدتها بتعيين أبنائها المتعطلين عن العمل لينقذوا أسرتهم من الضياع والفقر والحاجة، مؤكدة انها لا تريد غير ذلك .
ويعاني سكان البلدة وفق مختارها فهد المراعية من غياب الأمن والفقر وتدني مستوى التعليم ، اضافة إلى افتقار البلدة لعيادة تقدم الخدمات الطبية لأبنائها ، مطالبين بضرورة وجود نقطه أمنية في المبنى الذي كان مستخدماً في السابق كمركز أمني .
وأشار إلى ان أبناء البلدة يعانون من عدم وجود عيادة لتقديم الخدمات الصحية للأهالي ما يضاعف من معاناتهم لاسيما انهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع ، لافتا الى ان القرارات السابقة لوزارة التربية والتعليم لم تنفذ بشأن إنشاء بناء مدرسي جديد في القرية قبل بداية العام الدارسي 2013 بدل المبنى الحالي الذي لا يلبي متطلبات العملية التعليمية ولا تتوافر فيه بيئة تدريسية ملائمة للطلبة .
ويبين المراعية ان مختبر الحاسوب يقع في الجهة المقابلة للمدرسة في سكن المعلمات ، ما يضطر الطلبة إلى عبور الشارع الدولي باتجاه العقبة للوصول للمختبر الذي ما زال منذ إقامته بدون معلمة حاسوب.
مشيراً الى ان أبناء المنطقة الذين ينهون التعليم في الصف العاشر في مدرسة البلدة يضطرون لعدم استكمال تعليمهم لافتقار المنطقة لمدرسة ثانوية بخاصة الإناث ، وهي مشكلة يعاني منها جميع سكان البلدة بسبب عدم توافر القدرة المالية والمواصلات لتدريس الفتيات في المناطق الأخرى .
وأوضح إن قرية رأس النقب تبعد عن اقرب مركز صحي ثمانية كيلومترات تقريبا ويحتاج سكانها للذهاب إلى مدينة معان أو المراكز الصحية القريبة في المريغة للعلاج ، ما يعرض حياتهم للخطر بخاصة في فصل الشتاء الشديد الذي يميز تلك المنطقة التي تأتي ضمن سلسلة المرتفعات الغربية في محافظه معان ، اذ ان كثيرا من سيدات البلدة تعرضت حياتهن للخطر اثناء نقلهن من البلدة إلى مستشفى معان وهن في حالات الولادة ، مطالبا وزارة الصحة بفتح عيادة في البلدة لتقديم الخدمات الصحية لسكانها .
وأكد المراعية إن بلدة رأس النقب ورغم اتساع جيوب الفقر فيها إلا أنها لم تحظ بإقامة مساكن الأسر الفقيرة فيها ، كما دعا إلى ضرورة توفير نقطة أمنية في مبنى المركز الأمني السابق الموجود في المنطقة والذي كان مستغلا خلال فترة السبعينيات عندما كانت هذه البلدة عبارة عن خلية نخل تعج
بالسيارات والقطارات التي تقوم بتحميل وتفريغ ماده الفوسفات من بناكل التخزين فيها ، وقال إن مبنى الاستراحة القديمة مستغل من قبل مؤسسة الأنوار الصحية وهي معنية بتقديم الخدمات الصحية لسكان البلدة ، مبينا انها كانت تقدم كل العلاجات والفحوصات الطبية مجانا لأبناء البلدة إلا أنها تعرضت لسرقة سياراتها بسبب غياب الأمن وتم إغلاقها من قبل القائمين عليها بسبب عدم اطمئنانهم على حياتهم وممتلكاتهم .
وفي الوقت نفسه اكد المراعية ان ابناء البلدة مصرون على المشاركة بالاستحقاق الوطني من خلال ممارسة حقهم الانتخابي لأن خدمة الوطن واجبة على جميع ابناء الوطن .
وأشارت دراسة أعدتها وزارة التنمية الاجتماعية حول احتياجات محافظة معان من المشاريع التنموية إلى إن المحافظة من أكثر المناطق حاجة للبرامج والمشاريع التنموية بخاصة تلك التي تهدف إلى زيادة وتعزيز الإنتاجية للأسر الفقيرة وتسهم بالحد من مشكلتي الفقر والبطالة ، رغم أن الحكومات السابقة أنفقت خلال السنوات السبع الماضية ما مجموعة (720,2) مليون دينار على خمسة برامج رئيسة موجهة للتشغيل ومكافحة الفقر."الدستور"