جراءة نيوز-عمان-هدى الحنايفه:
بِدأً من الفزعة والتخجيل الى المال السياسي ينشط بعض المرشحين في جذب أصوات الناخبين لصالحهم للوصول الى عتبات مجلس الأمة السابع عشر ,حملات قرأها البعض على أنها " عين على السُلطة والثانية عوره" ورآها آخرون انها موسم كرنفالي وطني مبشر خاصة مع دخول تجربة انتخابية جديدة يعولون عليها للخروج من عنق الزجاجة وشق طريق لمحاربة الفساد وحل القضايا الإقتصادية العالقة وانفراج الحال بعد التطمينات والحملات التي تنظمها الهيئة المستقلة للإنتخاب لتكون الإنتخابات ذات نزاهة ومصداقيه.
منهم مجموعة شباب من إحدى المحافظات دخلوا في مشاورات محلية عشائرية في مناطقهم لتنحي مرشح لصالح آخر رفضوا ان يسموها (تخجيل) بل حق لازم لضعف قانون الإنتخاب الذي حرم مناطقهم من التنميه ضمن اللواء حيث تحولت مناطقهم الى مستودع أصوات للمرشحين على حد وصفهم لصالح مناطق أخرى من نفس اللواء على مدى دورات انتخابيه مضت بسبب ضيق نظرة اؤلئك النواب الى مطالبهم خاصة الصحية .
هيئات مراقبة وحث على المشاركة.
و يبرز عادة في مثل هذا الإستحقاق الدستوري المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي تتركز مهامه على رصد المخالفات والمراقبة والحث على المشاركة الفاعلة في الإنتخابات و وفقا لتصريح خاص للدكتور علي العبوس رئيس وحدة الحريات العامه في المركز حول دوره قال :" منذ بدء الإستحقاق وتسجيل الناخبين عكفنا في ملف أعمالنا على انشاء تحالف مع 70 مؤسسة مجتمع مدني لتشكيل فريق مكون من 1400 مراقب من جميع محافظات المملكة نشر منهم 60 مراقب لرصد العملية الإنتخابية
وفي مجمل اهدافنا لذلك متابعه الشأن العام وبناء قدرات مؤسسات المجتمع المدني ورصد المخالفات وخلق وجبر ثقة الموطن التي فقدها إزاء مشاركته في تجارب سابقه , وكان لإنشاء الهيئة المستقلة للإنتخاب استقلال تام عن الحكومة ركيزة أولى لذلك وسينشر يوم الإقتراع 1400 مراقب وسيستمر عملنا الى حين فرز الأصوات و اعلان النتائج للنظر للطعون ان وجدت وفي النهاية سنصدر بيان للمركز كتقرير شامل عن العملية الإنتخابية والخروج بتقييم و توصيه لتحسين الإجراءت فيما بعد " كما دعا العبوس كل ناخب للمشاركة كحق يكفله له القانون دون أي ضغوطات ضمن حملة ( اقترع سَرا صوتك حرا). مع رؤيته أنه في النهاية يبقى الرهان على التطبيق العملي .
وبخطى سريعة الوقع لاتزال الحكومة تدأب على إقناع المواطنين أن الإصلاح مرتبط بالمشاركة حسب ما جاء مراراً على لسان الناطق الإعلامي لها الدكتور سميح المعايطه " بأن الانتخابات خطوة مؤثرة بمسار الإصلاح الشامل".
الى ذلك قامت مؤسسات مدنية أخرى بمباردة في إقامة حلقات مناظرة حوارية مع بعض مرشحين في المحافظات لمساندة المواطن في اختيار المرشح على أسس معرفيه بالقضايا الوطنية , إلا ان البعض وجد في ذلك عدم عدالة اذ لم يلزم جميع المرشحين بذلك في محافظات ومناطق أخرى, فهم يرون أن "المناظره مرآة نستشف من خلالها الصورة الحقيقيه للنائب الذي نريد بما أننا شباب واعي متعلم".
إستياء ناخبين
وحول رؤيه المواطنين للقوائم ممن تحذوهم الرغبة في المشاركة في صنع القرار يقول معاذ أحد الشباب الذي سيخوض تجربة الإنتخاب لأول مرة "ما ان نشأت بعض التكتلات دون الإرتكاز على خلفية سياسية احمل الهم الوطني على اي صورة سيكون المجلس القادم لقد أحدثت هذه القوائم ضبابية وتمويه لدى بعض الناخبين وعدم ثقة فعند فهم قانون الإنتخاب النهائي في إحتساب النسب المؤيه لفوز المرشح نرى أنها تصب في مصلحة أول مرشحين حسب ترتيب القائمة وكثير من هذه الأسماء لاتمثل طموحي كمواطن"وفي المقابل يبدي ابو احمد تفاؤل ازاء هذه القوائم على "انها تتيح له الإختيار بشكل اكبر", ومن الملاحظ أن القوائم تستمد حماسها بناء على المساحة الجغرافيه التي أُقرت وفق القانون الجديد إضافة الى شعبية المنتسبين لها أحيانا . وبهذا يجد البعض في القوائم الـ 27 بداية تغيير جذرية ليتقبلها المجتمع لمجلس أكفأ بينما يضع آخرين التشاؤم امام أعينهم فلا يجدون فيها سوى إكسسوار ديمقراطي يُلهي الشعب الى حين ..!
وهنا يضيف معاذ " أعرف عائلات تعيش ضمن جيوب الفقر حللت تقاضيها المال السياسي مقابل الصوت الذي كان لزاما ان نحكم ضميرنا ومسؤوليتنا فيه , كما أن جاري ابو فارس مثلا انتسب لأحد القوائم وهو لم ينهي سوى الثانويه العامه وليس هذا فحسب بل انه رجل على الله.. موزع في احدى الشركات , فلماذا أُلزم أنا كمواطن باختيار مرشح لائحة محليه و أخرى وطنيه معاً ..؟! هذا التساؤل ردته الهيئة المستقله للإنتخاب باقتضاب على موقعها للتواصل الإجتماعي الفيس بوك " بموجب القانون على الناخب ان يصوت للدائرتين المحلية والعامة" , لم يكن هذا التساؤل الوحيد الذي أبداه المواطنين لكن أيضا كان لوقع الشعارات الرنانه صدى مفضي إلى النُكته تبادلها المواطنين تَهكما وخيبة أمل لإنطلاقها بلا مضمون ,مجلجلة توصل للقمر مجازاً لتلقي المواطن في أرض ضحله فكيف يسمح لمثل من يطلقها لأستغباء المواطن ..!
من جهته خفف الدكتور أحمد نوفل أستاذ العلوم السياسة في جامعة اليرموك من تأثير الشعارات على رأي المواطن "واصفا المواطن بالذكي أمام معظم تلك الشعارات التي ستنتهي الى طي النسيان مع دخول النائب تحت قبة البرلمان" ومع ذلك يبدوا أن هنالك مؤشرات لظهور إنعكاسات سلبيه و فتور روح المواطن للمشاركة الفاعلة في الإنتخابات القادمه رغم ما أبداه البعض للمشاركة فقط نكاية بمرشح ما أو فئة معينه دون النظر الى الهموم الوطنية الضاغطة في الأفق, كما أن بعض الكتل نشطت على التركيز على مطالب الإصلاح بأسلوب التحشيد التي نودي بها عبر سنة ماضية متزامنه مع هبة الربيع العربي , رغم أننا نعلم أن قوائم المعارضة الرئيسية أعلنت مبكرا مقاطعتها للإنتخابات..فهل يدغدغ هؤلاء مشاعر الناخبين لحصد أصواتهم بالتزامن مع من يشتري ضمائرهم وذممهم بالمال ..!؟ و من نفس الزاوية برزت في الأمس حملات توقيف عدد من المرشحين بتهمه الرشوة .
تفسير علم الإجتماع
هذا ما عزاه الدكتور خليل درويش رئيس قسم علم الإجتماع في الجامعه الأردنية ليقول:" بالفعل فقد المواطن ثقته من تجارب سابقه حيث كانت وعود المرشحين كثيرة معظمها آمال كاذبه, و ما كان هدف المرشحين سوى تحقيق ذاتهم في الوصول الى القبة مكانة ليس إلا, و للأسف أن الدعاية الإنتخابية لمعظم المرشحين لم تنضج بعد بسبب عدم انتمائها الى قاعدة حزبيه أو مؤسسه ذات خبرة , أما إذا ما تم التوجه لأسلوب المناظره فستختلف النتائج حتماً لأنها خطوة متقدمه في التمثيل الديمقراطي الذي يجب أن يثق بها المرشح كباب ينفذ الى شعبية حقيقية لا زائفه فالمناظرة تتيح للناخب الإنفتاح على فكر المرشح و تمده بالإٍرادة الفعلية لتحديد قناعاته من ثقة عاليه فيمن ينتخب , رغم أن العلاقة العشائرية لازالت تحكم الموقف في توجيه سلوك المجتمع للإلتفاف حول مرشح ما غالبا بغض النظر عن رؤيته وبرنامجه الإنتخابي , حتى أن بعض الأحزاب لازالت تستند الى القاعدة العشائرية للآن وهذا فشل لها في الوصول الى الناس , ويبقى لكل مجتمع تركيبته و خصوصيته ..!".
و في خضم هذا المشهد يختلف المواطنين بنوعية النائب الذي يريدون فهنالك اغلبية تشير الى" نائب خدمات " أكثر من تشريع وطني مما يبرز افتقار كثير من المناطق للتنمية الحقيقيه.
رأي سياسي
من هذا الباب يبني الدكتور نوفل رأيه قائلاً : "
بداية ان للنائب مهامه اساسية تتمثل في رقابة ومحاسبة الحكومة وهذا مطبق في جميع الدول الديمقراطيه في العالم المتقدم وثانيها يأتي التشريع حيث دراسة وصياغة القوانين لتحال الى اصول معاملات سياسية واجتماعية و مشاريع خدمية للمواطنين ومن هنا يصار لتعبير أقرب لمهامه (نائب وطن).
لذا يجب على المواطن أن يختار النائب الذي يريد بناء على الكفاءة لذلك , لكني لا اجد أي تغير لحل الإشكاليات في المجلس القادم وكل من يراهن على حل الأزمة على الساحة الأردنية عليه أن ينتظر فقط لـ 24 الشهر الجاري أي ثاني يوم من الإقتراع لأن التشكيك بقانون الإنتخاب لم يأت عبثاً حيث أن المال السياسي طاغي على الطاوله كما هو حال انتخابات 2007 و2010 " لافتا النظر الى أن القانون الحالي لم يأت بإجماع وطني يزيل الإحتقان العام وفق نظرة دعا لها الملك عبد الله لتعديله لقانون عصري وهو ليس بالأمر المعجزة ولكنه لم يحدث للأسف ولا أرى أي مسوغات للإبقاء على القانون الإنتخابي الحالي للمرحلة المقبلة ".
وكان للدكتور خليل درويش رؤية مغايره حول قانون الإنتخاب اذ قال:" أن القانون الإنتخابي الجديد بما يمثله من قوائم وطنية خطوة جريئة وناجعة قد تحقق رغبات وكيان كثير من الناس ناهيك انها سبيل لترسيخ الوحدة الوطنية وقد اختبرت التجربة في انتخابات مجلس طلبة الجامعة الأردنية فكانت ان زادت فعالية المشاركة وعبر الطلبة عن أنها بلغت آمالهم".
جهود خارج الوصاية الحكومية
وتبدي الهيئة المستقلة للإنتخاب تفاؤلا واضحاً لما سيكون عليه سير العملية الإنتخابية مع ما تبنته من نهج مؤسس يراه مراقبون متقدم, في شرح آليه الإنتخاب وقانونه عبر وسائل الإعلام المختلفة وأماكن التواصل الإجتماعي مع دعواتها المتواصله للإختيار المرشح الكفئ الذي يرتقي به الوطن لتدب الحياة مجددا بشأن سياسي تشريعي غاية في الأهمية ومفصلي من تاريخ الأمة وتطميناتها المكثفة بنزاهه العملية الإنتخابية, كما أشاد بإستقلاليتها الدكتور علي العبوس من حيث جهودها في مراقبة أداء المرشحين ورصد مخالفات شراء الأصوات وتقديم كل من يثبت عليه ذلك للقضاء , لكن يجد الدكتور نوفل مجدداً عثرة في طريق الإنتخابات القادمة على" أن الهيئة برغم كل جهودها لا تستطيع يوم الإقتراع أن تعلم ان كان الناخب آت بكل حرية او انه تلقى مال سياسي ناهيك عن المفارقة من دافع عن مجلس 2010 وسوق له بأنه ديمقراطي ونزيه هو نفسه اليوم من يسوق لهذه الإنتخابات لهذا كان عزوف بعض القوى السياسية عن المشهد".
نسب و أرقام
وبحسب الهيئة المستقلة للإنتخاب بلغ العدد النهائي للناخبين مليونين و227 ألفا و182 ناخبا وناخبة , أما عدد المرشحين 1518 مرشحا ومرشحة 820 منهم عن الدائرة العامه و698 عن الدائرة المحليه ,منهم 139 نائب سابق 68 منهم من المجلس السابق , وبموجب القانون الجديد بلغت مقاعد مجلس الأمه 150 بدلا من 120٬ موزعة على 27 مقعدا للقائمة الوطنية تتنافس عليها 60 قائمه ٬ التي أقرت لأول مرة٬ و15 للكوتا النسائية٬ و108 مقاعد فردية٬ في حين كانت مطالبة أحزاب المعارضة بقانون يعتمد القائمة النسبية بنسبة 50 في المائة للقائمة الوطنية٬ و50 في المائة للدوائر الانتخابية كما بلغت نسبة مشاركة المرأة 51,8% وعدد المرشحات من عام المرشحين كان 213.
أما بالنسبة الى رموز الكتل التي أُعتمدت للتسهيل على الناخب فقد صار لتعميمها من قبل الهيئة المستقلة للإنتخاب, أحد رؤساء الكتل صرح بانها ذات مغزى ,وكان ان معظم القوائم إختارت رمزها صور حيوانات نالت سخرية البعض الذي إعتبرها لاتمثل الهوية الوطنية بشيء غير أن هنالك من رآى بها حس وطني, ولكن لا عجب في الرموز إذ ان الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية يتخذ ( الحمار ) رمزاً له...!
فُسحة أمل
وقبيل المرحلة الأخيرة من الإنتخابات استدعى الأردنيون مشهد أُقتلاع الرياح وسحبهامع الفيضانات يوم الثلاثاء الماضي في منخفض جوي عميق مئات اليافطات وصور المرشحين فازدادت ذخيرة المواطن الأردني من النكات السياسية التي تركت طابعاً ساخرا ممزوج بالهم الوطني كمثال" أن من ثبت دعايته الإنتخابية جيدا سيثبت كرسيه في البرلمان المقبل". وتلك عبارة اخرى" شعاراتكم سدت منافس ( مصارف ) عمان ".
بهذه الصياغة للوضع والزخم الراهن نستطيع القول بأن كُثر من يتأهبون لتفحص النتائج عن كثب فور بدء عملية الإقتراع حتى من كان يظهر أنه لا يأبه لذلك الحدث , ليبقى أن نقول ان عُميت الأبصار في إختيار المرشح المناسب ستستيقظ الأعذار وتتساقط الضمائر يا وطني.
الى ذلك يظل هاجس المواطن حاضرا مع فسحة أمل هل ستجسد تلك الإنتخابات مطالبهم الإصلاحية فعلا على أرض الواقع؟! , فيما استذكر آخر ما صرح به العبوس " الرهان على التطبيق العملي".