تتأثر المنطقة الأسبوع المقبل بموجة باردة سيبيرية ناتجة عن تمدد ما يُسمى بالمرتفع الجوي السيبيري، والذي سيترافق بأجواء باردة خلال ساعات النهار، خاصة في منتصف الأسبوع، فيما تسود ليالي شديدة البرودة في عموم مناطق بلاد الشام والعراق وشمال السعودية.
ما هو المرتفع الجوي السيبيري؟
يعرف المرتفع الجوي السيبيري بأنه عبارة عن كتلة ضخمة من الهواء البارد تتجمع فوق منطقة سيبيريا الواقعة شمال شرق أوراسيا. ولأن ضغط الهواء البارد مرتفع، يسود ضغط مرتفع في المناطق التي يؤثر عليها، وتنخفض فيها درجة الحرارة. حيث تعتبر البرودة الشديدة والجفاف من أهم سمات المرتفع الجوي السيبيري، لأنه يتشكل نتيجة التبريد الشديد لسطح الأرض فوق المناطق القارية البعيدة عن التأثيرات البحرية.
كيف تبدأ عملية بناء المرتفع الجوي السيبيري؟
تبدأ عملية بناء المرتفع السيبيري مع بدء انخفاض أشعة الشمس عن المناطق الشمالية من الكرة الأرضية، بما في ذلك سيبيريا. ويقل الإشعاع الشمسي، مما يؤدي إلى تبريد سريع لسطح الأرض، خاصة خلال الليل. ويترتب على ذلك برودة الكتلة الهوائية القريبة من سطح الأرض. ومع الليالي الطويلة التي تميز الخريف في سيبيريا، يفقد سطح الأرض الحرارة بسرعة نتيجة لعملية التبريد الإشعاعي، حيث يتم إطلاق الحرارة المخزنة في الأرض إلى الفضاء، مما يبرد الطبقة السطحية من الهواء.
ويعتبر الهواء البارد كثيفاً وثقيلاً، وبالتالي يبدأ في التجمع عند السطح. وكلما زادت كثافة الهواء البارد، زاد الضغط الجوي فوق المنطقة، مما يؤدي إلى تكوين المرتفع الجوي السيبيري على مستوى 1000 إلى 850 مليبار (ولا يصل بناء المرتفع الجوي السيبيري إلى طبقات أعلى من ذلك نظراً لثقل الهواء البارد وكثافته العالية). وتعزز الرياح الباردة القادمة من القطب الشمالي من برودة الهواء فوق سيبيريا، مما يزيد من قوة المرتفع الجوي. وتساهم في بنائه على نطاق واسع.
وعلى الرغم من أن عملية بناء المرتفع السيبيري تكون بطيئة في الخريف، لكنها بدأت بالفعل حيث ازدادت برودة الهواء السطحي وازدادت كثافته وارتفعت قيم الضغط الجوي، مُعلنةً بناء المرتفع الجوي السيبيري. وتصبح عملية بنائه أكثر استقراراً وقوة مع تقدم الشتاء، مما يجعله أحد أهم الأنظمة الجوية في نصف الكرة الشمالي خلال فصلي الخريف والشتاء.
المنظومة الجوية السيبيرية من أهم مصادر الكتل الهوائية الباردة الجافة
تعتبر المنظومة السيبيرية من أهم مصادر الكتل الهوائية القارية الباردة، ولا سيما الكتل الهوائية القطبية القارية (Continental Polar). وعلى الرغم من بدء بناء المرتفع الجوي السيبيري، إلا أنه لا يتسبب بحدوث موجات باردة شديدة إلا في المناطق التي يسيطر عليها. ولا يعني تطوره بالضرورة قرب الموجات الباردة من الوطن العربي. ومع ذلك، يؤثر المرتفع الجوي السيبيري مناخياً على فترات زمنية مختلفة بشكل رئيسي على عدة مناطق جغرافية واسعة خلال فصلي الخريف والشتاء.
وفي بعض الحالات، يمتد تأثير المرتفع السيبيري إلى مناطق من الشرق الأوسط في بعض الفترات، خاصة نهايات الخريف وفصل الشتاء، بما في ذلك بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية. ويؤدي ذلك إلى موجات برد جافة، مسببة انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة كما هو متوقع الأسبوع المقبل.
ويترافق امتداد المرتفع السيبيري بهبوب الرياح الشرقية: يعد هذا النوع من الرياح أكثر أنواع الرياح تكراراً ومرافقة للمرتفع السيبيري على مناطق الشرق الأوسط، ويمكن اعتبارها الرياح السائدة المرافقة له. وهي بذلك تأخذ المرتبة الأولى بين جميع المنظومات الضغطية التي تتسبب في هبوب الرياح من هذا الاتجاه في تلك المناطق. ويرتبط سبب ارتفاع نسبة تكرار هذه الرياح إلى طبيعة الحركة حول مركز المرتفع السيبيري والمتوافقة مع حركة عقارب الساعة، والحركة العامة من الشرق إلى الغرب، بالإضافة إلى التضاريس التي تساهم في تحديد مساراته العامة وحركة الرياح المرافقة له.