أشارت صحيفة "لوموند” الفرنسية، إلى ما كشفت عنه مؤسسة الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، وهي منصة تحقيق شريكة لـ"لوموند”، من أن المستفيدين من الحرب في غزة يستغلون الخلل في سلسلة التوريد والنقل والبيع، لإثراء أنفسهم.
الصحيفة أوضحت أن شهر رمضان يبدأ هذا العام وسط أجواء قاتمة في قطاع غزة، إذ يواجه سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، نقصا خطيرا في الغذاء والماء والدواء، نتيجة للعقبات التي تضعها إسرائيل أمام دخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بعد خمسة أشهر من الحرب بين حماس وإسرائيل.
ففي سوق النجمة بمدينة رفح، جنوب قطاع غزة لا تبيع أكشاك الباعة الجائلين سوى السلع الأساسية، مثل علب التونة والسردين والفول والعدس وبعض عصائر الفاكهة والحلويات للأطفال.
ونتيجة لذلك، وصلت أسعار المواد الغذائية القليلة التي ما تزال تباع في الأسواق إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب، وهي تكلفة باهظة بالنسبة لمعظم السكان. النقص وارتفاع تكاليف الاستيراد ليسا السبب الوحيد لهذا الارتفاع في الأسعار، تقول "لوموند”.
وتتابع الصحيفة التصريح أن دخول المنتجات التجارية يتعرض للعراقيل بسبب عمليات التفتيش الأمنية التي تفرضها إسرائيل منذ بداية الحرب والقيود المفروضة على النقل، مثل عمليات التفتيش المتعددة، والطوابير الطويلة عند نقاط التفتيش والطرق المدمرة.
وتقول هالة عمران، وهي أم نازحة لثمانية أطفال: "لقد ارتفعت الأسعار بشكل كبير. الجميع يشتكون والكثيرون لا يستطيعون شراء أي شيء.. يبلغ سعر كيلو الطماطم ما يعادل 4 يورو، مقارنة بـ30 سنتا قبل الحرب.
وارتفع سعر الدجاجة من 3 إلى 20 يورو. ثلاثة كيلوغرامات من السكر تساوي 20 يورو، مقارنة بـ2 من قبل”. ولم تعد هالة عمران تستطيع حتى شراء كعكة لابنها الصغير.
وقام وسام شعث بزيارة جميع المحلات التجارية في رفح للعثور على حفاضات بأسعار مناسبة لتوأميه الرضيعين. كان هذا الأب سائق سيارة أجرة بين خان يونس ورفح، وكان يكسب ما يصل إلى 10 يورو في اليوم قبل الحرب. ولم يعد لديه دخل منذ اندلاع الحرب.
وأشارت "لوموند” إلى أن معبري رفح وكرم أبو سالم هما نقطتا الدخول إلى غزة لشاحنات المساعدات الإنسانية والسلع التجارية. يتم أولاً تفريغ البضائع القادمة من مصر وتفتيشها عند نقاط التفتيش الإسرائيلية، قبل إعادتها إلى المعبرين، مما يؤدي إلى طوابير طويلة وتأخير.
وقد اتهم سبعة تجار فلسطينيين، اتصل بهم مشروع OCCRP، بشرط عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام، شركة الخدمات اللوجستية المصرية "أبناء سيناء”، التي تتمتع باحتكار فعلي لدخول البضائع عبر معبر رفح، بالمساهمة في ارتفاع التكاليف.
وقال إياد البزم، وهو مستورد للحوم، إن الشركة المصرية كانت تتقاضى ما لا يقل عن 5 آلاف دولار لكل شاحنة قبل الحرب. ويقول: "لقد تضاعفت الأسعار الآن أربع مرات”. وقال رجل أعمال آخر: "دون المرور عبرهم (أبناء سيناء)، لا يمكنك إدخال أي شيء. لقد استغلونا قبل الحرب بفضل احتكارهم، ويستمرون في القيام بذلك”.
وأوضحت "لوموند” أن الشركة المصرية رفعت أسعارها سبعة أضعاف منذ أكتوبر 2023. كما أنها تطبق ضريبة قدرها 75 دولارا لكل شاحنة يوميا للانتظار على الحدود لإجراء الفحوصات الأمنية. فيتعين عليك دفع رشوة تصل إلى 20 ألف دولار لتتمكن من قطع الخط، كما يؤكد مسؤول في الحكومة بغزة. ولم ترد شركة أبناء سيناء، التي اتصلت بها منظمة OCCRP، على أسئلتها.
وينفي المستوردون المعتمدون، والذين أجرى مشروع OCCRP مقابلات مع ثلاثة منهم، استغلال الوضع، ويتهمون السلطات التي تقودها حماس بالاستيلاء على منتجاتهم وخفض الأسعار، مع السماح للسوق السوداء بالازدهار. ويقولون: "وزارة الاقتصاد تقوم بإدخال البضائع إلى نقاط البيع حيث تباع بأسعار باهظة ولا أحد يحترم الأسعار التي حددتها الوزارة”.