أثبت الجيش العربي الأردني دون غيره، بأن تجميد العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء مع الكيان الصهيوني لا يمنعه عندما تتوفر الإرادة السياسية العليا من إيصال المساعدات لأهالي قطاع غزة، وذلك بعد النبأ السار الذي رحبت به جميع القوى المحلية علنا بعنوان هبوط مظلي لمساعدات أردنية أرسلت لتعزيز المستشفى الميداني العسكري في القطاع.
ما تقوله ضمنا تلك العملية الناجحة بعد خمسة أسابيع من إخفاق المجتمع الدولي بإيصال المساعدات وخصوصا الطبية وجود هامش للتحرك والمناورة والمبادرة، لا بل فرض معادلة على الصهاينة بالرغم من إعلان عدم الرغبة في عودة سفير "تل أبيب" وسحب السفير الأردني.
هنا يتحدث الخبراء عن إبلاغ وتحد ملحوظ للاحتلال وكسر لحصارهم في الجزء البسيط المتعلق بالمستشفى الميداني العسكري الأردني.
وتلك العملية رغم حجمها المرتبط بالمستشفى الأردني إلا أنها كانت خطوة تحسب للجيش الأردني الباسل.
"نحن الأقرب إلى الشعب الفلسطيني”.. عبارة قد تعني الكثير سياسيا عندما تصدر عن جلالة الملك عبد الله الثاني شخصيا في تغريدة خاصة فجر الاثنين أعلن فيها النبأ السار المتعلق بهبوط مظلي لمساعدات المستشفى، الأمر الذي ينطوي على شيفرة سياسية بالتأكيد تحتاج لتمعن وتفكيك.
والأهم قد يكون في المسافة الأبعد بعد الآن التأسيس لانطباع يقول بأن الجيش المصري والجيش الأردني يستطيعان إن توفرت الإرادة السياسية في مصر لتعاون لكسر الحصار المفروض على أهالي قطاع غزة.
ثمة سابقة عسكرية اليوم بصرف النظر عن طبيعتها وبما يدلل أن العملية الأردنية كانت محفوفة بالمخاطر والهواجس خاصة وأن جلالة الملك شخصيا تابعها حتى الفجر وأن وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة مهند المبيضين وجه صباح الاثنين تحذيرا نادرا للصهاينة عنوانه عزل المستشفى الميداني الأردني عن سياق حملة القصف على المستشفيات محذرا من أن الحكومة الأردنية تحمل الجانب "الإسرائيلي" مسؤولية أي مساس بمحيط مقر المستشفى الأردني.
الوزير مبيضين تحدث عن إيصال المساعدات والمستلزمات الطبية مع أن المستشفى موجود في منطقة صراع محتدم عسكريا.
وبصرف النظر عن وصول تلك المساعدات للطاقم العسكري الأردني بالصوت والصورة يمكن القول بأن النتائج تؤسس لسابقة دلالتها الأعمق أن الجيشين المصري والأردني لديهما القدرة على تحقيق اختراقات وأن الأردن مستعد عسكريا لمجازفة محسوبة من هذا الصنف تحت عنوان ملكي يقول "نحن الأقرب لفلسطين وأهلها”.
بكل حال أعلن الملك شخصيا عن تلك العملية.
وقال حرفيا بأن نشامى سلاح الجو الأردني تمكنوا من إيصال المساعدات لذلك المستشفى، الأمر الذي يعني بكل حال أن عملية عسكرية بالغة التعقيد وفقا لوصف الوزير المبيضين هي التي دفعت باتجاه تلك السابقة وبعد أقل من 24 ساعة على قطع الاتصالات عن قطاع غزة بكل أصنافها وعلى إعلان جيش العدو حملة على المستشفيات.
تلك عملية على بساطتها وغموضها واحتمالية وإمكانية تكرارها تعني بأن الأردن سيكون جادا في تحذير "إسرائيل" من المساس بمستشفاه العسكري، وبأن ذلك المستشفى تحديدا سيواصل عمله بقرار مرجعي أردني لا بل ستزيد إمكاناته فيما يتعلق بالإصابات الحرجة والأمراض المزمنة حصرا مما قد يحوله إلى جزء مما يصفه الأمريكيون بالممر الإنساني الطبي الآن.