تعد الزلازل من أكثر الظواهر الطبيعية رهبة وتأثيرًا على حياة الإنسان، حيث تمثل تلك الهزات الأرضية تحديًا كبيرًا للمناطق الجغرافية المعرضة لها، وقد شهدت الأردن عبر تاريخها العديد من الزلازل التي تركت بصمات عميقة في تاريخها وذاكرتها الوطنية.
وفي هذا المقال، نلقي نظرة على أشهر الزلازل التي ضربت الأردن عبر الزمن، وسنتناول تأثيراتها واستجابة السلطات والمجتمع المحلي لمثل تلك الكوارث الطبيعية. لكن في البداية دعنا نتعرف على موقع الأردن الجغرافي وعلاقته بحدوث الزلازل فيها.
موقع الأردن الجغرافي وعلاقته بحدوث الزلازل الأردن، بموقعها الجغرافي في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط وبالقرب من الحدود مع الأراضي الفلسطينية والعراق والسعودية، تعتبر منطقة معرضة للزلازل نتيجة لوجودها في منطقة تصادم للصفائح القارية. وهذا يجعلها عرضة لحدوث هزات أرضية مدمرة، وأيضا من الجدير بالذكر أن الأردن جغرافياً توجد ضمن فالق البحر الميت (حفرة الانهدام) وهو فالق قاري تحويلي يشكل سلسلة طويلة من المنخفضات الجيومورفولوجية (منخفضات تضاريسية) يُقدر طولها بحوالي ألف إلى 1100 كيلومتر، وتمتد من هضبة الأناضول الجنوبية الشرقية شمالا إلى شمال البحر الأحمر جنوبا. وعادة ما ترتبط زلازل الأردن، وصدع البحر الميت بشكل كبير وهو أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في حدوث الزلازل في هذه المنطقة.
أبرز الزلازل التي ضربت الأردن
زلزال الجليل عام 363 زلزال مدمر طال مناطق واسعة امتدت من منطقة الجليل في الشمال حتى خليج العقبة في الجنوب، وكان مركزه صدع البحر الميت، وأحدث هذا الزلزال دمارًا هائلًا تسبب في تدمير معظم مدينة البتراء الأثرية في الأردن، بالإضافة إلى تكبيد عدد من المدن الأخرى خسائر كبيرة، منها مدينتا جرش وأم قيس في شمال الأردن، وعدة مدن فلسطينية.
زلزال غور الأردن عام 749 شهدت منطقة غور الأردن زلزالًا مدمرًا، حيث دمر تمامًا مدن طبريا وبيسان وأريحا وبيلّا "طبقة فحل"، إلى جانب مدن أخرى مثل جرش وعمان.
زلزال وادي الأردن المتصدع عام 1033 ارتبطت هذه الكارثة بصدع البحر الميت، الذي بدوره أحدث سلسلة من الزلازل في السنوات الألفين الماضية، تسببت في دمار شامل على طول مساره. قضت هذه الكارثة على مدن كبيرة في فلسطين التاريخية مثل نابلس وأريحا والخليل، بالإضافة إلى مدن طبريا وعسقلان وعكا. شهدت البلدة القديمة في القدس تضررًا لجدرانها وكنائسها، بينما تعرض مسجدٌ في غزة للدمار. وأضرارٌ كبيرة طالت أيضًا قصر هشام، الموقع الإسلامي البارز في مدينة أريحا، ولم يتوقف الدمار عند هذه الحدود، بل تم تسجيل أضرار في مناطق مختلفة من سوريا ومصر.
وبناءً على السجلات التاريخية، يمكن القول إن الدمار الذي حدث جاء على نمط مشابه لزلزال سابق في الجليل في عام 749، الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الأرواح.
زلزال صفد عام 1837 ضرب زلزال مدينة صفد في فلسطين، وكان يتراوح تقدير قوته بين 6.5 إلى 7.3 درجات على مقياس ريختر. شعر الأردنيون بهذا الزلزال بشدة، وكان من الزلازل القوية للغاية، إذ أسفر عن وفاة ما يقدر بين 6000 إلى 7000 شخص، وتسبب هذا الزلزال في تدمير كامل لأسوار مدينة طبريا وعدد كبير من أحيائها. واستغرقت الأمور وقتًا طويلاً لتعود إلى نصابها مجددا.
يُعتبر هذا الزلزال من أقوى الزلازل التي ضربت منطقة الأردن وفلسطين وفقًا للمعلومات المتاحة من الشهود الذين عاشوا في تلك الفترة. تم تدوين بعض المعلومات حوله بناءً على شهادات الأشخاص الذين عاشوا تلك التجربة المروعة، ونقلوا تفاصيلها من جيل إلى آخر. مركز هذا الزلزال كان شرقيًا لمدينة صفد، وألحق أضرارًا بالعديد من المدن بما في ذلك الجليل، وبيسان، ونابلس حيث تم تدمير أحياء بالكامل وتضرر أحياء أخرى إلى حد بعيد.
زلزال أريحا عام 1927 كان كبار السن في شرق الأردن وفلسطين حتى عقود متأخرة من القرن الماضي يروون قصص هذا الزلزال الكبير بكل تفاصيله، وكان له تأثير كبير على تاريخ المنطقة؛ حيث إنه أحد أبرز الزلازل التي شهدتها تاريخ الزلازل في الأردن هو زلزال أريحا، والذي وقع قرب جسر داميا في وادي الأردن وبالقرب من مدينة أريحا، وكان يبعد حوالي 25 كيلومترًا شرق مدينة نابلس، والتي تعتبر من إحدى المدن الأكثر تأثرًا بشدة هذا الزلزال، وتلاها مدينة السلط في شرق الأردن، وكانت آثار هذا الزلزال واضحة حتى لسكان القاهرة وسوريا ولبنان، إلى درجة أنهم اعتقدوا أن مركز الزلزال كان في بحر إيجة في الأناضول.
بلغت شدة الزلزال حوالي 6.3 درجات على مقياس ريختر، واستمر لمدة تقارب الـ 90 ثانية. وعلى الرغم من أنه كان من الزلازل متوسطة الشدة، إلا أنه خلف العديد من الضحايا والخسائر.
زلزال خليج العقبة 1995 في سلسلة أحداث تاريخ الزلازل في الأردن، يأتي الزلزال الذي ضرب خليج العقبة في المرتبة الثالثة. حيث كان هذا الزلزال ذا شدة نسبية تصل إلى 7.3 درجات على مقياس ريختر، وكان يُعتَبَر من الزلازل القوية نسبيًا.
تداول الشهود الذين شهدوا الحادث تكوّن تسونامي صغيراً في المنطقة على إثر الزلزال، وكان مركز الزلزال بالقرب من مدينة نويبع المصرية في مياه البحر الأحمر، جنوب مدينة العقبة، وتسبب هذا الزلزال بأضرار في مدينة العقبة ومناطق مجاورة، وتأثرت إيلات أيضًا حيث تم تسجيل أضرار في حوالي 50 مبنى، وتسبب الزلزال في حصيلة من الوفيات في عدة دول عربية.
يتميز زلزال العقبة بأنه وقع على عمق حوالي 18 كيلومترًا في خليج العقبة، واستمر لمدة دقيقة تقريبا شعر به سكان سوريا ولبنان على بعد مسافة تزيد عن 600 كيلومتر من مركز الزلزال وتبع هذا الزلزال العديد من الهزات الارتدادية التي تجاوزت بعضها شدة خمس درجات على مقياس ريختر.
من بين المناطق التي تضررت إلى حد بعيد نسبيًا نجد مدينة نويبع المصرية التي شهدت تدميرًا كاملاً لعدد كبير من المنازل الحديثة، وظهور صدع كبير على الطريق الساحلي شمالًا. وتضررت البنية التحتية في مدينة العقبة أيضًا بشكل ظاهر، خاصة في الشوارع والأرصفة الرئيسية التي تعرضت للتصدع، بالإضافة إلى الأضرار التي ألحقها بالمباني القديمة.
زلزال البحر الميت 2004 زلازل البحر الميت عام 2004 كان من سلسلة الزلازل التي وقعت في صدع البحر الميت، وتألفت من خمس هزات متتالية حيث تم تسجيل شدة إحدى هذه الهزات عند 5.2 درجة على مقياس ريختر، وبلغت القوة الإجمالية لهذه السلسلة حوالي 8.3 درجة. لم تسفر هذه الزلازل عن وقوع أضرار مادية أو بشرية واضحة تأثر بها سكان الأردن ومنطقة بلاد الشام فقط، وتعتبر هذه السلسلة كانت آخر زلازل سجلت في منطقة البحر الميت.
زلزال العقبة عام 2015 في عام 2015، شهدت منطقة خليج العقبة هزة أرضية بقوة تصل إلى 4.5 درجة على مقياس ريختر، وقعت تحديدًا في تمام الساعة السادسة و34 دقيقة بتوقيت الأردن. كان مركز هذه الهزة جنوبًا على بعد حوالي 57 كيلومترًا من مدينة العقبة، وتم رصد عمقها عند حوالي 10 كيلومترات تحت سطح الأرض. ومن حسن الحظ لم يتم الإبلاغ عن وقوع أي خسائر في الأرواح أو الممتلكات في مناطق العقبة ومناطق شمالها نتيجة لهذه الهزة.
تلك كانت بعضاً من أشهر الزلازل التي ضربت الأردن عبر التاريخ، وإن وقوعها يذكرنا بأهمية تعزيز الاستعداد وتطوير البنية التحتية المقاومة للزلازل في مثل هذه المناطق النشطة زلزاليًا، وإن توعية السكان بكيفية التصرف والاستجابة في حالة وقوع زلزال تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في الحفاظ على سلامتهم وأمانهم.
ومن الجدير بالذكر أن الأردن قد اتخذت إجراءات هامة لتعزيز الاستعداد والتصدي للزلازل، بما في ذلك تطوير القوانين واللوائح البنائية لضمان أن المباني تلتزم بالمعايير الزلزالية. كما تم تنظيم تدريبات وحملات توعية للسكان حول كيفية التصرف في حالة وقوع زلزال.