جراءة نيوز-عمان-ياسر المعادات:
ما تغير في هذه الانتخابات هو محاولة ترقيع من خلال انتهاج نظام القوائم الوطنية التي تتيح للمواطن اختيار من يمثله عبر مساحة الوطن كاملا ،و قد يكون هذا التغيير في ظاهره ايجابيا لإنتاج نواب وطن يمتلكون القدرات السياسية اللازمة لتمثيل الشعب و الوقوف في وجه حكومات الفساد المتعاقبة و لكن باطنه هو الطامة الكبرى حيث لا يكفي 27 مقعدا لإيجاد قوة ضاغطة في مجلس يأتي جله عبر قانون الصوت الواحد الداعم للنزعة العشائرية و الخدمية .
الأدهى و الأمر في هذه القوائم الوطنية هو توزعها اليوم بين ثلاث جبهات لا حلو بينها بل كلها مر لا يستسيغه وطن الأولى قائمة المال السياسي و هي قائمة تظهر عددا من القيادات التقليدية أو حتى الناشئة التي تدعم علنا أو في الخفاء من بعض رجال المال و الفساد و غسيل الأموال و تتمتع هذه القائمة بدعم من بعض أجهزة الدولة إضافة إلى علاقتها الوطيدة بالنظام حيث يمكن اعتبارها شريكا استراتيجيا في مشروع الإيهام الإصلاحي القادم .
أما الثانية فهي قائمة للعهر السياسي و هي متكونة في جلها من عدد من الأوراق المحروقة سياسيا بالنسبة للنظام و لكنها تأمل أملا أخيرا في استمرار دعمه لها رغم الروائح النتنة التي تلتصق بها و لا يمكن استبعاد نجاح بعض رموزها من قوى الفساد التقليدي لوجود قواعد داعمة لها من متنفعين و مرتزقة اعتادوا على الوجوه الموجودة في هذه القائمة مما يجعلهم يحرصون على استمرار هذه الوجوه خوفا على مصدر ارتزاقهم في حال تغيرت الوجوه و أتت بمرتزقتها الخاصة بها
وبالنسبة للقائمة الثالثة فتتمثل بقائمة الغباء السياسي و التي رضيت بما رماه لها النظام من فتات و قدمت له التنازلات من أجل الحصول على بعض مقاعد المجلس في مقابل التخلي عن المبادىء التي لطالما تغنى بها رموزها و تضم بعض من هذه القوائم عددا من ناشطي الحراك الشعبي الذين شكل انضمامهم للمسرحية مفاجئة كبرى نظرا لمواقفهم الرافضة سابقا للانتخابات و إعلانهم في أكثر من مناسبة مقاطعتهم لها مثلما أعلن الحراك الشعبي عن ذلك مرارا و تكرارا مطالبا بحوار جاد مع كافة فئات المجتمع من أجل إيجاد نظام انتخابي عادل يعيد للشعب سلطته المغتصبة قرابة قرن من الزمان و بعد كل هذا الكلام يبادر عدد لا بأس به من الناشطين من إعلان انضمامهم إلى قوائم انتخابية
و لكن ليس بزعامتهم إنما بزعامة بعض وجوه المعارضة الكرتونية السابقة و البعيدة عن ساحة الحراك و هو أمر يثير الكثير من الشك و الريبة في النفس من خلال ظهور هذه القوائم بزعامة هكذا أشخاص لا مكانة وطنية محترمة لهم على الساحة للتغرير بشباب الحراك الوطني و محاولة تشتيته و إضعافه و تقديمه بالتالي للتنازلات و الارتضاء بما يرميه النظام له من إصلاحات لا تلبي أي طموح و هو شيء على شباب الحراك أن يدركه جيدا خوفا من الوقوع في المحظور الذي لا يحمد عقباه .
عموما فإن وعي الشعب الأردني و التفافه حول مطالب اصلاحية تعيد له سلطاته و يتم من خلالها استعادة مقدرات الوطن المنهوبة و محاسبة كل فاسد امتدت يداه على قوت هذا الوطن الغالي و هذا الشعب العظيم كل هذا و أكثر هو ما سيوقف هذه المسرحية الهزلية و يفشل كل مخططات اللعب بمصير الوطن من خلال المقاطعة الحاسمة لهذه الانتخابات و تعريتها أمام العالم أجمع .