أيدت محكمة التمييز في دبي بالإمارات، حكماً قضت به محكمتا الجنايات والاستئناف بإدانة مدير في إحدى المؤسسات الخاصة، استغل وظيفته في التحرش بموظفتين تعملان تحت إدارته بعد طلاق إحداهما ووفاة زوج الأخرى، وحُكم عليه بالحبس ستة أشهر والإبعاد في دعوى أقامتها المجني عليها الأولى، والغرامة في دعوى أقامتها المجني عليها الثانية.
وتضمنت أوراق الدعوى الثانية من واقع تحقيقات النيابة العامة وحسبما استقر في يقين المحكمة وصفاً مباشراً لسلوك المتهم، إذ قالت «ثبت من واقعة الضبط أن الشهوات طمحت به، وعصف به جنون الرغبة، واستبد به شيطانه حتى انفلت عقاله، فاستغل سلطته على المجني عليها الثانية كونه مديراً لها في العمل وأمعن في مضايقتها بتكرار أفعال وأقوال وإشارات من شأنها خدش حيائها وحملها على الاستجابة لرغباته».
وبحسب تفاصيل الدعويين، فإن المتهم استهدف في الواقعة الأولى موظفة تعمل تحت إدارته، واستدرجها إلى غرفة خالية، بدعوى أنه يريدها في أمر ملح، ثم تحرش بها بدنياً، فحاولت الصراخ وهددته بإبلاغ المديرة التي ترؤسهما في العمل والشرطة، فسبها وهددها بالفصل من العمل إذا تحدثت عن الواقعة.
وقضت محكمة أول درجة بإدانته وأيدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي فطعن عليه المتهم أمام محكمة التمييز، دافعاً بانتفاء ركن الإكراه والتهديد والقصد الجنائي وأركان جريمتي السب والتهديد، مشيراً إلى أن ما حدث كان برضا المجني عليها، وأن أقوالها شابها عدم المعقولية، خصوصاً أنها تراخت في الإبلاغ ومارست عملها بشكل طبيعي بعد ذلك، والحكم الابتدائي المؤيد من قبل محكمة الاستئناف بُني على الظن بما يستوجب نقضه.
من جهتها، نظرت محكمة التمييز الطعن، وأكدت أن الحكم الابتدائي أبان تفصيلاً الواقعة، وأن ما ينعاه الطاعن ليس في محله، مشيرة إلى أن تراخي المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع من مساءلة الطاعن عما نسب إليه، ما دامت المحكمة رأت صحة ارتكابه للجريمة.
فيما أفادت المجني عليها الأخرى في دعوى مستقلة، بأنها كانت تعمل تحت إدارته في المؤسسة التي التحقت بها لمدة 10 سنوات، حتى توفي زوجها، ثم بدأ المتهم يلاحقها بالاتصالات من دون داعٍ في أمور ليس لها علاقة بالعمل، ويصدر تلميحات متعلقة بشعورها بالوحدة، ثم تطوّر الأمر إلى مضايقتها بأقوال فجة، وقرّرت الإبلاغ ضده بعد أن علمت بما فعله مع زميلتها.
وبعد النظر في الدعوى أدانته محكمة أول درجة وقضت بتغريمه مبلغ 10 آلاف درهم، فطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف، التي رفضت طعنه وأيدت الحكم.
إلى ذلك، طعن المتهم أمام محكمة التمييز دافعاً بأن الحكم المطعون عليه شابه القصور في التسبيب، لعدم توافر أركان جريمة التحرش في ظل خلو الأوراق من دليل فني أو شهود يؤكدون حدوثها، وأن أقوال المجني عليها جاءت مرسلة وبلاغها كيدي بهدف مساعدة المجني عليها الأولى في دعواها، فضلاً عن تراخيها في الإبلاغ لمدة تجاوزت ثلاث سنوات.
وبعد النظر في الطعن أكدت محكمة التمييز أن الحكم الابتدائي أحاط بالواقعة بما تتوافر به من كل العناصر القانونية، وأورد على ثبوتها في حق المتهم أدلة سائغة، مشيرة إلى أن الركن المادي لجريمة التحرش بقانون العقوبات، هو إتيان الجاني أي فعل مادي من شأنه الإمعان في مضايقة المجني عليه، بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تخدش الحياء، وهو ثابت بحق المتهم.