لم يكن منزل بائع الكعك أشرف القيسي بأغلى على قلبه من جيرانه الشهداء في رفح، الذين عجزت طواقم الدفاع المدني عن انتشالهم بسبب التصاق المنزل الذي هدم فوق رؤوسهم ببيته، فآثر هدم منزله، للتمكن من انتشال الشهداء".
وأعلنت وزارة الصحة ارتقاء 31 مواطنًا بينهم القياديان الكبيران في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري، وخالد منصور، وإصابة 256 آخرين، منذ عصر الجمعة، في غارات الاحتلال مكثفة متواصلة على القطاع.
لا مفر من الهدم: "فديت بيتي حتى ينقذوا أرواحهم"، هكذا اختصر القيسي موقف التعاضد والفداء، الذي كان منه، تجاه أهالي شهداء المجزرة، بحسب ما نقلتهوسائل اعلام فلسطينية.
وارتكبت طائرات الاحتلال الاسرائيلي مجزرة في حي الشعوث في رفح غزة الليلة الماضية، استشهد فيها 8 مواطنين وجرح ما يزيد عن40 آخرين.
وبقيت جثامين الشهداء وعدد من المصابين تحت الأنقاض طوال ساعات الليل بسبب حجم الدمار الواسع وانهيار المباني عليهم، ما تسبب بعجز طواقم الإنقاذ عن انتشالهم.
وأكدت مديرية الدفاع المدني في غزة اليوم، أن الاحتلال الإسرائيلي دمر عدة مبان فوق رؤوس ساكنيها في القطاع، دون الاعتبار لوجود مدنيين وأطفال ونساء.
وبسبب ضيق الحي والتصاق المنازل ببعضها، لم تتمكن الطواقم من إدخال الآليات إلى مكان الاستهداف، لإزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا.
ويقول القيسي الذي يعيش ظروفًا مادية صعبة: "حاول الشبان وطواقم الإنقاذ إزالة الأنقاض بأيديهم لكن عجزوا لأن الدمار كان كبيرًا واحتاج لجرافات كبيرة لإزالة الركام".
ويضيف: "بيتي كان أحد المنازل التي تقف عائق أمام دخول الجرافات، فطلبوا مني أن أسمح لهم بهدمه، ولم أترد بذلك".
وبالطبع لم يضغط على القيسي أحد، لكن تضامنه وقلوب ذوي الشهداء المفجوعة عليهم، جعلته يقرر بالسماح بهدم بيته، لتتمكن الآليات من الوصول للمكان، وهو ما تم بالفعل.
ويقول: "بيتي ليس أغلى من الأرواح، كما أن المنطقة كلها دُمّرت بالكامل، فليس لدينا ما نخسره في هذا الموقف".
ويتابع: "لو لم يزيلوا البيت لما أخرجوا الجثامين".
وبعد أن قدم القيسي منزله من أجل وصول آليات الإنقاذ لجيرانه، قررت دائرة المؤسسات الخيرية في حركة حماس تقديم بدل إيجار لمدة عام له، وذلك تضامنًا معه، إلى حين إعادة إعمار بيته.
ونفذت طواقم الدفاع المدني 71 مهمة منذ بدء العدوان عصر الجمعة الماضي، شملت مهام إطفاء وإنقاذ وإسعاف، وتركزت معظم الأحداث في محافظات غزة، وشمال غزة، ورفح، كان أصعبها في حي الشعوت برفح مساء أمس، الذي شهد جريمة إسرائيلية بشعة، دون اعتبار لوجود أبرياء من الأطفال والنساء والمسنين.