هل يوجد جن في رمضان وهل جميع الشياطين تصفد في رمضان هو أحد الأسئلة التي لا بدّ من الإجابة عنها، ولكن ما الفرق بين الجنّ والشياطين، وقد قال اللغويون في ذلك أنّ الجنّ جنسٌ والشيطان هو الشرّير من الجن، وكذلك هو الشرير من الإنس؛ والدليل هو أنّهم يقولون لعن الله الشيطان ولا يقولون لعن الله الجني؛ فالجن فيهم الصالح وفيهم الشرير كما أنّ الإنس فيهم الصالح وفيهم الطالح.
هل يوجد جن في رمضان
في بيان هل يوجد جن في رمضان، فالإجابة هي نعم يوجد جنّ في رمضان، ولا فرق بين شهر رمضان وغيره في رؤية الجن متشكلًا كالإنس، وقد ثبت في السنّة النبويّة أنّه جاء متشكلاً على صورة إنسي في شهر رمضان، فلدى الجنّ القدرة على أن تتشكل بصور الإنس وتظهر بتلك الهيئة في شهر رمضان المبارك، والتصفيد في رمضان يكون فقط لمردة الشياطين، وليس لعمومهم أيضًا، والجنّ عمومًا لا يظهرون لأحدٍ سوى الأنبياء على صورتهم الحقيقية، والله أعلم.[1]
قدرة الجن على التشكل كالإنس
قال الغالب من أهل العلم أنّه لا يُمكن لأحد من الإنس -عدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والأنبياء والرسل عليهم السّلام- رؤية الجنّ على خلقتهم الأصليّة وهي غير معروفة أصلّا، فالقول على أنّها غير بأنّ هيئتهم على صورة معينة لا يسلم قائله، ودليل من قال عدم إمكانية رؤيتهم على صورتهم الحقيقية قول الله تعالى: ” إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ”[2]، وقد قال الإمام الشافعيّ رحمه الله تعالى: "من زعم من أهل العدالة أنه يَرى الجن أبطلتُ شهادته؛ لأن الله عز وجل يقول ” إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ” إلا أن يكون نبيًّا”، وقال ابن حزم رحمه الله: "وأن الجن حق، وهم خلْق من خلق الله عز وجل، فيهم الكافر والمؤمن، يروننا ولا نراهم”، ولا ينافي هذا ما ثبت من رؤيتهم على صورة إنسي أو بهيمة، فالقدرة على الرؤية إنما هي منفية عن رؤية صورتهم الحقيقية.[1]
هل جميع الشياطين تصفد في رمضان
يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إنّ الشياطين إذا جاء شهر رمضان المبارك تُصفّد، ودليل ذلك ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ”،[3] فيذهب ذهن كثير من الناس إلى أنّ الشياطين تُكبّل بالأغلال فلا يبقى منهم واحد يغوي أبناء آدم، ولكنّ أهل العلم لهم في ذلك كلام مخالف لمفهوم الناس، فالذي أعطي جوامع الكلم -صلّى الله عليه وسلّم- قد لا يفهم كلامه العوام فيؤوّلونه كما شاؤوا، ولكنّ القول الفصل في مسائل الدين الحنيف هي لأهل العلم من المسلمين، فمثلًا الإمام ابن تيمية يرى أنّ الشياطين تتمكّن من الإنسان من خلال إغوائه باتّباع الشهوات، فإذا ابتعد الإنسان عن الشهوات بسبب صيامه وانشغاله بالعبادة فإنّ الشياطين يصبح حالها كالمُكبّلة بالأصفاد، وهي لا تقدر على إغواء المسلمين، وقيل كذلك إنّ التّصفيد المقصود هو إضعاف كيدهم وشرورهم فلا يستطيعون التأثير في المسلمين، وقد يُرى بعض الناس في رمضان وهم على أفسق ما يكونون فهذا دليل على أنّ الشياطين لا تُصفّد بالكليّة ولكنّ شرّها يكون ضعيفًا فلا تستولي على المشغولين بالعبادة، وأمّا الذين جعلوا رمضان موسمًا للفسوق واتباع الشهوة والانحراف فهؤلاء أحرى بالشياطين أن تتحصّل منهم في رمضان على ما لا تتحصّل عليه طوال عام أو أكثر، والله أعلم.[4]
وهكذا نكون قد أجبنا على السؤال هل يوجد جن في رمضان، ثم تعرفنا قدرة تشكّل الجنّ بهيئات الإنس وظهورهم في رمضان المبارك، وأخيرًا عرفنا كيفية تصفيد الشياطين في شهر رمضان المبارك.