"زواج التجربة"، مصطلح بات محل نقاش وجدل في مصر، بعد أن تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة كتبها محام بين زوجين، هدف من خلالها إلى حل خلاف أسري بينهما.
لكن الأمر تطور، ليصل إلى حد إصدار بيان من مركز الأزهر العالمي للفتوى، اعتبر أن ما ورد في الوثيقة "فاسد لا عبرة به"، وهو ما انتقده المحامي، أحمد مهران، كاتب الوثيقة المثيرة للجدل، مبينا أن من هاجموها لم يعرفوا أصل الحكاية.
أصل الحكاية
بعد ثلاث سنوات من زواج جمال وجميله، وهي أسماء مستعارة، لجأت الزوجة للمحامي، أحمد مهران، المتخصص في شؤون القضايا الأسرية، لرفع دعوى طلب الطلاق والحصول على حقوقها.
طلب مهران من الزوجة هاتف زوجها للتفاوض معه، بشكل ودي، وتوفير ما ستنفقه على المحاكم، بحسب مهران.
يقول مهران "تحدثت بالفعل مع الزوج، وطلبت منه الحضور إلى مكتبي، في حضور الزوجة، وقمت بعمل مواجهة بينهما حيث سألتهما عن سبب المشاكل بينهما التي أدت إلى طلب الطلاق، وعن مطالب كل طرف حتى تستمر الحياة بينهما خاصة أن هناك أطفال".
وجد مهران أن لكل طرف من الزوجين مطالب من الطرف الآخر، الذي لم يعترض عليها، فاقترح كتابة هذه المطالب في عقد كتب في عنوانه "عقد اتفاق على مشاركة الزواج- زواج التجربة".
وقال مهران "كانت هذه حيلة للتراضي بينهما، وفهمتهم إن هذا عقد ملزم ومحدش يزعل التاني ويروحوا".
بعد انتشار صورة للعقد على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب البعض بكتابة شروط كل طرف قبل الزواج، ما جعل حيلة مهران تثير الكثير من الجدل.
ضمنت الزوجة في العقد 11 مطلبا، فيما حدد الزوج تسعة شروط، على أن يحق للزوجة طلب الطلاق أو الخلع من القاضي من دون انتظار المدة المتفق عليها في العقد والمحددة بثلاث سنوات.
تحديد مدة العقد، جعل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، يفتي ببطلان العقد واصفا الفكرة بأنها "عبث واستهزاء بالدين".
وقال في تصريحات أن "هذا العقد باطل، لأن الشرع لا يجيز تحديد مدة للزواج.. هذا ليس بعقد زواج، ولن يعتمد لأنه منافي للشريعة".
وسخر كريمة من الفكرة "هل هناك زواج يتم فيه تجربة الرجل للمرأة؟ أو تجربة المرأة للرجل؟ كأن أي منهما جهاز تكييف اشتراه الطرف الآخر.. بالمرة يشتري شهادة ضمان!".
وأصدر الأزهر، الأحد، بيانا، اعتبر فيه أن "اشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر فيما يسمى بزواج التجربة، اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مدة معينة يجعل العقد باطلا ومحرما"، مشيرا إلى أن "الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به".
المحامي مهران يوضح
من جهته قال مهران "كل من أطلق تصريحا خاصا بالموضوع وقال إنه محدد المدة، لم يبحث ولم يطلع ولم ير، وحكم على الأشياء بالسمع، وفسر فكرة التجربة بأننا سنجرب بعض سنتين إلى ثلاث سنوات وسنتطلق، وبناء عليه أصدروا أحكامهم وفتاواهم".
وأضاف منتقدا المعترضين على فكرته بأن أيا منهم "لم يكلف نفسه بالبحث لمدة دقيقة واحده، ولو حدث، فإنهم سيجدون البند التمهيدي في العقد، وعلموا بأنه زواج شرعي رسمي على سنة الله ورسوله، وأن هذا مجرد عقد مدني ملحق بوثيقة الزواج، وليس له علاقة بالزواج، فقط يكمل الشروط بين الزوجين التي اتفقوا عليها حتى يحافظوا على البيت ولا يختلفا ويتطلقا".
والبند الأول في العقد المنشور كتب فيه المحامي مهران أن الطرفين "اتفقا على أن تكون بنود العقد مشاركة الزواج سليمة ومطابقة لأحكام الشريعة الإسرمية، بحيث لا تحرم حلالا ولا تحل حراما، وأن الغرض من وضع هذه الشروط التغلب على الخلافات والمشكلات الزوجية لدى حيثي الزواج، وبهدف استمرار الزواج والمحافظة على كيان الأسرة وعدم اللجوء للطلاق قبل استكمال مدة العقد".
الشروط الموضوعة بين الزوجين
وتتيح وثيقة الزواج الرسمية في مصر وضع شروط من قبل الطرفين، وتركت مساحة لذلك في عقد الزواج الشرعي، "معنى ذلك أننا متفقون على أن وضع شروط بين الزوجين أمر جائز، لكن خانة الشروط في العقد ثلاثة سطور فقط، وهم أرادوا أن يستكملوا ما نقص من الشروط في ورقة أخرى ملحقة، بحيث يضع كل منهما شروطه، ما الأزمة في ذلك"، مشيرا إلى أن "هذه الورقة لم تؤثر على شرعية الزواج"، بحسب المحامي مهران.
وفي العقد المنشور طالبت الزوجة من زوجها ألا يضربها، وأن يحسن معاملتها، وأن تكون لها ذمة مالية خاصة، والتزام الزوج بالإنفاق على الأسرة، واشتراكه في تربية الأبناء، وحقها في الاطلاع على حساباته البنكية، أو حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اشترط الزوج الحصول على الأرقام السرية الخاصة بحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن العقد.
ويقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة إن "العقد المنشور تضمن أن يلتزم الزوج بحسن معاشرة زوجته، وهذا موجود في القرآن عندما قال الله وعاشروهن بالمعروف"، كما نص على أن الزوج يلتزم بالنفقة على زوجته، وهذا معروف بدون أن يكتب أن من آثار عقد الزواج التزام الزوج بنفقة المأكل والملبس والمشرب ومسكن، ما الجديد؟".
وأضاف "الجديد أنهم يتحدثوا عن الاطلاع على الحسابات المالية، وهذا لا يصح، هذه أمور خاصة، ولا يجوز أن يطلع أي منهما على حسابات الطرف الآخر، لأن هذا تدخلا في الذمة المالية، إلا إذا أراد الطرف الآخر ذلك"، مشيرا إلى أن مثل هذا العقد يخرج الزواج من قصد المودة والتراحم الذي يقوم عليه الزواج.
لكن مهران يرى أنه "إن كان الحديث عن التراحم، فإذا لماذا سمح المشرع بوضع شروط للزواج، ثم أين التراحم، ونحن لدينا 8 ملايين مطلقة، أين التراحم ونحن نعيش في بلد فيها 32 مليون متنازع في محكمة الأسرة، و12 مليون عانس، أين كان هذا التراحم عند رفع كل هذا العدد من الدعاوى في المحاكم"، مشيرا إلى أن الهدف من مبادرته هو تخفيض حدة النسبة المرتفعة من الطلاق التي تحدث في مصر.
أرقام عن الطلاق في مصر
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، وهو مؤسسة رسمية، فإنه في عام 2019، حدثت 225 ألف حالة طلاق مقابل 201 ألف حالة في 2018، بمعدل حالة طلاق واحدة كل دقيقتين و20 ثانية، في حين كانت هناك 927 ألف حالة زواج في 2019 مقابل 870 ألف في 2018.