استنكرت أوساط واسعة جدا من فلسطينيي الداخل جريمة إحراق شجرتي عيد ميلاد في مدينة سخنين داخل أراضي 48، وهبّ مئات المتطوعين من المدينة وخارجها لبناء الشجرتين من جديد مشددين على تصميمهم إفشال محاولات إشعال فتنة طائفية.
وكان مجهولون قد أقدموا على إشعال النار بشجرة الميلاد مقابل كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في مدينة سخنين نحو الساعة الثالثة من ليلة العيد. وفي الساعة السادسة صباحا، وبعد أن غادر الحارس، تعرضت شجرة ميلاد أخرى أمام كنيسة الروم الأرثوذكس في المدينة نفسها للحرق.
واعتبر منتدى رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الديار المقدسة، أن هاتين الفعلتين تدلان على أن المنفذين قاموا بتنفيذ الجريمتين عن قصد وسابق إصرار، وبأنهم استهدفوا رمزا دينيَّا مسيحيا، ومن خلاله لم يستهدفوا فقط المسيحيين، بل السلم الأهلي في المجتمع كله.
وتابع رؤساء الكنائس الكاثوليكية في بيان مشترك: "لذلك، فإننا نناشد الأجهزة الأمنية التعامل مع هاتين الحادثتين كحادثة تخريب متعمّد، وبذل كل الجهود الممكنة للتوصل إلى الجناة وجلبهم إلى العدالة بأقرب وقت ممكن”.
وخلصوا للقول إنه "على كل حال، ورغم مما حصل في سخنين، فإننا نرسل رسالة معايدة لجميع المحتفلين بعيد الميلاد المجيد خاصة، ورأس السنة المدنية الجديدة، ولأصحاب النوايا الطيبة، ونحن نعلم أنهم الغالبية الساحقة من الناس من كل المذاهب والأديان. لكننا لن نسمح لبعض العناصر المدسوسة تعكير أجواء العيد، ولا أواصر العلاقات الطيبة فيما بين البشر بمختلف إنتماءاتهم. ولهذا، نقول أيضا إنه لا يجوز للسلطات الإسرائيلية المسؤولة، أن تتغاضى عن هذه الظاهرة، وذلك حفاظا للسلم الأهلي وللأمان بين المواطنين”.
وسارع وفد عن أئمة المساجد والحركة الإسلامية في سخنين لزيارة كنسية مار يوسف، وكنيسة مريم العذراء، والتقوا بالكاهنين الأب عارف يمين، والأب صالح الخوري وبالأهل من الطائفتين، وذلك في أعقاب إحراق شجرتي الميلاد أمام الكنيستين.
واستنكر أئمة المساجد بشدة عملية إحراق شجرتي عيد الميلاد، وأكدوا أن "من قام بهذا العمل المدان يهدف إلى زرع الفتنة في بلدنا سخنين التي تتميز بالعلاقات الطيبة بين جميع دياناتها وطوائفها، وأن هذا العمل الجبان مخالف لكل منطق ودين وحسّ وطني، وغريب عن أخلاق أهل سخنين وميراثها، وأن جميع أهالي سخنين بمختلف أديانهم وطوائفهم وعائلاتهم يستنكرون ويرفضون هذا العمل التخريبي”.
وقدّم المشايخ ووفد الحركة التهاني للإخوة المحتفلين بذكرى ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام. كما شارك وفد عن المشايخ ومجلس الشورى في اجتماع اللجنة الشعبية الذي عقد أمس الأول في بلدية سخنين، استنكارا وشجبا لعملية إحراق الشجرتين، حيث ألقى الشيخ علاء بدارنة إمام مسجد أبو بكر كلمة نيابة عن الحركة والمشايخ.
كما استنكر الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة "العمل البربري البعيد كل البعد عن عاداتنا وقيمنا الخيرة بحرق شجرتي الميلاد في سخنين”.
وقالا في بيان مشترك إن هذا العمل المدان والبربري لن يعكر أجواء ورسالة الميلاد رسالة المحبة والتآخي والوحدة والسلام وإن هذا العمل الجبان زاد من تعاضد ووحدة أهالي سخنين وزاد من اللحمة والتآخي والمحبة والسلام وفوت على العابثين بث الفتنة بين أهل البلد الواحد.
وتابعا: "سخنين بلد النضال بلد المحبة والتسامح والسلام هكذا كانت وهكذا ستبقى شوكة في حلوق العابثين بالسلم الاهلي ولن يزيدها هذا العمل الجبان إلا تعزيز وحدتهم ومحبتهم يدا واحدة في وجه العابثين، ووجه سياسة فرق تسد التي تنتهجها حكومة الفساد”.
وكان الاعتداء على الكنيستين في سخنين قد أثار موجة واسعة من الاستنكار في منتديات التواصل الاجتماعي واعتبر آلاف المتصفحين أن هذه كانت محاولة مشبوهة لإشعال نار الفتنة. وذهب بعضهم للتلميح إلى أن المعتدين ربما فعلوها بتأثير من بعض المشايخ المتشددين ومصدري الفتاوى التي تتحفظ من معايدة المسيحيين في عيد الميلاد كما حصل في غزة في الأسبوع الماضي.
في المقابل ذكّر آخرون بأن المقدسيين مسلمين ومسيحيين هبوا قبل أسبوعين وحموا كنيسة الجشمانية في القدس من محاولة حرقها نفذها مستوطن رافضين توجيه التهم أو تحميل المسؤولية بالتصريح أو التلميح للإسلام والمسلمين.
من جهته لخص رئيس لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48 محمد بركة ما حصل بالقول إن نور الميلاد أقوى من نار الفتنة وشعبنا يتمتع بمناعة مقابل فيروسات الفتنة، منوها لهبة أهالي سخنين دون استثناء للمشاركة في بناء الشجرتين والاحتفال بإنارتهما مجددا تأكيدا على لحمة الأهالي وتأخيهم ووحدتهم الوطنية.
وشاركت فعاليات أهلية وسياسية محلية داخل أراضي 48 في استنكار الاعتداءين، فيما زارت وفود عنها المدينة وشاركت في طقوس إنارة الشجرتين في مدينة سخنين التي تعتبر عاصمة سهل البطوف ورمز يوم الأرض الأول عام 1967 يوم خرج أهلها لمواجهة مصادرة الأراضي والاشتباك مع قوات الأمن الإسرائيلية.