أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون في الشارع اليوم وعبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي وسائل الإعلام، عن أسباب الإنفجار ـ الزلزال الذي ضرب بيروت وضواحيها جغرافياً ولبنان كله معنوياً.
وبصرف النظر عن الإتهامات وتحميل المسؤوليات عن الإنفجار في مرفأ بيروت، فإن الدمار الذي كشفته الشمس بالأمس في المرفأ والمناطق القريبة والبعيدة عنه على امتداد بيروت الكبرى، فإن أوساطاً نيابية بارزة، كشفت أنه من غير الممكن حسم أسباب هذا الإنفجار الهائل والكارثي، ومن غير الواقعي الإنخراط في أية سيناريوهات مسبقة بالنسبة لما حصل، لافتة إلى أن أي قرارات متسرّعة لن تكون لها أصداء إيجابية على الواقع الكارثي الذي يعيشه اللبنانيون، إذ أن المطلوب فقط التضامن مع عائلات الضحايا والمنكوبين، وترك إعلان الحقائق للجهات التي باشرت عملها ميدانياً، وأطلقت تحقيقات على أكثر من مستوى للإحاطة بكل تفاصيل ما جرى، بعيداً عن كل ما يتم تداوله من تقارير ومعلومات وتحليلات سياسية وعسكرية وأمنية محلية حول انفجار العنبر رقم 12 في المرفأ.
ودعت هذه الأوساط، إلى ترقّب ما ستحمله الأيام المقبلة على صعيد المواقف الدولية، وبشكل خاص مجلس الأمن، الذي سيدرس الفاجعة التي أصابت لبنان من بوابة المرفأ وسبل مساعدة لبنان ودعمه، خصوصاً وأن الواقع المالي والإقتصادي والإجتماعي لا يتحمّل أية تكاليف أو أثمان باهظة باتت مفروضة عليه بفعل هذه الكارثة.
وفي أي حال، تحدّثت الأوساط النيابية عن مؤشّرات دولية أبرزها أميركية، قد ظهرت غداة انفجار أول من أمس، وتتمثّل بشكل خاص بالعرض الأميركي الذي قدّمه وزير الخارجية مايك بومبيو إلى لبنان بالمساعدة، كون هذا العرض يحمل دلالات على أن الإنفجار لا يندرج في سياق العدوان الإسرائيلي، وإن كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أن مرفأ بيروت قد تعرّض للهجوم، وهذا العامل يجدر التوقف عنده، كما أضافت الأوساط النيابية البارزة، والتي دعت إلى وجوب إبعاد هذه الكارثة عن أي استثمار سياسي على الصعيد الداخلي، خصوصاً وأن المجتمع الدولي، كما الدول العربية، أعربوا عن تعاطفهم الكامل مع لبنان، وتحاشوا الدخول في أي استنتاجات، وإن كانت بعض هذه الإستنتاجات المحلية ركّزت على إمكانية حصول ضربة إسرائيلية لمرفأ بيروت.
ومن هنا، فإن الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان اليوم للتضامن مع اللبنانيين ومساعدتهم ميدانياً، وضعتها هذه الأوساط في سياق الرسالة الأوروبية الواضحة بعد الرسالة الأميركية، لأن مرحلة جديدة قد بدأت وعنوانها الدعم الكامل للبنان، بصرف النظر عن كل الأزمات والإشكاليات المالية والسياسية، ذلك أن المأساة التي ضربت بيروت وهزّت لبنان كله، قد وضعت الجميع أمام استحقاق الخشية من سقوط وانهيار لبنان بالضربة القاضية نتيجة الدمار الذي بلغت كلفته عشرات مليارات الدولارات، في الوقت الذي يفاوض فيه لبنان صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على دعم مالي محدود يسمح بإعادة إطلاق عجلة الإقتصاد فيه.
لذا، وتزامناً مع الوضع السياسي والمالي الضاغط، أتى انفجار مرفأ بيروت ليأخذ الساحة الداخلية إلى مكان جديد، على حدّ قول الأوساط النيابية نفسها، والتي أكدت أن مؤشّرات المواقف الإقليمية والدولية، تدلّ على أن الأولوية تبدّلت اليوم، وهي تتمحور حول كيفية إخراج لبنان من أزمته بعيداً عن أية اعتبارات مهما كانت طبيعتها، وذلك بعدما أصبح الهدف لدى عواصم القرار هو الحؤول دون انزلاق لبنان بأكمله إلى واقع متدهور يبدأ إجتماعياً ومالياً ويتطوّر أمنياً، خصوصاً وأن المنطقة تتّجه إلى المزيد من التصعيد والسخونة، وأن الساحة اللبنانية لن تكون في منأى عن الصراع الحاصل على المسرح الإقليمي.