تشهد المواقف السياسية القوية جدا خلال العشرين عاما الماضية، والتي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني داخليا وخارجيا بأنه قائد حكيم ليس من طبعه أن يتوارى أبداً خلف كلمات مبهمة ورسائل مشفرة، وعلى من نسي حقيقة أن الملك صاحب كلمات قوية ومباشرة أن يتذكر أن عبدالله الثاني هو أول زعيم عربي ودولي يُطلِق تحذيرا من "هلال شيعي"، فيما كان قادة كبار آخرين يحاولون تمرير نفس المصطلح لكن بكلمات مبهمة وإشارات سياسية لا تُوصِل المعنى أبداً، إذ لا يتردد سياسي أردني كبير في القول إن جولة ملكية بعد ذلك التصريح الملكي شهدت أن قادة ثلاث دول عربية احتضنوا الملك بشدة وقالوا لقد قلت ما لا نجرؤ على قوله، قبل أن يتشجع هؤلاء القادة الذين احتاجوا لجرأة عبدالله الثاني قبل توجيه اتهامات لإيران.
مصطلح "المملكة الهاشمية" الذي روّجت له حسابات افتراضية مشبوهة بوصفه رسالة ملكية تخص صفقة القرن، هو قول لا يرتقي إلى الفهم أو التحليل السياسي الرصين، لأن تصدي الملك لموضوع شرق أوسطي خطير ودقيق مثل "الهلال الشيعي" هو أخطر بمليون مرة من تمرير مصطلح "المملكة الهاشمية" لو كان الملك يريد أن يطرحه سياسيا، فكان واضحا السياق السياسي الذي تحدث فيه الملك في مدينة الزرقاء، وهو مختلف تماما عما رُوّج له من حسابات مشبوهة ومعادية للأردن، أو تلك الحسابات التي تريد للأردن أن يدور في فلكها و"تخبيصها السياسي".
تقول مصادر سياسية مقربة جدا من حلقات صناعة القرار الأعلى إن لفظة "المملكة الهاشمية" لا تعدو كونها "سهوة عفوية" من الملك الذي كان يتحدث بقلب مفتوح، فهو لا يحتاج أبداً إلى تمرير "رسائل مشفرة" أبداً، فهو الملك القوي الذي وقف له مطولا كبار القادة في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين مطولا ذات خطاب ملكي للتصفيق له وامتداح جرأته السياسية ومواقفه القوية جداً.
وقتها قال مشرعون أميركيون كبار بعد ذلك الخطاب أن الملك عبدالله الثاني "أصدق وأجرأ" زعيم شرق أوسطي، مثلما كان الملك هو أول زعيم عالمي يطلق مصطلح "خوارج العصر" على تنظيم داعش حين كانت دول إسلامية كبرى تتحاشى إطلاق أي وصف على تنظيم داعش خشية فهم هذه الأوصاف بأنها إساءة للإسلام بعد أن سمى التنظيم الإرهابي نفسه ب"الدولة الإسلامية".. حاصل القول إن لفظة "المملكة الهاشمية" ليست سوى مصطلح لم يكن في عقل الملك أبدا.. وهو غير مقصود أبداً.. وأي قول أو تحليل خارج هذا الإطار بعد التوضيحات المتكررة يصب في خانة "استهداف الأردن"، وهو استهداف لم يتوقف أبدا منذ أن نشأ الأردن.