شارك مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي لحوار الأديان والثقافات في جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس2019م، في مبادرة من المنتدى هي الأولى من نوعها، حيث تمت دعوة المؤسسات والأفراد والمتخصصين في الحوار العالمي للمشاركة في جلسات حوارية متعددة، في خطوة أكدت أهمية الدور الذي تقوم به مؤسسات الحوار بين الأديان والثقافات لمساندة صانعي السياسات في المنظمات العالمية الاقتصادية والسياسية.
وشارك معالي الأمين العام للمركز الأستاذ فيصل بن معمر في جلسات نقاش حول: (الحوار بين الأديان من أجل التعاون العالمي)، ومساهماتهم في مجال دعم السلام والتعايش ومساندة مشاريع التلاحم الاجتماعي والاقتصادي.
وخلال جلسات المنتدى؛ تم النقاش حول أهمية إعداد برامج مجتمعية تعزز التلاحم المجتمعي والتعايش في مناطق النزاعات، واستثمار القيم الدينية في مساندة الحلول السياسية والعسكرية، وأشار معاليه إلى أن القيم والتعاليم الدينية تشكِّل إحدى قوى الخير الفاعلة لتقديم الحلول؛ لتعزيز التسامح وترسيخ التعايش والعدالة واحترام القانون، وزيادة التماسك الاجتماعي وتعزيز الإيمان بالمواطنة المشتركة عبر تنظيم برامج تدريبية وشبكات تواصل بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة، التي تؤدي دورًا كبيرًا في تجاوز الحواجز النفسية الناجمة عن النزاعات والخلافات والصراعات، داعيًا إلى ضرورة التركيز على إشراك الأغلبية السلمية الصامتة، بهدف مساعدتنا في الوصول إلى أهدافنا، لافتًا إلى أن مواجهة الكراهية والتطرف والتعصب والإرهاب يتطلب استثمار كل الأدوات والوسائل المناسبة لترسيخ العيش المشترك وتحصينه بالقوانين والأنظمة التي تحميه.
وأشار ابن معمر إلى حقيقة مهمة، وهي أن ما نسبته (%84) من سكان العالم لديهم معتقد ديني؛ منوهًا بمضاعفة اهتمام أعضاء المنظمات الدولية وحكومات الدول، بمساندة القيادات الدينية ومؤسسات القيم والحوار لصانعي السياسات؛ لتحقيق أهداف مشتركة، مثل: أجندة 2030م، مؤكدًا على ضرورة تبني برامج مؤسسات الحوار على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، بوصفهم شركاء مهمين لصانعي السياسات.
ودعا معاليه إلى أهمية ترسيخ المشتركات الإنسانية بين المجموعات الدينية المتنوعة بوصفها تمكن التغلب على مظاهر التوتر وانعدام الثقة التي تسبَّبت في الانقسام، وأهمية توظيف القيم والأخلاق كجزء رئيس من عملية التنمية المستدامة ، والتركيز على توفير فرص العمل للشباب، موضحًا «أن الدين جزءٌ من الحل وليس أساس المشكلة»، لافتًا إلى «أن حوار الأديان ليس جدالاً دينيًا إنما يهدف إلى إقامة أرضية مشتركة بناء على قيم إنسانية مشتركة وأنه لكي تكون الحلول المشتركة دائمة وسلمية؛ لا بد أن تكون عالمية وشاملة وهذا يعني العمل مع الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية والنساء والشباب».
وحول طبيعة عمل المركز العالمي للحوار، قال ابن معمر: «يكمن هدف المركز في بناء الجسور بين الناس من مختلف الأديان والثقافات ونعمل سويًا مع أفراد ومؤسسات دينية متنوعة لمساندة صانعي السياسات لتعزيز التعايش السلمي ولإيجاد حلول مشتركة لمشكلات التعايش واحترام التنوع في العالم».
وأضاف معاليه: «المركز العالمي للحوار، يعد منظمة دولية فريدة ملتزمة بحوار الأديان والثقافات تم تأسيسه بمبادرة من المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا والفاتيكان بصفة مؤسس مراقب، أما مجلس إدارتنا؛ فمتعدد الأديان مكون من تسع قيادات دينية من خمس ديانات وثقافات متنوعة من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس ، ونعمل مع أكثر من (40) منظمة دولية، مثل: برنامج التنمية بالأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية واليونسكو والاتحاد الإفريقي»، مشيرًا إلى أن «هيكلنا الفريد يتيح لنا سد فجوة التعاون بين الأفراد والمؤسسات والقيادات الدينية وصانعي السياسات» ،لافتًا إلى أنه و«منذ عام 2015م، نظمنا أكثر من (40) مؤتمرًا؛ ودربنا ما يزيد عن (5) آلاف فرد من خلال برامجنا ونعمل مباشرة مع نحو (20) ألف من المهتمين بالحوارات العالمية. وأسسنا وما زلنا ندعم (5) منصات حوارية في المنطقة العربية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوروبا وميانمار ونيجيريا».
وأشار ابن معمر إلى «أن المركز لديه برنامج يتعلق بالتواصل الاجتماعي: (التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار)، وهو عبارة عن سلسلة دورات تدريبية في المنطقة العربية حيث تم تدريب حوالي (600) شخص على كيفية الحوار عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ويتضمن ذلك رفض خطاب الكراهية والإبلاغ عن التحريض الإلكتروني.
وقال معاليه: «إن المركز يشارك ضمن شبكة تعاون متعددة الأطراف، وشراكات مهمة، منها: المجلس الاستشاري للجنة هيئة الأمم المتحدة حول الدين والتنمية التي تجمع تحت مظلتها (50) مؤسسة دينية ومدنية تعمل معا على أرض الواقع لتحقيق أجندة 2030م، ومساعدة المجتمعات الدينية على إيجاد صلة تربطها بأجندة 2030م»، مشيرًا إلى «أن مأسسة المجلس تحت مظلة الأمم المتحدة، تعتبر خطوة مهمة؛ لتعزيز الشمولية.
ولفت أمين عام المركز العالمي للحوار أن المركز يتبنى مبادرة مجموعة من مؤسسات القيم للتواصل مع مجموعة العشرين وهذا الأمر يحمل دلالة مهمة على دور المركز في بناء جسور التعاون بين مؤسسات القيم والتعاليم الدينية وصانعي السياسات في سبيل إيجاد حلول مشتركة حول العديد من القضايا العالمية.
كما أشار معاليه إلى شراكة المركز مع مكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ونعمل في إطار عملية متعددة الأطراف مع قيادات ومؤسسات دينية وصانعي السياسات ومنظمات المجتمع المدني من أجل تنفيذ خطة عمل للقيادات الدينية لمنع التحريض على العنف والكراهية الذي قد يقود إلى جرائم وحشية، التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في يوليو 2017م»، مؤكدًا على مواصلة التعاون لدعم الجهود الوطنية والإقليمية؛ لتعزيز مشاركة القيادات الدينية في منع الجرائم الوحشية والتعاون بين القيادات الدينية ودول الأمم المتحدة الأعضاء والمجتمع المدني لمنع التحريض على العنف عبر منصات الحوار المستدامة.
وأكد ابن معمر على أهمية الدعم اللامحدود من الدول المؤسسة للمركز وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بمشاركة جمهورية النمسا ومملكة إسبانيا والفاتيكان كعضو مؤسس مراقب في تبني البرامج والسياسات التي ينتهجها المركز لإقناع صانعي السياسات بالمبادرات والبرامج التي يتبناها المركز.