رياديون بانتظار تفاصيل عمل الصندوق الأردني للريادة
على الرغم من تفاؤل العديد من الرياديين الاردنيين باعلان رئيس الوزراء د. عمر الرزاز عن الصندوق الاردني للريادة، الا انهم شددوا على ضرورة توفير تفاصيل عمل الصندوق ومعايير موحدة وعادلة لتوجيه الدعم.
وأبدى رياديون وأصحاب مشاريع أردنية ناشئة تفاؤلهم بالمرحلة المقبلة مع بدء عمل الصندوق الأردني للريادة، سيما وأنه كان محورا رئيسيا ضمن وثيقة أولويات عمل الحكومة للعامين المقبلين ضمن بند تحدث عن دعم ريادة الأعمال كعامل أساسي في توفير فرص العمل في دولة "الإنتاج".
وأكدوا أن ملف "الاستثمار في الشركات الناشئة" و "التمويل" ما يزال يشكل تحديا أساسيا يواجههم في مرحلة تأسيس شركاتهم أو في مراحل التوسع والنمو، الأمر الذي يبرز أهمية وجود صندوق جديد للريادة يوجه برامجه وعمله لتعزيز الاستثمار المباشر وغير المباشر في هذه المشاريع.
وشددوا على أهمية إعلان تفاصيل عمل الصندوق وآليات الحصول على التمويل، بالاضافة الى ضرورة توفير معايير موحدة عادلة لتوجيه الدعم، وخصوصا لشباب المحافظات والمشاريع ذات الطبيعة الابتكارية والإبداعية.
ورغم تقدم بيئة ريادة الأعمال الأردنية، إلا أن الشركات الناشئة ما تزال تواجه تحديات عديدة كضعف التمويل، وضعف المهارات الشخصية التي يمتلكها الريادي من ناحية تقديم المقترح وبناء الفريق وإدارة الوقت والتفاوض والتقييم والحوكمة والإفصاح المالي وغيرها لتطوير عمله. بالاضافة الى عدم القدرة على تحديد الجهات التي تعمل على تقديم الخدمات المساندة لخدمات الأعمال، ووجود محددات في البيئة التشريعية والضريبية والتي تحد من إنشاء الصناديق الاستثمارية.
ويشكل التمويل عائقا حقيقيا بسبب إحجام البنوك ومؤسسات التمويل الأخرى عن تمويل الشركات الناشئة لعدم توفر الضمانات الكافية.
وأبدى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "مايندروكتس" الريادية – الشركة الناشئة الأردنية المتخصصة في مجال تطوير وسائل التكنولوجيا اللازمة لمساعدة الأشخاص الصم وضعاف السمع – محمود الدراوشة تفاؤله بانطلاقة الصندوق الأردني للريادة مؤكدا أهمية عمله وتنفيذ برامجه بطريقة عادلة ومعايير موحدة مع ضرورة التركيز لتوجيه الدعم إلى شباب المحافظات.
وبين الدراوشة أن شركته تبحث اليوم عن مصادر استثمار وتمويل بعد سنتين من عملها في السوق وذلك لتحقيق أهداف تطوير الخدمات والتوسع في أسواق الشرق الأوسط وأميركا وأوروبا لا سيما وأن المنتجات التي تقدمها الشركة تلائم احتياجات العرب والأجانب من شريحة الصم.
ويرى الريادي سيف سعد الذي أسس، ومجموعة شباب، أخيرا تطبيقا ذكيا يربط الأهالي والطلاب بالمعلمين المهرة في مجالات مختلفة بأن انطلاقة الصندوق الأردني للريادة تبشر بالخير إذ ما يزال تحدي جلب الاستثمارات والتمويل قائما مع قلة حماس المستثمرين لضخ أموالهم في شركات ناشئة.
وأوضح سعد- وهو عضو في مجلس قادة الشركات الناشئة الذي يعمل تحت مظلة جمعية " إنتاج" - أن مشروعه الذي يحمل اسم " استازي" والذي مضى على انطلاقته قرابة السنة يحتاج اليوم إلى استثمارات تساعده على تطوير خدمات جديدة أو دخول أسواق جديدة، لا سيما وأن مشروعه علاوة على تقديمه خدمة للطلاب فهو يوفر فرص عمل ومصادر دخل جديدة للمعلمين.
ومثل الدراوشة وسعد، أكد الريادي الأردني رعد الكلحة أهمية إنشاء وإطلاق الصندوق الأردني للريادة، مشيرا إلى أن الريادي يحتاج إلى التمويل والدعم طوال الوقت وخصوصا في مراحل التأسيس والنموّ والتوسع.
وقال الكلحة – الذي يدير مشروع " كيرارز" الذي يقوم ببساطة على تطبيق للهواتف الذكية يربط مقدمي الرعاية من (الممرضين ومربيات الأطفال) مع المستخدمين – إنه في ظل أوضاع بطالة عالية بلغت في الأردن أكثر من 18 % فان الشباب يسعون إلى ابتكار أفكار وإدارة مشاريع خاصة بعيدا عن الوظائف التقليدية ليوفروا لأنفسهم أعمالا مربحة.
وأشار إلى أنه إذا ما وفرنا الدعم والاستثمار لهؤلاء الشباب فذلك سيسهم في حل مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل على المديين المتوسط والطويل.
مجلس قادة الشركات الناشئة – الذي يمثل الشركات الريادية العاملة في التقنية ويعمل تحت مظلة جمعية "إنتاج" – كان قد قام خلال الأشهر القليلة الماضية بجمع ملاحظات من شركات ريادية حول التحديات التي تواجهها في بيئة ريادة الأعمال الأردنية.
وكان من آهم التحديات الحصول على التمويل اللازم ولجميع مراحل نمو المشروع من قبل الصناديق الاستثمارية والبنوك، وعمليات فتح الحسابات البنكية وخاصة في حالة وجود مستثمرين أجانب. كما شملت التحديات : عمليات تشجيع الاستثمار والتغير المستمر باللوائح المتعلقة بالبيئة الاستثمارية، وغيرها من التحديات ذات العلاقة بالموارد البشرية وعدم استقرار القوانين.
وقال المدير العام للصندوق الأردني للريادة مهاب مرار إن "الصندوق هو شركة مساهمة خاصة مملوكة من البنك المركزي الأردني والشركة الأردنية لضمان القروض لدى مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة سجل في كانون الأول(ديسمبر) 2017، برأسمال قدره 98 مليون دولار، وبتمويل من البنك المركزي الأردني بقيمة 48 مليون دولار والبنك الدولي بقيمة 50 مليون دولار، وقد أعلن عن الانطلاقة الرسمية للصندوق قبل شهرين".
وأوضح مرار في تصريحات بأن الهدف العام للصندوق يتمثل في تقليص الفجوات التمويلية للشركات الناشئة والقائمة وتعزيز التمويل المتوفر لدى الصناديق الاستثمارية القائمة والناشئة المحلية والإقليمية التي ترغب في الاستثمار في الشركات الناشئة والمتوسطة داخل المملكة.
وزاد إيضاحا بأن طريقة عمل الصندوق في السوق الأردني ستتمثل في مسارين رئيسيين هما دعم الاستثمار (المباشر وغير المباشر) في المنشآت الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتحسين وتطوير بيئة ريادة الأعمال في الأردن.
وأكد أن الصندوق ومن خلال عمله على هذين المسارين فهو يسعى إلى المساهمة في توفير بيئة ريادة أعمال أردنية جاهزة ومحفزة للاستثمار في الشركات الناشئة والقائمة الأردنية.
وأوضح مرار أن برامج الصندوق في الاستثمار المباشر وغير المباشر وفي تعزيز بيئة ريادة الأعمال المحلية تستهدف فئة سيدات الأعمال بنسبة 25 % من الفئات المستهدفة وتستهدف الشباب بنسبة 30 % من الفئات المستهدفة وذلك بهدف تعزيز دورهم في المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
وقال "الصندوق سيركز استثماراته على قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والطاقة المتجددة والمياه والخدمات، الأعمال الزراعية التجارية والمستحضرات الدوائية" لافتا إلى انه لن يتم الاستثمار في قطاع العقارات والإنشاءات والصناعات الثقيلة.
وحول الاستثمار المباشر، بيّن مُرّار أن الصندوق سيستثمر مباشرة في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مرحلة البدء والتي تطمح للحصول على تمويل بمبلغ يتراوح ما بين200-500 ألف دولار، على أن يكون الاستثمار مبني على مبدأ المشاركة مع شركاء التمويل الرئيسيين من مؤسسات تمويلية وصناديق استثمارية وتجمعات المستثمرين أو شبكات رعاة الأعمال سواء كانت محلية أو اقليمية أو عالمية.
وفيما يتعلق بالاستثمار غير المباشر قال مُرّار "سيقوم الصندوق الأردني للريادة على مدار السنوات الخمسة المقبلة بالاستثمار في الصناديق الاستثمارية القائمة والناشئة سواء كانت صناديق أردنية أو إقليمية أو عالمية ترغب بالاستثمار في المملكة".
ولفت إلى أن الصندوق الأردني للريادة سيستثمر في ثلاثة أنواع من الصناديق الاستثمارية، هي صناديق التمويل الأولي أو التأسيسي Seed Stage Funds، وصناديق التمويل المبدئي Early Stage Funds، وصناديق رأس المال المغامر Venture Capital Funds.
وأكد أن الصندوق منذ انطلاقته قبل شهرين بدأ بالعمل فعليا بالحوار والنقاش وإجراء الدراسات للصناديق الاستثمارية وواقع الاستثمار في السوق المحلية بهدف البدء فعليا بتوفير الاستثمارات للشركات الناشئة وبأسرع وقت ممكن.
وتوقع دعم ما بين 150 إلى 200 مشروع ناشئ وقائم خلال السنوات الخمسة المقبلة ضمن مسار توفير الاستثمار المباشر وغير المباشر، مشيرا إلى أنه سيجري التركيز في هذا المسار على الأفكار المبتكرة والإبداعية التي تحل مشاكل فعلية في المجتمع والاقتصاد.
وفيما يتعلق بعمل الصندوق لتعزيز البيئة الحاضنة لريادة الأعمال، أشار مُرّار إلى أن الصندوق سوف يعمل على إيجاد البرامج التي بدورها ستعمل على تعزيز البيئة الحاضنة وذلك بالتعاون مع الشركاء الرئيسيين من القطاع العام والخاص، وبالتالي تحقيق الأهداف الرئيسية للصندوق والمتمثلة بدعم ما لا يقل عن 825 مشروعا منها 150 مشروعاً ناشئاً و675 مشروعاً قائماً، وتجهيزها لجعلها قادرة على استقطاب التمويل من الجهات التمويلية المختلفة.
من جانبه، قال المدير التنفيذي لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات الأردنية " إنتاج" نضال البيطار إن "وجود الصندوق الأردني للريادة هو مهم جدا لإكمال منظومة ريادة الأعمال في الأردن، ولكن يجب أن يكون عمله مقرونا بتسهيل وصول منتجات الشركات الريادية إلى الأسواق الخارجية وهو العمل الذي يجب أن يتم بالتعاون والشراكة بين جميع الاطراف".
وقال "تعزيز الاستثمار وتوفير التمويل للشركات الناشئة بشكل مباشر او غير مباشر سيسهم في تقدم الأردن في مؤشر ريادة الأعمال العالمي".
ولفت إلى أن إنتاج تتعاون اليوم مع جميع الأطراف لتعزيز عمل الشركات الريادية في الأردن ومن خلال العديد من المبادرات.
والأردن الذي يشكل عدد سكانه 3 % من سكان المنطقة، يشكل رياديو الأعمال فيه 23 % من رياديي الأعمال في المنطقة العربية، كما أن الأرقام تشير إلى تقدم الأردن 7 مراتب في مؤشر ريادة الأعمال العالمي في العام ليصبح في المرتبة 49، والذي انتقل من المرتبة 70 للمرتبة 50 على مؤشر تنافسية المواهب العالمية خلال 3 سنوات فقط.
وتظهر دراسة أخرى بأن هناك نحو 200 برنامج ومشروع ومؤسسة تدعم ريادة الأعمال في المملكة وبان نسبة 70 % منها يتركز عملها في العاصمة عمان.