تظهرفي كل فترة دراسات علمية تحذر من الآثار السلبية لأكل اللحوم على صحتنا، مشيرة إلى أنها تزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانوالسكري، فضلًا عنالالتهاباتالمعوية.
الدكتور جان ميشل ليكريف، رئيس قسم التغذية في معهد باستور في ليل- فرنسا، يوضح حقيقة عواقب النظام الغذائي الذي يعتمد على اللحوم، وفي المقابل النظام الغذائي النباتي.
أحدث الدراسات تربط بين أكل اللحوم ومرض السرطان. وفي حقيقة الأمر، في عام 2015 صنّفت الوكالة الدولية للأبحاث حول السرطان (WHO-IARC) اللحوم الحمراء واللحوم المصنّعة (مثل النقانق وغيرها) كعنصر مسرطن محتمل لبني البشر. وفي العام ذاته، ربطت دراسة أجراها مركز اندرسون للسرطان في هيوستن في الولايات المتحدة الأمريكية اللحم المطهو بسرطان الكلى، حيث أنّ طهي اللحوم يشكل مادتين، هما: PhIP و MeIOx. وحين تقوم الكلى بعملية الفلترة فإنّ هاتين المادتين تتخثران وتزيدان مخاطر الإصابة بالسرطان. واللحوم المشوية الأكثر ضرراً من كافة أنواع طهي اللحوم على الإطلاق حيث تولد عملية الشوي الأمينات غير المتجانسة والجزيئيات المسرطنة.
وفي ما يتعلقبسرطان القولون والمستقيمفإن الآليات تختلف. فقد سلط الباحثون في المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) الضوء على دور الحديد الهيمي في اللحوم الحمراء واللحوم الباردة المصنّعة. إذ أن الحديد الهيمي المكون من ذرة الحديد والبروتينات هو الذي يعطي اللحوم الحمراء لونها الأحمر. ولكن أثناء عملية الهضم فإنه يتحول بوساطة عملية الأكسدة إلى مركّب سام يعزز حدوث الطفرات في الحمض النووي ويسبب موت خلايا القولون والمستقيم باستثناء الخلايا السرطانية فقط والتي تقاوم هذا الهجوم بشكل قوي. وبناءً عليه، فإن الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء واللحوم الباردة يدمر نسيج القولون والمستقيم.
ويذكر د. ليكريف أنه في القسم الأكبر من الدراسات لا تتم ملاحظة مخاطر حدوث السرطان إلا عندما يزيد استهلاك اللحوم الحمراء عن 100 غرام بعد الطهي. ويؤكد ويطمئن رغم ذلك أنه بالمقارنة مع السيجارة فإنّ: "هناك فقط نسبة 17 في المائة من زيادة مخاطر الإصابة بمرض السرطان عند أكل اللحوم الحمراء، مقابل زيادة نسبتها 1000 في المائة معالسيجارة".
وتناول اللحوم يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلبوالأوعية الدموية. فعلى النقيض من الفكرة الشائعة التي تعزو السبب في زيادة هذه الأمراض إلى الدهون المشبعة، وخصوصاً تلك الموجودة في اللحوم الحمراء، إلا أن المشكلة تكمن في تعديل أنواع معينة من الأحماض الأمينية بسبب عمل الميكروبات المعوية، وهي جميع الفيروسات والجراثيم والفطريات التي تسكن القناة الهضمية. فهذه الأخيرة تحول الكارنتين (وهو جزيء موجود في اللحوم الحمراء) إلى ثلاثي ميثيل أمين إن- أكسيد (TMAO)، وهو جزيء له القدرة على تعديل عملية أيض الكولسترول، حيث يعيق التخلص منه ويعزز تراكمه على جدرانالشرايين.
ويوضح الطبيب قائلاً بهذا الصدد: "إذا لم يكن نظامنا الغذائي يحتوي على ما يكفي من المنتجات النباتية، فسوف تكون الميكروبات المعوية بحالة سيئة وهذا يشير إلى أن مخاطر حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية،والسكريترتبط بشكل كبير بالنظام الغذائي غير المتوازن والفقير بالمنتجات النباتية".
وإذا كان معهد الأبحاث حول السرطان يوصي بأن لا يتعدى مقدار ما نأكله من اللحوم الحمراء 500 غرام في الأسبوع وأن نقلل مقدار ما نتناوله مناللحومالباردة إلى 50 غ في اليوم، فإن د. ليكريف يدعو من جهته رغم ذلك إلى أكل كميات أقل وخصوصاً بالنسبة إلى مرضى السكري أو الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية.
يمكن إيجاد الخصائص الغذائية الموجودة في اللحوم الحمراء، ولا سيما البروتينات والحديد والزنك وبعض الفيتامينات وخصوصاًالفيتاميناتمن مجموعة "بي" B، وتحديداً B9 و B12، في أطعمة أخرى. ولكن، إذا اختار الشخص الاستغناء كلياً عن أكل اللحوم فيجب عليه أن ينتبه بشكل دقيق إلى محتويات وتوازن طبق الطعام. وحسبما يقول الطبيب المختص بالتغذية: "في حالات النظام الغذائي لنباتيي الألبان والبيض، فليست هناك مشكلة".
وفي ما يتعلق بالنظام الغذائي النباتي بالكامل ( فيجين) فإنه يسبب مخاطر معاناة متبعه من نقص الكالسيوم والزنكوالحديد والسيلينيوم واليود. وهذه العناصر المختلفة متوافرة في أطعمة أخرى ويمكن الحصول عليها من مصادر أخرى، مثل الكالسيوم الذي يوجد في المياه المعدنية. في حين أن الفيتامين B12 لا يوجد إلا في المنتجات الحيوانية ويتمُّ توليفه بواسطة البكتيريا. علمًا أن نقص فيتامين B12 والذي يظهر بعد 4 سنوات من اتباع هذا النظام الغذائي يسبب عجزاً في القدرات الإدراكية، ولذلك يجب على متبعي النظام الغذائي النباتي كلياً ( فيجين ) أن يأخذوا مكملات الفيتامين B12 ، وفقاً لـ"توب سانتيه".