جراءة نيوز - عمان : اكد السفير البريطاني في عمان بيتر ميليت، ان "مقاربة بلاده لعملية الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تجري في الأردن، تقوم على ان المملكة المتحدة، تريد دعم هذا الإصلاح، دون املاءات منها او تدخل في الشؤون الأردنية".
واضاف ميليت في مؤتمر صحفي عقده بمنزله صباح امس بمناسبة اليوبيل الماسي لملكة بريطانيا، إن بلاده "تريد ان ترى إصلاحا وتطورا وليس ثورة، وهي مستعدة جدا لدعمهما بطريقة مقبولة للحكومة والشعب الأردنيين".
وقال "يبدو لي وأنا انظر من الخارج انه يجب ان يتغير شيء.. ولكن ما هو هذا الأمر الذي يجب ان يتغير.. فهذا ليس ما نقرره نحن بل أنتم الأردنيين".
وأوضح ان بلاده ليس لديها "نموذج او وصفة مفصلة لتطبيق الإصلاح، فهي لم تتدخل في شؤون دول الربيع العربي منذ بدايته، ماعدا تدخلها في ليبيا، تبعا لطلب من الأمم المتحدة والجامعة العربية"، مؤكدا أن بريطانيا تحترم حق الشعوب في تقرير مستقبلها.
وفي مسألة الانتخابات رأى ميليت "أن الناس يتوقعون شيئا مختلفا.. من حيث كيف ستدار الانتخابات ونتائجها، إذ يجب ان تكون مختلفة، ولكن كيف؟ إنه شأن خاص بالشعب والبرلمان الأردنيين ليقرراه".
واكد السفير أنه يتعمد ألا يقول ما هو الأمر الذي لا بد ان يتغير، لأنه أمر ليس متعلقا به، "ولكن يبدو لي أن الشعب يريد تغييرا بخصوص الإصلاح السياسي"، مضيفا أن أمر إقرار قانون الانتخاب الجديد والانتخابات كلها بيد البرلمان والشعب الأردنيين وليس بيد بريطانيا.
واكد التقاءه قياديين من الحركة الاسلامية مرتين، إحداهما بعد دعوة على الغداء في منزله، والأخرى خلال اجتماع لم يذكر طبيعته.
واشار الى عدم وجود لقاءات قريبة مع الإسلاميين، مبينا أنه سألهم عن ماهية سياساتهم الاقتصادية والتزامهم بالديمقراطية.
ورأى أن "لا مشكلة إطلاقا في صعود الإسلام السياسي للسلطة في العالم العربي، ما دامت هذه هي رغبة الشعوب"، نافيا أن يكون اهتمامه منصبا على لقاء الإسلاميين فقط دون غيرهم من الحزبيين.
وعن سبب لقائه بالاسلاميين، اعتبر ان "دور أي دبلوماسي ان يفهم الدولة التي يعمل بها، ونقل صورة لما يجري هنا الى بلادي، والبحث عن طرق للتعاون ودعم الحكومة الأردنية".
وأضاف ميليت إن أي دبلوماسي يلزمه ليعرف أحوال البلد الذي يعمل فيه، أن يتعرف على اوسع مجموعة من ناسه، ولهذا السبب، زار عدة محافظات، موضحا "أنا متأكد ان السفير الأردني في لندن يفعل الشيء ذاته، لأن مهمته هي ان يعرف المملكة المتحدة".
وتنويها الى ما قد يشار حول زياراته تلك بأنها تدخل في شؤون الاردن، قال "هذا ليس تدخلا، وإنما اكتشاف طرق للتعاون الثنائي"، مؤكدا استعداد بلاده لتقديم دعم بخصوص الإصلاح "اذا ارادت الحكومة والشعب ذلك".
وفي مثال على الدعم، قال "اذا ارادت الهيئة المستقلة للانتخاب مراقبين من الخارج، فمن الممكن ان نساعد بهذا، واعتقد بأن من الأفضل ان يتم ذلك عبر الاتحاد الأوروبي".
واعرب عن ايمانه بضرورة ان تؤسس الهيئة المستقلة اولا لمصداقيتها، وان توضح للناس ان الانتخابات "حرة ونزيهة وشفافة، تشمل الجميع كمشاركين فيها".
وحول ماذا يعني بذلك، وهل الأمر متعلق بالتمثيل بحسب الكثافة السكانية؟ قال "ليس لدي وصفة لما هو صح او خطأ".
واعتبر انه "عندما يشعر الناس بأن صوتهم احدث فرقا، فهذه هي الديمقراطية، لذا اتمنى ان يقيس الناس الانتخابات عبر المدى الذي يشعرون فيه بأن صوتهم محسوب، وان هناك شيئا مختلفا ستأتي به انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، ليشعر الناس بأن هناك امرا مختلفا في الانتخابات".
وفي معرض رده على سؤال حول ما اذا كان يعني، بأن الانتخابات في السابق لم تكن حرة ونزيهة وشاملة، قال السفير ميليت الذي تسلم منصبه في الأردن منذ عام ونصف العام "لم اكن هنا سابقا، ولكني قرأت تقارير عديدة تقول ان الانتخابات لم تكن كذلك في السابق".
وفيما يتعلق بالدعم الاقتصادي البريطاني للأردن، اشار الى ان بلاده دعمت خلق ونمو فرص عمل في الاردن، فالاستقرار سيتأتى عبر الوظائف والتغيير الاقتصادي، لافتا الى أن بلاده تساعد في امور اقتصادية كالنمو الوظيفي، من دون ان تضع شروطا لذلك.
وبين أن "بعض المؤسسات الدولية وفريق العمل للاتحاد الأوروبي، اوضحوا بأنهم يتوقعون المسير في إصلاحات سياسية، ويريدون ان يروا تمريرا لقانون انتخاب يقود الى انتخابات نيابية".
وفي هذا الصدد، أكد عدم تدخل بلاده في شؤون الدول، "ولكننا نتوقع رؤية تحقيق الإصلاح، ففريق عمل الاتحاد الأوروبي عبر بوضوح ان العام 2012 هو عام تقديم الإصلاحات ورؤية عملية الإصلاح تسير قدما".
وعن الإجراءات الحكومية الأردنية الأخيرة لرفع الأسعار، قال ان "البنك الدولي يريد أن تساعد الحكومة نفسها، والدول يجب ان تظهر انها تساعد نفسها اذا أرادت مساعدة اقتصادية من الخارج".
واستشهد بالإجراءات التقشفية التي طبقتها حكومة بريطانيا في هذا الجانب، وقال "حكومتنا قامت بإجراءات كثيرة بخصوص مشاكلنا الاقتصادية"، مبينا ان على "الدولة ان تنجح بخلق فرص عمل وتوفير الرفاهية والازدهار لشعبها، ولا بد من أخذ اجراءات بنفسها بدل من طلب المساعدة من الخارج ببساطة".
وفي رده على سؤال كيف يمكن للحكومة أن تتخفف من الضغوطات الشعبية الحالية، قال إن "حكومة المملكة المتحدة استطاعت فرض التقشف على الناس، وتقبلوه، لأنها منتخبة من الشعب"، في اشارة منه إلى ان التخفف من الضغوط يحتاج إلى أنتخابات نيابية ديمقراطية تفرز حكومة برلمانية.
وبهذا السياق، أشار الى أن الحزب السياسي الحاكم في بلاده، صارح شعبه من خلال التأكيد على وجود مشكلة اقتصادية جدية تتطلب اجراءات صعبة لحلها. وأضاف عندما اعلنت الاجراءات الاقتصادية لم يستطع الشعب الشكوى، فهي الحكومة التي انتخبها.
وعما يجري في الأردن، قال "أنتم بحاجة الى حوار، حول سياسة رفع الأسعار، حتى يفهم الأردنيون، أن الإجراءات لها اثر على الجميع، وانه على المدى الطويل، سيكون هذا افضل للأردن بوجود سياسة اقتصادية دائمة، ستولد وظائف مستدامة للمستقبل".
وبخصوص دعم اللاجئين السوريين، اوضح أن بلاده قدمت 8.5 مليون جنيه استرليني للاجئين في المنطقة، عبر منظمات دولية تعنى بهم، وليس لحكومات الدول المستضيفة لغاية الآن.
وقال إننا "نتفهم العبء الاقتصادي الجدي على الأردن، ولدينا حوار الآن مع وزير التخطيط والتعاون الدولي جعفر حسان حول كيفية استخدام دعمنا لمساعدة الاقتصاد الأردني".
من جانب آخر، اشار السفير ميليت الى ان المحكمة البريطانية رفضت قبل اسبوع تكفيل الداعية الاسلامي الأردني ابو قتادة، معتبرا انه "لا معنى لإطلاق سراحه حاليا، سيما وان قوى وعناصر الأمن في بريطانيا مشغولة حاليا بالتحضير للأولمبياد، وان الموعد النهائي لاستماع المحكمة في قضيته سيكون في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل".
وبين ان بلاده واثقة من أنه سيحظى بمحاكمة عادلة في الأردن، دون ان يحدد موعدا لعودته، "فلدينا تأكيدات من خبراء ومن الحكومة الأردنية، ان الحكم الغيابي الحالي عليه سيلغى وسيحاكم مجددا، مع أدلة جديدة في محكمة امن الدولة، فهذه مسألة امن وطني، لأن الاتهامات الموجهة له على الأغلب متعلقة بالإرهاب".
واعتبر ان محاكمة ابو قتادة عند عودته والتي "يفترض ان تكون علنية "وفقا لميليت، ستلقى اهتماما كبيرا، لذا يجب ان يرى الناس أنها عادلة.. واعتقد بأنها مهمة لسمعة الحكومة الأردنية لالتزاماتها بحقوق الانسان".