جراءة نيوز - عمان : في وقت أثقل فيه سرطان الثدي كاهل الثلاثينية أم ريما، فقد زاد الفقر المدقع، الذي ألقى بظلاله على أسرتها الصغيرة القاطنة في منطقة الهاشمي الشمالي مقابل بيت الدفن الاسلامي، من قهرها.
وتترقب أم ريما، وهو اسم مستعار، نتيجة طبية تحدد مدى انتشار المرض العضال بين خلايا جسدها النحيل، وكلما اقترب الموعد الطبي المقرر نهاية الشهر الحالي بمستشفى البشير الحكومي، حسب قولها تدمع عيناها خوفا من موت يداهمها تاركة مصير بناتها الثلاث الصغار للمجهول.
وتضيف "أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره وأدعو ربي كل يوم أن يطول بعمري ويحفظ بناتي، وأجد من يحنو عليهن في غيابي".
لا تخفي، الثلاثينية، أوجاعها بعد استئصال أحد ثدييها قائلة "كان المرض ينهش جسدي منذ العام 2007، لكني اكتشفته في مرحله متأخرة بسبب جهلي، حتى انني انجبت طفلتي الصغيرة وبعدها بدأت اتلمس كتلة كبيرة في ثديي امتدت تحت ابطي".
ام ريما، لم تعد قادرة على العمل في المنازل بأجرة بسيطة لتحسن من دخل زوجها المتواضع، لأن جسدها لم يعد يقوى على التعب؛ إذ بالكاد تذهب للمستشفى لتناول العلاج الشهري من جرعة كيماوية وتعود الى منزلها بـ "السرفيس"، رافضة أن تركب التكسي رغم تعبها، لكي توفر ثمن الأجرة وتشتري طعاما لبناتها، حسبما تقول.
تتعب أم ريما كثيرا كلما غسلت هندام اسرتها بيديها الهزيلتين، وتتسلق طوابق عمارتها لتنشر غسيلها المبلل الثقيل على سطح منزلها المستأجر فترتاح على الدرج دقائق تكتم صراخها من ألم في صدرها ويديها، لتحلم "بغسَالة تنهي معاناتها ومعونة وطنية بسيطة تساندها في حياتها".
تحاول بناتها الصغار ذوات الثماني والسبعة أعوام، مساعدة والدتها فيقمن بمسح الجدران وجلي الصحون، قائلة "أحب مشاهدتهن يلعبن، فقد كبرن قبل الأوان، وأصبحن يصبرنني على مرضي وضيق حالي، ويدخلن البهجة الى قلبي كلما تفوقن دراسيا".
أما زوجها فيحاول دعمها نفسيا باستمرار وإخفاء قلقه على بناته وزوجته.
هذا الزوج لا يألو جهدا في توفير لقمة العيش لأسرته الصغيرة؛ إذ يعمل بالمياومة في أمانة عمان، في حين أن دخله الشهري لا يتجاوز 250 دينارا يذهب منها 100 دينار أجرة بيت وخصومات كثيرة بسبب غيابه المتكرر نتيجة إصابته بديسك في ظهره.
أحلام بنات أم ريما الصغيرات المحرومات من أبسط حقوقهن في الحياة، لا تتعدى أحلام أطفال عمان، هندام وأحذية جديدة، ولعبة يمشطن لها شعرها، أما الصغيرة ذات الثلاث سنوات؛ فبالكاد تتكلم لتقول "أنا بدي ماما".