جراءة نيوز - عمان : "يارب ابتليتني بفقري، وزدتني ابتلاء بمرضي، وحرماني من ولد استند عليه بكبري، وزوج مريض يبدد من وحدتي.. امتحان صعب، لكني أحمدك عليه وأشكرك"، بهذه الكلمات وحروفها الحارقة، لخصت الستينية أم علي معاناتها مع الفقر والمرض.
وتخجل أم علي وزوجها الستيني القاطنان في مخيم البقعة، بعد تركهما مكان إقامتهما قبل 12 عاما، من البوح بأسباب انتقالهما إلى المخيم، لكنهما حسب قولهما "وجدا الأمن الاجتماعي، فكل الأطفال بالحارة أولادهما، والجيران عائلتهما، يتفقدونهما باستمرار ليثبتا لهما أنهما ما يزالان على قيد الحياة".
في غرفة وحيدة معتمة، خصصت أم علي ركنا، وضعت فيه غازها الصغير بعيونه الثلاث وثلاجتها التي لا تعمل، وبجانبه مسند تعتليه فرشات وأغطية بالية، محاولة بذكاء أن تستر عيوب تشققات أرضية غرفتها بملاءة مهترئة.
تشتهي "الأمية" أم علي التي تتمتع بذكاء اجتماعي كبير، شراء الدجاج، لتطبخ لقمة هنية لها ولزوجها بعد غياب اللحوم البيضاء عن مائدتها منذ زمن طويل، وبعد أن رفض صاحب محل الدواجن إقراضهما دجاجا، لوصول فاتورة دينهما إلى 65 دينارا لديه.
وتضيف بحرقة شديدة "معك قرش بتقدر تاكل، ما معك الله بكون معك"، موضحة "إذا ما معنا نوكل، كيف بدي اشتري ثوب جديد إلي، وقميص وبنطلون لزوجي، ملابسنا القديمة بتستر علينا".
وتقول أم علي التي تعاني من مشاكل صحية في معدتها وتنفسية في صدرها لـ"الغد"، "يا ميمتي، صار علينا ديون كثيرة ،(380 دينارا)، بدنا نسد البقالة والكازية بدل الكاز اللي تدفينا فيه بالشتا".
أضافت "كل ما يعطينا إياه صندوق المعونة الوطنية 60 دينارا، 40 منها إيجار هالغرفة وفواتير كهرباء، وما يتبقى 20 دينارا شهريا، بنعيش فيهم مع أنو الأسعار مولعة".
معاناة أم علي لا تقف عند هذا الحد، فزوجها الستيني أبو علي يعاني من مشاكل في السمع واكتئاب نفسي شديد مزمن، حسب تقرير طبي رسمي، أكد أن "نسبة العجز الناتج عن مرضه 80 % ولا يمكن تأهيله للعمل".
ولا تستغني أم علي عن فانوسها الصغير الذي يعمل بالكاز، بحيث تستخدمه لتبديد عتمة غرفتهما كلما انقطعت الكهرباء عنهما، حسب قولها.
تخجل هذه الستينية لقيامها بطلب الماء من جيرانها لتشرب وتطهو وتغسل، جراء انقطاع المياه عنها، وتتألم وهي تستقبل ما يجود به عليها أحيانا أصحاب محلات خضار من طعام تعده لها ولزوجها.