جراءة نيوز – عمان : لم يتبق من أشجار السرو الطبيعي في منطقة "الكولا" شمال غرب محمية ضانا بالطفيلة، إلا شجرتان تقفان بكل عنفوان، وهما اللتان يصر سكان في المنطقة على أنهما شجرتا أرز، لدرجة تسمية المكان الذي تتواجدان فيه بـ "خانق أبو الأرز".
وفي المقابل تؤكد الجمعية العلمية الملكية ومحمية ضانا على أنهما من بقايا غابات السرو الطبيعي التي كانت سائدة في المنطقة، والتي تصل أعمارهما إلى أكثر من 500 عام، في الوقت الذي يقول السكان أن عمرهما يقدر بآلاف السنين.
ما تزال الشجرتان تتمتعان بالأوراق الداكنة الخضرة التي تميز شجرة "السرو الطبيعي" أو كما يحلو للبعض بتسميتهما بالأرز التي يندر تواجدها في الأردن من شماله إلى جنوبه إلا في منطقة محمية ضانا الطبيعية التي تحوي نحو 370 شجرة منها.
وكثيرا ما تفيَّأَ بظلالهما المتنزهون الذين يطيب لهم البقاء تحتهما، لتلقيا بظلالهما الندية على تعب المتعبين فتزيله، والمرضى الذين يأتون لاستنشاق هواء عليل يتخلل أغصانهما القديمة الفواحة عطرا وألقا، والتي ما تزالُ خضراءَ غضة رغم قدمهما.
ويروى أن تلك المناطق التي كانت تشهد في سنوات الخير أمطارا غزيرة، وتكسوها الثلوج لعدة أشهر في السنة لدليل قوي على وجود غابات منوعة، والتي تراجعت مساحات منها وجفت جراء توالي سنوات الجفاف التي سادت المنطقة مؤخرا.
ودعوا مديرية الحراج في زراعة لواء بصيرا إلى تهيئة كافة الظروف للحفاظ عليهما لكونهما إرثا يحكي تاريخ طبيعة المنطقة المرتفعة من جبال ضانا العالية المطلة على وادي عربة وجبال فلسطين.
كما دعوا إلى أن تولي الجمعية الملكية لحماية الطبيعة تلك الأنواع من الأشجار أهمية بالغة، وأن تركز على رعايتهما والحفاظ على ديمومتهما.
مدير زراعة لواء بصيرا المهندس حسين القطامين، أكد أن نحو ثلاثة أشجار من "السرو الطبيعي" هي ما تبقى في منطقة الكولا القريبة من محمية ضانا غرب لحظة وهي تلك المنطقة التي يطلق عليها السكان هناك بالأرز، وتعودان لغابة السرو الطبيعي، التي كانت تنمو بشكل كثيف في المنطقة عندما كانت الظروف مواتية لها.
ولفت القطامين إلى أن وجود تلك الأشجار في منطقة كانت تتميز بكميات تساقط مطري مرتفع يتجاوز 500 ملم سنويا، علاوة على ارتفاع المنطقة الذي يصل إلى أكثر من 1500 متر فوق سطح البحر، ليهيئ لبيئة مثالية لنموها.
وأشار إلى أنَّ الناس يحلو لهم أن يطلقوا عليها اسم أشجار الأرز جزافا، وهي في حقيقة الأمر السرو الطبيعي، الذي تعتبر شجرة الأرز التي تنحدر منها.
وأضاف أنه تمت المحافظة على مثل تلك الأشجار لأنها تمثل عنوان البقاء والصمود في ظل الظروف المناخية الصعبة والقاسية، حيث عرفها العديد من المواطنين في المنطقة، منذ عشرات السنين مقدرا عمرها بأكثر من 500 عام.
ولفت إلى أن تلك الأشجار كانت محمية بسياج قامت بوضعه الجمعية الملكية لحماية الطبيعة للحافظ عليها من اعتداءات المعتدين، ولأنها إرث طبيعي تاريخي.
مدير محمية ضانا الطبيعية عامر الرفوع أكد أن العديد من الأشجار الحرجية التي تنمو في مناطق ضانا ولحظة وغيرها من المناطق ظلت صامدة تواجه تحديات الظروف المناخية، من تراجع في كميات الأمطار وتبدل في أحوال الطقس.
ولفت الرفوع إلى أن المنطقة التي تتواجد فيها تلك الأشجار التي أكد أن اسمها العلمي "السرو الطبيعي"، حيث تعتبر شجرة الأزر منحدرة من ذات العائلة، وقد أطلق عليها الناس الأرز لقرب الشبه بينها وبين أشجار الأرز المعروفة فهي مخروطية الشكل وتتشابه بينهما الأوراق كثيرا في الشكل واللون، كما تتشابه في الرائحة الزكية المنبعثة منها.
وأكد الرفوع أن ما تبقى منها في منطقة الكولا فقط 2 - 3 شجرات معمرة، فيما داخل حدود محمية ضانا فقد أكد وجود نحو 370 شجرة من ذات النوع الذي يطلق عليه علميا اسم "السرو الطبيعي"، لكنها ليست بذات الحجم الذي تتميز به أشجار منطقة الكولا.