آخر الأخبار
  جاموس: كنا الأفضل في كأس العرب لكن تفاصيل صغيرة حرمتنا من اللقب   المومني اشاعات متعلقة ببمدينة عمرة الجديدة .. تهدف للتشويش   "المفوضية": توقعات بعودة 75 ألف سوري لبلدهم من المملكة في 2026   توافقات أردنية مصرية لتسريع عبور الشاحنات ودعم الترانزيت   الجامعة الأردنيّة تحتلّ المركز الرابع عربيًّا والأولى محليًّا في تصنيف الجامعات العربيّة 2025   مصدر: لا ملكيات شخصية في أراضي عمرة .. وجميعها لخزينة الدولة   فيدان: نتوقع بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة مطلع 2026   محمد الشاكر يوضح حول العواصف الثلجية نهاية العام   الدكتور منذر الحوارات: دراسة اقتصادية تظهر أن كل دينار يُحصّل من منتجات التبغ يقابله 3-5 دنانير كلفة صحية لاحقة   خلال تصريحات تلفزيونية .. المدرب جمال سلامي يتغزل بمهاجم النشامى يزن النعيمات   مسودة نظام الناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية لسنة 2025   النائب ابراهيم الطراونة: الاردنيين نسيوا همومهم ومشكلاتهم في لحظات تشجيع المنتخب الوطني، حيث تجاوزوا خلافاتهم ورفعوا عنوانًا واحد هو الأردن   بعد سؤال للنائب خالد أبو حسان .. وزير الشؤون السياسية والبرلمانية العودات يوضح حول "أمانة عمان"   وزير العمل للشباب: الأجور ترتفع كلما زادات مهاراتكم   مذكرات تبليغ قضائية ومواعيد جلسات متهمين (أسماء)   العرموطي: الأولى تخفيض ضريبة الكاز للفقراء وليس السجائر والتبغ   نائب أردني: السفير الأمريكي ما ضل غير يصير يعطي عرايس   النقد الدولي: الضمان الاجتماعي تشهد تراجعًا تدريجيًا رغم الفوائض المالية   وزارة الطاقة توضح بشأن اتفاقية تعدين النحاس في منطقة أبو خشيبة   الديوان الملكي ينشر صورة من اجتماع للملك بالعيسوي
عـاجـل :

تعرف على قصة "المتسول الاخرس" الذي سهل مهام اقتحام اسرائيل لبيروت

{clean_title}
نشر نجل الشيخ سعيد كوكي احد العلماء الاسلاميين سابقاً قصة تتحدث عن متسول اخرس ، استعطف الناس في بيروت، واخذ ثقتهم.

وأضاف عبدالرحمن كوكي عن كيفية قدرة اسرائيل دخول لبنان ، وماذا فعلت مع ذلك المتسول.

وتالياً القصة التي نشرها:

كان سيدي الوالد فضيلة الشيخ سعيد كوكي رحمه الله تعالى داعية إسلامياً متميزاً، وكان تاجر مصاحف وكتب، وصاحب دار نشر متألقة، إضافة إلى عمله الدعوي،

وكان يطبع أغلب مطبوعاته في بيروت، مثل كثير من أصحاب دور النشر السورية، نظراً لما تتمتع به مطابع بيروت ومعامل التجليد فيها من دقة وإتقان وسهولة في الشحن حتى في أحلك الظروف.

حتى أثناء الحرب الأهلية (1990 - 1975) لم يتوقف والدي عن السفر إلى بيروت لمتابعة عمله التجاري، إلا فترة الاجتياح الإسرائيلي لبيروت،

وقد اصطحبني معه مرات كثيرة في سفره إليها وإلى غيرها.

وكان من عادة سيدي الوالد الشيخ سعيد كوكي رحمه الله أن يتنقل بين شوارع بيروت وأزقتها مشياً على الأقدام.

وبينما كان يتنقل في بعض شوارع بيروت بين المطابع لاحظ وجود رجل متسول، رث الثياب، كريه الرائحة، وسخ الوجه واليدين، حافي القدمين، أشعث شعر الرأس واللحية، وهو فوق ذلك أبكم (أخرس)،
لم يكن يملك ذلك (المتسول الأخرس) سوى معطف طويل أسود بائس ممزق قذر يلبسه صيفاً شتاءً.

وكان بعض أهل بيروت الطيبين يتصدقون على ذلك (المتسول الأخرس) ويلاطفونه،
كان عفيف النفس إلى حد كبير، فإن تصدق عليه أحدهم برغيف خبز قبل منه، وإن تصدق عليه بربطة خبز (عشرة أرغفة) لم يقبل،
وإن أعطاه أحدهم كأس شاي قبل منه، وإن أعطاه مالاً لم يقبل،
وإن أعطاه أحدهم سيكارة قبل منه، وإن أعطاه علبة (20 سيكارة) لم يقبل،

كان دائم البسمة، مشرق الوجه، مؤدباً لطيفاً مع الصغير والكبير.

لم يكن له اسم يعرف به سوى: (الأخرس).
لم يشتكي منه أحد، فلا آذى إنساناً، ولا اعتدى على أحد، ولا تعرض لامرأة، ولا امتدت يده إلى مال غيره، ولا دخل إلى بناء لينام فيه، فقد كان يفترش الأرض، ويلتحف السماء.

كان السيد الوالد رحمه الله يلاحظ وجوده من بعيد على مدى سنوات، وتساوره الحيرة تارة، والشفقة تارة أخرى.

وانقطع والدي عن بيروت مدة الاجتياح الإسرائيلي، ثم عاد إليها مرة أخرى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي ليتابع أعماله وتجارته.

ودخل سيدي الوالد رحمه الله إلى إحدى المطابع، واستقبل بحفاوة بالغة، وسرور عظيم، وكان اللقاء حميمياً بين أصدقاء أبعدتهم الحرب سنين شداد، وكان الموت أقرب إلى أحدهم من سريره الذي ينام عليه.

كانت الحرب الأهلية الطاحنة ما زالت مستعرة، وكان الحديث عن ظروف الاجتياح وأخبار الناس وأحوالهم والحوادث التي وقعت مثيرة،
وتربع على عرش الحديث الكلام عن القصص الغريبة والعجيبة التي وقعت أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي لبيروت.

وكانت المفاجأة الكبرى في الحديث عن (المتسول الأخرس)، الذي ظهر فجأة، واختفى فجأة،
ظهر وكأنه قادم من زمن آخر، ومكان آخر، بل ومن كوكب آخر،
واختفى بشكل دراماتيكي أصاب الناس بصدمة وذهول لا ينتهيان،

فقد دخل الجيش الإسرائيلي بيروت، واجتاحها من عدة محاور، ولاقى أثناء تقدمه البطيء مقاومة شرسة من أهلها الأبطال، وعانى أهل بيروت من القصف الوحشي والقنص المخيف والقذائف المدمرة، واستغرق ذلك عدة أشهر،
بينما كان (المتسول الأخرس) غير عابئ بكل ما يجري حوله، وكأنه يعيش في عالم آخر.
ولأن الحرب تشبه يوم القيامة {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} فلم ينفع تنبيه بعض الناس (للمتسول الأخرس) عن خطورة وصول الجيش الإسرائيلي إلى تلك الشوارع والأزقة التي كان يتجول فيها وينام على قارعتها في بيروت الغربية.
ومع اشتداد ضراوة الحرب ووصول طلائع الجيش الإسرائيلي إلى بيروت الغربية يأس الناس من (المتسول الأخرس)، فتركوه لشأنه، ووقف بعضهم عند زوايا الطرق وأبواب الأبنية يراقبون مصيره.

وتقدمت جحافل الجيش الإسرائيلي، واقتربت من (المتسول الأخرس) عربة عسكرية مصفحة تابعة للمهمات الخاصة، وترجل منها ثلاثة ضباط، واحد برتبة مقدم، واثنان برتبة نقيب، ومعهم خمسة جنود، ومن ورائهم عدة عربات مدججة بالعتاد، مليئة بالجنود.
كانت المجموعة التي اقتربت من (المتسول الأخرس) يحملون بنادقهم المذخرة بالرصاص، ويضعون أصابعهم على الزناد، وهم يتلفتون بحذر شديد.

كان الجو رهيباً، مليئاً بالرعب، والمكان مليئ بالجثث والقتل، ورائحة الدم، ودخان البارود تنبعث من كل مكان.
تقدموا جميعاً من (المتسول الأخرس)، وهو مستلق على الأرض، غير مبال بكل ما يجري حوله،
وكأنه يستمع إلى سيمفونية بيتهوفن (القدر يقرع الباب)،
وعندما صاروا على بعد خطوتين منه انتصب قائماً، ورفع رأسه إلى الأعلى كمن يستقبل الموت سعيداً،
رفع المقدم الإسرائيلي يده نحو رأسه،
وأدى التحية العسكرية (للمتسول الأخرس)، قائلاً بالعبرية:
[باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أحييكم سيدي الكولونيل (العقيد)، وأشكركم على تفانيكم في خدمة إسرائيل، فلولاكم ما دخلنا بيروت].

ورد (المتسول الأخرس) التحية بمثلها بهدوء، وعلى وجهه ذات البسمة اللطيفة، وقال مازحاً بالعبرية: [لقد تأخرتم قليلاً]، وصعد العربة العسكرية المصفحة، وتحركت العربة المصفحة، وخلفها ثلاث عربات مرافقة، تاركة في المكان كل أنواع الصدمة والذهول، وأطناناً من الأسئلة،

كان بعض المثقفين الفلسطينيين ممن يتقنون العبرية قريبين من المكان، وكانوا يسمعون الحوار،

لقد ترجموا الحوار،
لكنهم عجزوا عن ترجمة وجوه الناس المصدومة من أهالي تلك الأحياء البيروتية التي عاش فيها الجاسوس الإسرائيلي (المتسول الأخرس).