وكاله جراءة نيوز - عمان - قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قبل قليل فى أول رد فعل رسمى من جانبه على أزمة إلغاء مصر تصدير الغاز لإسرائيل: "نحن لا نعتبر قطع الغاز يأتى على خلفية تطّورات سياسية، وإنما خلاف تجارى بين الشركة الإسرائيلية والشركة المصرية المعنيتين بهذا الأمر".
وأضاف نتانياهو فى كلمة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى الـ"الفيس بوك"، أنه بالرغم من ذلك يجب أن أقول إن لدينا حقول غاز تعطى لإسرائيل استقلالية كاملة فى مجال الطاقة، ليس من مصر فحسب، بل أيضاً من أى مصدر آخر.
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلى أن حقول الغاز الإسرائيلية الموجودة على شواطئ إسرائيل بالبحر المتوسط ستجعل إسرائيل إحدى أكبر مصدّرى الغاز الطبيعى فى العالم، مضيفا "لذلك نشعر بالأمان إلى حدٍ كبير من هذه الناحية".
وكانت مصر قد ألغت اتفاقية تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي من جانب واحد، لعدم إيفاء الأخيرة بالتزاماتها والشروط التعاقدية بينهما.
وذكرت القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي أن مصر أبلغت شركة شرق البحر المتوسط للغاز التي تقوم بإمداد إسرائيل بالغاز الطبيعي المصري بإلغاء اتفاق الغاز مما يعد ''ضربة'' لمعاهدة السلام المبرمة في عام 1979 بين القاهرة وتل أبيب.
وسارع الجانبين المصري والإسرائيلي إلى التأكيد بأن الحديث يدور عن خلاف تجاري ولا صلة له بالعلاقات السياسية بين البلدين، وسعت جهات إسرائيلية مختلفة للتقليل من أهمية هذا القرار, بينما تجنبت جهات أخرى الحديث في هذا الشأن.
وبغض النظر عن قرار الإلغاء وأهميته وتداعياته على العلاقات بين الجارين، إلا أن بعض المراقبين في إسرائيل ينظرون إلى هذا الأمر بعين الريبة والشك باعتباره مؤشرا على مستقبل مظلم في العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الانفتاح والتعاون الكامل في الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية وقضايا الشرق الأوسط.
إسرائيل تعتمد على الغاز المصري لسد نحو 40% من احتياجاتها لتوليد الكهرباء, وفق اتفاقية تصدير الغاز التي وقعت بين البلدين عام 2005, وتقضي بالتصدير إليها 1,7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاما، بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1,5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة 2,65 دولار, بينما يصل سعر المليون وحدة حرارية وفق التسعيرة الدولية نحو 5 دولار.
وفي أعقاب ثورة 25 يناير التي أطلحت بحكم النظام المصري السابق كانت قضية تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي أول مؤشر على تغير اتجاه البوصلة في مصر تجاه العلاقات بين البلدين, وتعرض خط الغاز المغذي لإسرائيل للتفجير نحو 14 مرة متتالية على يد مجهولين أدت إلى انقطاع الغاز عن إسرائيل لفترات متفاوتة اضطرت خلالها الأخيرة إلى الاستعاضة عن الغاز المصري ببدائل أكثر ثمنا مما اضطر شركة الكهرباء في إسرائيل لرفع أسعار الكهرباء لنحو 20%, وخلق صعوبات جمة أمام الخيارات الإسرائيلية للتعامل مع هذا الملف.
وأكد خبراء البترول في مصر أن سبب استمرار اتفاقية الغاز في عهد النظام السابق يرجع إلى وجود مصالح وعمولات وكان من الصعب الإخلال بها.
في الجانب الإسرائيلي ينظرون إلى ما هو أبعد من اتفاقية الغاز، وبات الكابوس الذي طالما رفضوا مجرد التفكير فيه يراودهم، بأن تتحول مصر من أهم حليف استراتيجي في المنطقة إلى عدو له حدود واسعة مع إسرائيل, ويمتلك قدرات تجعله عدو مخيف.
ولعل أصدق تعبير على ذلك ما صرح به وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عندما قال معقبا على إلغاء اتفاقية الغاز "إننا نريد أن نفهمه كنزاع تجاري، وأعتقد أن تحويل نزاع تجاري إلى نزاع دبلوماسي سيكون خطأ, وفي كل الأحوال فإن إلغاء الاتفاقية لا يبشر بخير".
وفي رد لا يخلو من الدهاء قال وزير الطاقة الإسرائيلي "عوزي لانداو" معقبا على إلغاء الاتفاقية إن تل أبيب أبدت استعدادها لبيع بعض مخزونها من الغاز الطبيعي لجيرانها العرب على أمل تحسين علاقاتها بدول المنطقة.
ولكن المتطرفون دائما يفضحون ما تخبئه إسرائيل من نوايا خبيثة تحت قناع الدبلوماسية, فمصر لم تكن يوما صديقا ودودا وإنما كانت مرحلة تسلقت فيها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على ظهر نظام حسني مبارك القمعي لتستبيح كل المحرمات ولتنهب خيراتها على حساب المواطن المصري المغلوب على أمره، وهذا ما عبر عنه عضو الكنيست ''ميخائيل بن آريه'' عندما قال ''إنه قد حان الوقت لخرق اتفاقية السلام مع مصر بشكل أحادي الجانب وإعادة السفير المختبئ في القاهرة ومعاملة مصر كمنظمة إرهابية وليس كدولة ''.
وبالعودة إلى ليبرمان فإنه كان من أوائل الذين تنبؤا بسقوط مبارك قبل أربع سنوات ونقل هذه التوقعات لمسئولين غربيين بينهم المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط "جورج ميتشل" لكنهم تجاهلوا هذه الدعوات، وأشارت صحيفة معاريف إلى أن ليبرمان نقل مؤخرا رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حذره فيها من أن التطورات في مصر أشد خطورة من تهديد النووي الإيراني.
ودعا ليبرمان الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ قرار جرئ وإعادة إنشاء التشكيلة الجنوبية التي تم حلها بعد عقد معاهدة السلام مع مصر والمكونة من أربع فرق.
وكان موقع "إسرائيل ديفينس" المقرب من المخابرات الإسرائيلية قد يتناول السيناريوهات المتوقعة بعد انتخابات الرئاسة المصرية، مشيرا إلى أن انتخابات الرئاسة المصرية والتي ستجري في نهاية مايو المقبل قد تكون الأكثر مصيرية والأكثر خطورة في تاريخ إسرائيل.
وعلى الرغم أن تقديرات المراقبين تؤكد أن مصر لن تقدم على إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل لأسباب داخلية، إلا أن إسرائيل ستقف في المستقبل أمام نظام أقل تعاونا وستستمر في مرحلة عدم اليقين والتي ستواجه فيها ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد ولاسيما مع صعود التيار الإسلامي إلى سدة الحكم.