لا يعرف قيمة وأهمية التساؤلين المطروحين في العنوان، إلا من زار "حراج السيارات"، أو ذهب للمعارض، أو سرح بناظريه يمنة ويسرة في الشوارع بحثاً عن سيارة كتب عليها صاحبها "للبيع أو FOR SALE"، نعم إنها القصة الغريبة والأغرب في الأردن.
كيف لا ومن يريد أن يشتري سيارة "بلدية" أي أنها ليست من وكالة وليست من المنطقة الحرة، يجد ذات السيارة بعشرين سعرا، كل حسب مطلبه، وعند الذهاب للقصة الأغرب وهي "الفحص والفحيصة"، يجد المرء ما "يكسر خاطره"، بحسب مواطنين أوردوا في شكواهم لـ"جراءة نيوز".
خالد الحياصات بقي يبحث عن سيارة "ياباني، أو كوري" سعرها في حدود الـ7 آلاف دينار ما يزيد على الشهرين، يفحص السيارات، ويراقب بورصتها "الغريبة" على الانترنت ومواقع التجارة الإلكترونية، ولم يجد حتى لحظة كتابة السطور ما يستحق أن يدفع فيه نقوده، بخاصة وأن السيارات البلدية اليابانية من طراز "ميتسوبيشي لانسر، ونيسان صني" الأفضل سعرا والأكثر جودة يطلب كل صاحب على ليلاه من الأسعار.
وعن "الكوري" فحدث ولا حرج، فالأسعار تزداد بلا وازع او رادع، وتهبط دون سابق إنذار، ما دعا منصور الخالدي للقول لـ"جراءة نيوز"، سوق يحكمه الجن في الأردن، وعن الرقيب والحسيب فهو الله وحده.
امجد حماد صاحب معرض سيارات يدافع عن مهنته وممتهنيها بالتأكيد ان جميع السيارات "البلدية" تهبط اسعارها تبعا لما ينزل من "موديلات" أحدث بعدها، أضف لذلك قصة "فحص السيارة".
وعن الفحص فحدث ولا حرج، فمن الأمثلة التي تكررت بالسوق الأردني للسيارات المستعملة ما حدث مع سمير الحجوج الذي اشترى سيارة نوع "تويوتا كامري هايبرد" بلا فحص من صديق له بقيمة 22 ألف دينار، وعند تخمينها للبنك خُمنت بـ16 ألف، وبقيت عنده 4 سنوات، باعها بعد ذلك بـ10.500 دينار، لتاجر، باعها الأخير بقيمة 14 ألف دينار.
وغير هذه القصة كثير من القصص، فأحدهم يفحص سيارة يريد شراءها عند "فحيص"، فيعطيه نتيجة معينة، ويذهب لـ"فحيص" آخر فيجد فحصا مختلفا، ويذهب لثالث فيأخذ فحصا يختلف اختلافا كليا.
صبحي أبو ههضيب، يلفت إلى قضية مختلفة وهي أن المستهلك في الأردن ذو سلوك غريب فالمركبات التي يكثر الطلب عليها، وتصبح متداولة بالسوق، يرتفع سعرها، بدلا من أن ينزل، وهذا لا يحدث في كل بلاد العالم، فالمعروف ان ما كثر تداوله هبط سعره لوفرته.
أمام هذه القصص والمعطيات نجد أن الحكومة لا مكان لها من الإعراب في الرقابة على قطاع في بلد هي من تحكمه، فهي وبحسب تأكيد الناطق باسم وزارة الصناعة والتجارة والتموين ينال برماوي، تعتبر هذا القطاع من السلع غير المحدد التي تخضع للعرض والطلب.
ويضيف البرماوي حرفيا: "هي ليست سلعة أساسية وتعود لمقدرة الناس الشرائية"، علاوة على هذا الرأي الحكومي نجد أن جمعية حماية المستهلك كذلك لا تحرك ساكنا.
حماد يعتبر ان كلفة السيارة على التاجر هي من تحكم السعر فسيارة كلفت 10 الاف "واصلة لعمان" يدفع التاجر عليها جمرك 7 الاف، ويضع هامش ربح الف دينار، فيصبح سعرها 18 ألف دينار، ويقاس عليها كل السيارات.
ويشتكي حماد من تأثير مواقع التجارة الإلكترونية عليهم وعلى قطاعهم؛ فبحسبه فإن أحدهم يعمل في قطاع حكومي او خاص، أو طبيب ويمارس التجارة دون أن يدفع أي دينار أجار محل، أو تراخيص أو غيره، مشددا: "لا مزاجية في السوق والفرق في نظافة السيارة، والفرق لا يزيد على 500 دينار بحسب اضافاتها" .
ويرى حماد ان أي سيارة سعرها تحت ال8 الاف دينار سعرها شبه ثابت ولا تنزل كثيرا، أما التي تزيد على ال10 آلاف تحتاج لقروض بنكية وشركات تسهيلات.
ايمن الدروع، تاجر سيارات آخر يعتبر أن قرار الـ5 سنوات الذي وضعته الحكومة للاستيراد للمناطق الحرة، والذ ينص على منع استيراد سيارات يقل "موديلها" عن 5 سنوات ماضية، سببا في تأرجح أسعار السيارات بالأردن.
ويصب الدروع غضبه على "فحيصة" السيارات، حيث أنهم لا يخضعون للرقابة، مطالبا بإخضاعهم لإدارة ترخيص السواقين والمركبات، بدل أن يكونوا أداة عبث في "أرزاق العباد" تبعا لوصفه.
أمام هذه الحالات يرى مواطنون دورا حكوميا رقابيا ضائعا، يجعل لزاما عليها وعلى كل جمعيات حماية المستهلك بالأردن، وقف فصول هذه القصة التي لا تنتهي.