مع استئناف العلاقات الاردنية السعودية بتأسيس مجلس تعاون مشترك بين عمان والرياض، برزت الرواية الثالثة وقد تكون الرابعة أو الخامسة لتنحية وزير الداخلية القوي سلامة حماد من منصبه "بين ليلة وضحاها”.
التنحية جاءت عقب "ملاسنة” حادة بين حماد والسفير السعودي، إذ قال السفير الامير خالد بن فيصل ان السعودية لا تنسى ما فعله الملك الراحل الحسين بن طلال حين "أطلق لحيته وطلب أن ينادى بالشريف” في اشارة لحادثة يتذكرها الاردنيون جيدا حين غضب الملك الراحل من الجوار السعودي .
حديث الامير خالد جاء وكأنه يبلغ الاردنيين سلفا ان العلاقات السعودية مع عمان لن تغادر منطقة الحذر، الامر الذي استفز الوزير حماد ليجيب بأن على الجوار السعودي ان يتذكر ان الاردن يحمي الحدود السعودية ويجنبه العديد من الويلات.
الحادثة المذكورة وصلت اعلى المستويات وعلى ما يبدو فقد عبر السفير السعودي في عمان عن انزعاجه منها ما جعل الوزير القوي يغادر منصبه بعد ايام معدودة.
الرواية الاخيرة تنامت على حساب روايتين سردهما المقربون من الرجل باعتبار احداهما كانت "القشة الاخيرة” في ولاية حماد التي شابها الكثير من عدم الاتفاق بين الرجل ورئيسه الدكتور عبد الله النسور الامر الذي عبر عنه حماد ذاته بقوله "يريدنا كطلاب المدرسة”.
والجملة الاخيرة نقلت عن حماد في بيت عزاء الوزير الاسبق مروان دودين والذي كان بشهادة الشهود "مكانا خصبا للاشاعات والخفايا السياسية”.
في صيوان العزاء بدا ان امين عمان عمان عقل بلتاجي كان واحدا من "غير الاسفين” على حماد ومغادرته لمنصبه، الامر الذي دعم الرواية التي تقول ان بلتاجي نفسه وكمقرب من الملك عبد الله كان خلف اقالة حماد، والسبب بصورة رئيسية هو "ثأر قديم” عنوانه حادثة "غرق عمان”.
في الحادثة المذكورة بداية الشتاء اذ كان حماد حديث العهد بالوزارة خرج على الشاشات وفند ادعاءات الامانة بصورة كاملة حول جهوزيتها وقدرتها على ابتلاع الامطار، ما جعل بلتاجي في مرمى الجميع من الاردنيين والمسؤولين.
عن هذه الحادثة تحدث المعزّون باعتبارها وضعت الوزير حماد منذ ذلك الحين تحت المجهر من جانب القصر.
الحادثة الاخرى متعلقة بقنوات MBC والتي ضجت البلاد بكونها اعتزمت نقل برنامجين من اضخم برامجها للاردن عوضا عن بيروت في الوقت الذي لم تمنح فيه تراخيص بسبب توظيف "كوافيرات” ايرانيات الامر الذي افقد البلاد استثمارا على الاقل بـ 30 مليون دينار اردني، ما تبين ان الوزير وطاقمه خلفه.
بكل الاحوال، ورغم ان هناك اليوم وزيرا عاملا ومشهود له مثل النائب الاسبق ومدير الامن العام مازن القاضي، بقيت رواية حماد تشغل النخب وتناور فيها خصوصا وهي خلافا لما حصل مع سلف حماد الجنرال حسين المجالي، والذي في حينه تحمل المسؤولية كاملة عما اسماه "ضعفا في التنسيق” قبيل مغادرته، لم ير الاردنيون اي محاولات لابداء رأي متعلق باسباب مغادرة حماد منصبه، وعلى الاغلب لن يروا، ما يترك- كالعادة- الباب مفتوحا للتكهنات.
وان كانت رواية السفير السعودي الاقرب للتأكيد على انها الحلقة الاقوى في ازاحة حماد، لا ضير من اعتبار الروايتين الاخرتين ايضا لعبتا فيها دورا بارزا، ومتزامنا مع رغبة دفينة عند رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور بالتخلص من وزير مناكف ومعارض احيانا، دغدغتها كل الاسباب السابقة ومنحتها المبررات الضرورية.